8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

السيد رضا السيستاني لـ "المستقبل":

آية الله العظمى السيد السيستاني هو أعلى المراجع وخليفة الإمام الخوئي في المرجعية، ويقف إلى جانبه آية الله السيد محمد سعيد الحكيم، وآية الله بشير النجفي وآية الله إسحاق فياض. طبعاً هذا لا يلغي ولا يقلل من أهمية علماء محترمين لهم طلابهم ومقلدوهم.
الإمام السيستاني ومنذ الحرب و"هزة" اغتيال السيد عبد المجيد الخوئي في قلب الصحن الشريف، وما لحقها من حصار لمنازل العلماء الأربعة عندما جاءت العشائر وفكته، يتجنب اللقاءات العامة والكثير من اللقاءات الخاصة، باختصار تبدو حركته محدودة، لكن هذا لا يحول دون بقاء داره مساحة مفتوحة بلا حدود لطلاب العلم والسائلين عن فتاوى لمشكلاتهم اليومية المختلفة وكيفية التعامل مع الأميركيين المحتلين.
وفي قلب هذه الدار، يبدو السيد رضا السيستاني الشاب "لولباً" يتحرك في كل الاتجاهات، ولا يخفي أهل النجف إعجابهم به وبحركته وصبره على مواجهة كل هذه الأعباء حتى وإن كان يوجد حوله جيش من المساعدين من الشيوخ والسادة. والسيد رضا يمتنع عن اللقاء بالصحافة، فهو لا يريد الدخول في جدالات ومناقشات في وقت لا تبدو فيه الأوضاع واضحة ولا ثابتة في ظل انفتاح النجف على حالة جديدة.
والواقع ان مقابلة السيد رضا السيستاني اقتضت مناقشات طويلة بعضها جرى في الزقاق الذي تقع فيه الدار وبعضها الآخر في الداخل. ذلك ان الوقوف ولو لساعات امام باب الدار لا يعني الولوج إلى داخلها. فلكل شيء وقته والوقت حالياً هو للطلاب العائدين بلا خوف. وفي الحوار الذي جرى بحضور شخص جلس بعيداً جداً في القاعة، وكان دوره المراقبة والحماية وليس المتابعة والسماع، تكلم السيد رضا ضمن حدود ما يسمح به الوضع وبلغة أهل النجف الخارجين بعد أربعين عاماً إلى الهواء الطلق. وقد رفض تسجيل حديثه، ورفض تصويره لأن الطلبات في هذا الشأن لا تحصى ولا يريد ان يقع ولو في استثناء للقاعدة العامة بعدم التصوير.
وهنا نص الحديث مع السيستاني الذي أكد ان لا تنافس بين النجف وقم، وإن كان يعتبر ان التعددية على مستوى الحوزات هي في سبيل الإغناء، وأن ظروف العراق لا تسمح بتطبيق نظام الحكومة الاسلامية المتبع في إيران ولا ولاية الفقيه، مشدّداً على رأي الإمام السيستاني: إذا جاءك جندي أميركي طالباً شراء حاجة، بعهُ ما يريد، ولكن وأنت تسلمه ما اشتراه قل له بلطف: متى ترحل عن أرضنا؟
هل تستعيد النجف وحوزتها الدور الريادي والمركزي بعد سنوات طويلة من تحول المركز إلى مدينة قم وحوزتها؟
ـ عندما تتبدل الظروف في العراق، سيعود للنجف دورها ومكانتها وإشعاعها.
ولكن نظام صدام حسين انتهى، ألا تتوافر الظروف المناسبة الآن؟
ـ نحن حالياً نمرّ بمرحلة انتقالية، كما تلاحظون وتعرفون لم تستقرّ الأمور بعد. والعلم وطلابه كلٌ يحتاج إلى الاستقرار والأمن وتوافر الإمكانات من أمكنة للإقامة والدراسة والكتب.
وما هو حال النجف والحوزة الآن؟
ـ لقد مرّت النجف في أدوار من النشاط. في السنوات الأخيرة ولا سيما سنوات الحرب العراقية ـ الايرانية، لم يكن يوجد طلاب، والوافدون كانوا قلة نادرة خاصة من الدول الاسلامية، والذين كانوا من خارج العراق من عراقيين وغيرهم توجهوا إلى الجهات الأخرى أي إلى الحوزات المنتشرة وغير المحصورة بقم، وأنتم تعرفون ان ثمة حوزات منتشرة في مشهد وغيرها. الآن بدأ الطلاب يتوافدون رويداً رويداً، ذلك ان مساحة العمل محدودة.
