8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الشيخ الوكيل الأمين العام لحركة الوفاق الإسلامي:

الشيخ الوكيل، هو الأمين العام لحركة الوفاق الاسلامي في العراق، التي تأسست مثل معظم الحركات الاسلامية الشيعية المنشأ في مطلع الثمانينات بتأثير مباشر من الثورة في إيران والقمع الدموي الذي لجأ اليه النظام في العراق مع اشتعال الحرب الايرانية ـ العراقية. وقد نشأت الحركة للاهتمام أولاً بالمهجرين العراقيين الذين طردهم النظام العراقي في حملة منظمة ضد كل من كانت جذور أهله في ايران ولو قبل آجيال عدة. ثم تحولت الى حركة الوفاق الملتزمة خط الامام الشيرازي المختلف مع ايران، فاضطر اركانها للهجرة مجدداً الى دمشق.
والخطاب السياسي الذي تقوم عليه الحركة هو على لسان امينها العام "تصالحي وفاقي يشدد على قيام حكومة ديموقراطية تستند إلى التعددية الدينية والقومية والسياسية، وتكون قادرة على تلبية طموحات الشعب العراقي وبناء عراق آمن، مستقل ومستقر. هذه طموحاتنا ونسعى كذلك لإنهاء مرحلة وجود القوات الأميركية، لكن عبر الحوار والتفاهم وعبر التأكيد على حفظ المصالح المشتركة واستقلال القرار العراقي".
هل تعتقدون بوجود مرحلة زمنية محددة لبقاء القوات الأميركية، أما الأمر مفتوح على حقبة طويلة؟
أنا أعتقد أن الزمن مرهون بالتطورات الأمنية والسياسية في المستقبل في العراق. هذه التطورات ستتحكم بزمن وجود القوات الأميركية في العراق، الآن أغلبية الشعب العراقي الساحقة ترغب برحيل القوات الأميركية لأن الشعب العراقي يعتقد أن وجود القوات الأميركية هو السبيل الوحيد، لا سيما في ظل هذه الفوضى، لاستتباب الأمن والحفاظ على مصالح العراق ومنع أي سلطة فردية من السيطرة على مستقبل العراق.
لكن من شأن الوضع الأمني المتسيب ان يؤدي الى اقتناع الناس ببقاء الأميركيين، فيتابعون هذه السياسة بطريقة أو أخرى ويستمر بذلك وجودهم ويطول.
ـ استمرار الوضع على هذه الحال ستكون له انعكاسات سلبية على العلاقة الأميركية ـ العراقية إدارة وقوة. وأعتقد ان هذا تدركه الإدارة الأميركية جيداً. الشعب لا يمكن أن يتحمل الفوضى لفترة طويلة. الشعب لا يمكن أن يتحمل غياب الأمن لفترة طويلة. الفترة الماضية كانت فترة قلقة بالنسبة للشعب العراقي، ولا يمكن لشعب أن يتحمل أكثر من هذه الفترة التي مضت. أما بالنسبة للمستقبل فان الشعب العراقي يعتقد أن بقاء هذه القوات في العراق ضمانة لعدم تدهور الوضع ولعدم استغلال بعض القوى داخل العراق ذلك للهيمنة على مشروع السلطة السياسية في المستقبل.
أي ان الكلام على المقاومة ضد القوات الأميركية هو غير واقعي في ظل الوضع الحالي؟
ـ سمعنا عن بعض التحركات البسيطة، وهي في الواقع ليست توجه الشارع العراقي بمجمله، إنما الجميع في الشارع العراقي يلمس أن الشعب العراقي ليس مع بقاء القوات الأميركية الى ما لا نهاية، إنما في هذه المرحلة الشارع العراقي يشعر بحاجة الى وجود قوات أميركية لحفظ الأمن ولتطوير الوضع الأمني ولحفظ المستقبل السياسي للعراق.
يوجد قلق حقيقي لدى العرب السنة ازاء هيمنة شيعية، وهذا يمكن أن يؤدي الى مواجهات وحرب أهلية أو أن بذور فتنة أهلية يجري زرعها وهي موجودة في الأرض، فما هو موقفكم؟
ـ هذه بيانات إعلامية أطلقها نظام صدام قبل سقوطه لإخافة المنطقة والأبناء السنة في داخل العراق والتصوير ان المستقبل سيئ لهم، ولكن ما حدث هو خلاف ما كان يشاع. الأخوة السنة يعيشون بأمن وأمان بين إخوانهم الشيعة ولهم كل حقوقهم. والشيعة يطالبون ليس فقط بحقوقهم وإنما يطالبون بحق السنة في العراق، وهم سيكونون سنداً لإخوانهم السنة كما سيكونون سنداً لكل العراقيين مهما كان مذهبهم أو ديانتهم أو قوميتهم أو لغتهم.
