نجح رهان المعارضة في البحرين فحققت فوزاً مهماً في الانتخابات التشريعية، وحصلت أقوى أطراف المعارضة وهي "الوفاق" على النسبة التي توقعتها قبل الانتخابات، ففازت بستة عشر مقعداً من الدورة الأولى، أما المقعد السابع عشر فإنه محسوم لمصلحتها لأن الإعادة تدور بين متنافسين من "الوفاق" ترشح كل منهما ضد الآخر لخلافات شخصية، وقد ترك لصناديق الاقتراع الحسم لمصلحة أحد المرشحين وهما ميرزا أحمد وسيد مكي الوداعي.
وستدور معركة الإعادة يوم السبت المقبل في الثاني من كانون الأول (ديسمبر) حين ستكون محصورة بين ثلاثة مرشحين من "وعد" هم الشخصية المعروفة عربياً عبدالرحمن النعيمي وابراهيم شريف وعبدالعزيز إبل. وتتوقع مصادر المعارضة أن تكون معركة النعيمي وإبل مضمونة في حين ان ابراهيم شريف يواجه منافسة حامية، وتكتسب معركة الإعادة بالنسبة لهؤلاء الثلاثة أهمية خاصة لأنها ستدور بين "اليسار الوطني" ممثلاً "بوعد" و"المنبر" الامتداد الشرعي لحركة "الاخوان المسلمين".
"هوية" المجلس لم تحسم
إلى جانب هذه الأهمية التمثيلية، فإن نتيجة الثلاثة هي التي ستحسم "هوية" المجلس الجديد. فإما أن تأخذ المعارضة واحداً وعشرين مقعداً فيكون لها الأغلبية على أساس نجاح سامي سيادي في مواجهة ناصر الفضالة، وإما أن تتساوى المقاعد مناصفة فتؤدي هذه النتيجة إلى "مجلس مأزوم" ما يجعل من الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم الأول والأخير، وإما أن تفشل المعارضة في أحد المراكز فيختل الوضع لمصلحة الموالاة، وهنا ستلقى على عاتق الملك إقامة التوازن بين المجلسين التشريعي والشورى، وخاصة انه هو الذي يختار بنفسه أعضاء المجلس الثاني من بين الأسماء المرفوعة له من "الجمعيات" وشيوخ القبائل.
وفي الجهة المقابلة، نجحت قائمة المنبر الإسلامي (الاخوان المسلمين) في إيصال ثلاثة مرشحين من أصل سبعة وانتقل اثنان منهم إلى الدورة الثانية، اما قائمة "الأصالة" "السلفية" ففازت بثلاثة من أصل ستة مرشحين، في حين سيتنافس أحد مرشحيها وهو ابراهيم بو صندل مع السلفي المستقلّ صلاح الجودر.
فشل النساء واليسار والقدامى
والملاحظات الأساسية على تركيبة المجلس المنتخب منذ الدورة الأولى هي:
* غياب قائمة الوحدة الوطنية المدعومة من المنبر الديموقراطي لإيصال أيّ من مرشحيها، وبهذا فإن شخصية معروفة مثل عبدالهادي مرهون سيغيب عن المجلس الجديد.
* أن النساء فشلن بالإجمال في اختراق المجلس رغم وجود 18 مرشحة، علماً أن مرشحة وحيدة فازت بالتزكية عن جزيرة حوار وهي لطيفة القعود، في حين أن شخصية مثل الدكتور منيرة فخرو فشلت في الدورة الأولى في مواجهة النائب السابق القوي عادل المعاودة.
* أن أصوات العسكريين في المراكز العامة لعبت دوراً مهماً في تعديل الكفة في بعض المراكز وخاصة بالنسبة للدكتورة منيرة فخرو التي كانت تجاوزت خصمها بأحد عشر صوتاً حتى جاءت أصوات المراكز العامة الخاصة بالعسكريين وهي ألف صوت فقلبت الطاولة، وبهذا لم تكتمل عملية التغيير المأمولة.
* ان عدداً كبيراً من النواب السابقين قد فشلوا في الدورة الأولى كما كان متوقعاً، ومن أصل 25 نائباً مرشحاً فشل ثلاثة عشر بينهم شخصيات قوية ومعروفة مثل المرهون وجاسم عبدالعال وعبد النبي سلمان وعبدالله العالي، فيما نجح تسعة وبقي اثنان إلى الدورة الثانية.
* ان الطابع الأساسي والفاقع لمجلس النواب البحريني الجديدة هو الطابع الاسلامي فالنواب الجدد سواء كانوا من المعارضة أو الموالاة من الشيعة والسنّة، ينتمون إلى تيارات اسلامية معروفة.
وبناء على هذا الطابع الاسلامي فإن أبرز شخصيات المجلس والرجل القوي فيه سيكون الشيخ علي سلمان ومعه محمد جميل الجمري ابن الشيخ الجمري، الذي خاض معركة سهلة تمثلت بانسحاب خصومه عملياً قبل اقفال الصناديق. وهو كان نائباً في البرلمان الأول واعتقل لسنوات عدة بينما سيكون أبرز وجوه الموالاة والسنّة الاسلاميين عادل المعاودة الذي كان النائب الثاني لرئيس مجلس النواب السابق وجاسم السعيدي وحمد المهندي.
مهما تكن الملاحظات والاعتراضات على الانتخابات التشريعية، فإن أمراً مؤكداً وهو أن البحرين شهدت تجربة ناجحة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.