قبل سقوط صدام، جاءني أحد رجال المخابرات وقال لي ان تلفزيون "الجزيرة" يريد ان يعمل برنامجاً عن الحوزة في النجف بعد أن أخرج تحقيقاً عن الحوزة في قم، ونريد أن تتحدث في هذا البرنامج، فقلت له: عما أتحدث، عن مجد سابق أم عن حاضر تعيس؟، لا مجال للمقارنة بين الحوزتين في النجف وقم. فهنا كتاب صغير لا يُسمح به. في قم تتم طباعة أفضل الكتب وعشرات أخرى في أفضل طباعة وإخراج.
أنظر وأنت داخل إلى النجف، لا شك رأيت أبنية كثيرة. لقد بنوا فنادق ولم يبنوا مدارس.
وما هي مشاريعكم للمستقبل؟
ـ بكل تأكيد سنوسّع دورها ونشاطاتها. فالسيد الوالد السيستاني ليس له هنا مؤسسة بينما في قم توجد مدارس وجمعيات ومراكز تابعة له، إلى جانب أكثر من300 منزل للطلاب. نحن ننتظر الظروف المؤاتية لإنشاء المجمعات وبناء المدارس.
هل هذا النشاط سيؤدي إلى استعادة النجف دورها الذي أخذته قم بسبب الظروف المعروفة؟
ـ لا يوجد تنافس، التعددية هي في سبيل الإغناء. إستعادة النجف إشعاعها لا تسحب شيئاً من قم. لكل مكانته ودوره ونحن بحاجة إلى الحوزات والطلاب.
عندما تتحدثون عن إعادة إنماء النجف وحوزتها في إطار التعددية، فهذا يعني أن النجف ستستعيد النقاش حول ولاية الفقيه، فما هو موقفكم منها خصوصاً أن الإمام السيستاني لا يأخذ بها؟
ـ لا نجد أي مشكلة، فالحوزة مفتوحة. من يريد أن يأتي فليأتِ. ومن الممكن وجود فقهاء يؤيدون ولاية الفقيه.
وهل يمكن الأخذ بالنظرية وتطبيقها في العراق؟
ـ الظروف في العراق مختلفة. الاسلاميون يرَون انه لا يمكن تطبيق نظام الحكومة الاسلامية في العراق. أذكر ان السيد عبد الأعلى السيزواري الذي توفي بعد الإمام الخوئي، وكان أحد المراجع الاجلاء ومع ولاية الفقيه قال: "عندما تكون الأمور مهيّأة يتم تطبيقها"، والظروف في العراق غير مهيّأة.
توجد مشكلة حالياً في النجف اسمها السيد مقتدى الصدر؟
ـ لا مشكلة بهذا العنوان، وما يقوله هو نظرية من المرحوم والده السيد الصدر الثاني الذي كان له مريدوه ومقدّروه.
تقولون لا توجد مشكلة. ومقتل السيد عبد المجيد الخوئي؟
ـ لم أكن شاهداً!
عدم وجودكم وتوافر شهادتكم ألا يعني سحب أي موقف لكم مما حدث خصوصاً انه وقع في الصحن الشريف؟
ـ تعرفون قدسية الصحن الشريف، ومن يمارس هذا الفعل لا يمكن ان يكون محسوباً على التشيع. انهم أشرار!
ما هي حقيقة الفتوى التي نسبت إلى الإمام السيستاني حول القوات الأميركية؟
ـ السيد السيستاني لم يذكر شيئاً بشأن القوات الأميركية منذ تاريخ دخول هذه القوات. نحن نرفض وجود هذه القوات الأجنبية على الأرض العراقية. لقد جاءني عراقيون يسألون: ما العمل اذا جاءنا جندي أميركي أو غيره طالباً شراء حاجة له مثل زجاجة كوكا كولا، هل يجوز ذلك شرعاً؟، قلنا له بناء على رأي السيد السيستاني: بعهُ ما يريد، ولكن وأنت تسلمه ما اشتراه قل له بلطف: متى ترحل عن أرضنا؟ لقد أردنا من هذا السؤال البسيط أن يشعر هذا الجندي أن وجوده هنا فوق أرضنا غير مرغوب فيه.
وكيف ترون الحكومة المقبلة للعراق؟
ـ نحن نعتقد أنه يجب ان يفسح المجال للعراقيين ليحكموا بلادهم بلا تدخل ولا تسلط أجنبيين ولو للحظة. التسلط مرفوض. العراقيون يحسنون التحاور ويحسنون الاتفاق على كيفية الحكم. كل ما يجري من هيمنة أجنبية وتسلط هي الموانع أمام الاتفاق، ويجب ألا يقع ذلك، وأن يتم العمل لتجنبه ومنعه!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00