قيل لي إن جامع 14 رمضان بالأعظمية جرى الإستيلاء عليه من جماعات شيعية فما هو رأيك؟
ـ تحدث هناك بعض التصرفات الفردية وهذه لا تعكس التوجه العام للشارع العراقي الشيعي أو السني. مثلاً بعض الإخوة السنة أخذوا في زمن النظام أرضاً في كربلاء من قبل النظام وهي كانت تابعة للشيعة وكان على هذه الأرض حسينية. والنظام هدم هذه الحسينية وجاء بعض الإخوة السنة وبنوا مسجد الإمام الحسن عليها. هذا لا يعني أن التوجه السني هكذا وليست هذه دلالة على التوجه السني بطائفية نحو الشيعة، إنما هي تصرفات فردية من بعض الإخوة السنة أو بعض الإخوة الشيعة. لكن التوجه العام هو بخلاف ذلك، التوجه العام هو الحفاظ والدفاع عن الإخوة الإسلامية بين كل المذاهب الإسلامية وهذا ما حدث بالفعل. وهناك إحساس وارتياح كبير لدى الشارع السني في العراق، وقد أعلنوا ذلك عبر كل الشخصيات السياسية والدينية ويلمسه كل إنسان قريب أو بعيد من الساحة العراقية.
الخطر الثاني أو التخوف الثاني هو أن تدعو المنظمات الاسلامية إلى قيام جمهورية إسلامية في العراق على مثال الجمهورية الاسلامية في ايران. ما هو موقفكم من ذلك وهل تعتقدون أنه يمكن استنساخ جمهورية إسلامية في العراق؟
ـ الحقيقة ان التوجه الفكري والسياسي لكل الحركات الاسلامية التي تعمل في العراق هو إقامة نظام ديموقراطي يعتمد الإسلام مصدر تشريع أساسي للسلطة، ولم تدع حركة من هذه الحركات إلى تشكيل حكومة إسلامية. الكل يعتقد ان المرحلة تقتضي حكومة ديموقراطية تعتمد التوجهات الدينية والقومية والسياسية، لذلك لا يوجد أي توجه مثل هذا التوجه، والقضية مرهونة لإرادة الشعب في المستقبل وما ينتج من انتخابات حرة نزيهة. اذا الشعب انتخب نوابه في البرلمان وقرّروا نوع الحكم الذي يدير دفة الحكم في العراق، فالكل سيحترم إرادة الشعب العراقي. نحن حالياً نؤكد ان المرحلة تتطلب حكومة ديموقراطية قائمة على التعددية الدينية والقومية والسياسية.
الكلام يدور الآن حول أن النجف يجب أن تستعيد دورها ومكانتها من قم، لأن قم أخذت هذا الموقع بسبب نظام صدام حسين ووجود الإمام الخميني كمرجع وكقائد مقبول، ماذا تقولون في هذا؟
ـ قضية استعادة النجف وكربلاء دورهما لا يعني أن نسترجع سلطة من قم. قم حوزة مهمة ومركزها مهم. والنجف وكربلاء ستكونان أيضاً محطة مهمة في الحوزة العلمية الدينية بالتالي سيكون هناك تنوع في المناهج وتنوع في الأفكار. وتعدد هذه الحوزات نقطة مضيئة في الوضع الحوزوي وهي حالة صحية وليست حالة سلبية.
لكن استعادة النجف لموقعها مترابط ايضاً أو متداخل مع استقلالية المراجع أي ان يكون هناك مراجع عدة لا يتفقون مع ولاية الفقيه ويختلفون مع الجمهورية الاسلامية. يقال ان هذه القضية متداخلة في النجف أي يدخلون النجف ويستعيدون استقلاليتهم عن النظام الايراني وولاية الفقيه ومرجعية المرشد؟
ـ ليس كل من يسكن النجف أو سيسكنها سيكون مخالفاً للجمهورية الاسلامية، هناك مؤيد وهناك مخالف.
ليس مخالفاً؟
ـ ولن يكون حتى كل من يسكن النجف يسعى للخروج عن هيمنة ولاية الفقيه. انما في النجف هناك علاقة بين علماء الدين، علاقة تاريخية بين العلماء والنجف وكربلاء.
هناك اعتقاد أن النجف لا بد أن تكون حوزة علمية مهمة، وكربلاء لا بد أن تكون حوزة عملية مهمة. وبعيداً عن التوجه الفكري والسياسي، لكل علماء الدين، هناك دافع رئيسي لدى علماء الدين لأن يتوجهوا إلى النجف وكربلاء بحيث تكونا محطتين مهمتين للحوزة العلمية الدينية.
في الكلام عن المرجعية التقليدية والمرجعية الناطقة، يُقال ان هذا الخلاف الأساسي، وهو يؤدي إلى خلافات داخل الحوزة في النجف، وحتى مقتل الخوئي، يتم ربطه بهذا الخلاف. ما رأيك؟
ـ لا توجد مرجعية بهذا التحديد الذي تفضلت به، انما طبيعة المرجعيات تتنوع في فكرها السياسي.
المرجعية الناطقة أيضاً تتباين في طريقة تعاطيها وطريقة تعاملها، والمرجعية الصامتة أيضاً تختلف في طريقة تعاطيها، فالقضية ليست قضية صامتة أو ناطقة، انما هو اختلاف في المباني الفقهية التي يعتمد عليها الفقيه في طريقة التعاطي مع أي حدث سياسي أو ديني معين. فمن هذا المنطلق هناك اختلاف في المواقف الدينية والمواقف السياسية لكل الفقهاء ليس لاعتماد هذا ناطق وهذا صامت، انما حتى الناطق يكون له رأي مختلف عن الناطق الآخر، والصامت يكون له رأي مختلف عن الصامت الآخر.
القضية لا تنقسم إلى صامت وناطق، انما طبيعة المرجعية تختلف لأن المشارب الفقهية والمباني الفقهية التي يعتمد عليها كل فقيه تختلف عن المباني الفكرية الأخرى التي يعتمد عليها الفقيه الآخر.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00