يرى مصدر مطلع في باريس ان تعدّد السيناريوات العسكرية للحرب الأميركية ضد العراق يتجاوز التوقعات، لكن ذلك من طبيعة حرب معلنة مسبقة. ويذكّر المصدر الذي تابع حرب "عاصفة الصحراء" العام 1991 ضد العراق بالكمّ الهائل من السيناريوات التي لم يتحقق منها واحد بكامله، علماً ان النتائج فاقت التوقعات إذ لم يخسر الجنود الفرنسيون قتيلاً واحداً، وبقيت الخسائر الأميركية أقل بكثير مما قدّرت أكثر التوقعات تشاؤماً، حتى أصبح الشعار الكبير لهذه الحرب وما جاء بعدها "حرب الخسائر الصفر".
ويتابع المصدر نفسه أنه "خلال حرب الخليج الأولى، تركزت معظم السيناريوات على الغزو البحري لقوات التحالف الدولي من الكويت. وزيادة في تأكيد هذا السيناريو، فإن هذه القوات قامت بمناورات بحرية عدة ظهرت في الإعلام الموجّه من القيادة الدولية، وتركزت جميعها على عمليات إنزال بحرية. وقد بدأت الحرب وانتهت ولم يتحرك زورق واحد، ولم ينزل جندي واحد من البحر على شطّ العرب. وما ذلك إلا لأن القيادة العليا للتحالف الدولي برئاسة الجنرال شوارزكوف اختارت سيناريو "المطرقة الجوية"، بأسلوب وإمكانات غير مسبوقة، لا تشبهها عملية قصف مدينة درسدن الألمانية، علماً ان قصف العراق استمر أربعين ليلة في حين ان عملية درسدن استغرقت ليلة واحدة".
ويشير المصدر إلى ان هذا الأسلوب في رمي السيناريوات الحربية، والرد عليها بسيناريوات مضادة، هو من طبيعة "الحرب النفسية" التي يشنها الخصمان في الحروب، سواء لتشتيت دفاعات الخصم وضربه في "نقطة أخيل" وكسب الحرب، أو لمفاجأته في مواقع دفاعية لم يتوقعها الطرف الآخر. وهذا كله يُعرف بإقامة "ستار من الدخان" يحجب الرؤية وبالتالي التوقعات الممكنة.
وفي هذه الحرب المعلنة من الولايات المتحدة ضد العراق تتمحور السيناريوات في ثلاثة:
ـ قصف جوي وصاروخي بري وبحري، بحجم ثلاثة آلاف صاروخ في الليلة الواحدة، على مئات الأهداف لتفكيك وحدات الجيش العراقي، وإلغاء كل وسائل اتصالاته، وذلك باستخدام قنابل جربت في أفغانستان ويوغوسلافيا وطوّرت بعد ذلك تبعاً للنتائج التي حققتها. ومن ثم تتقدم قوات برية أميركية لحصد النتائج أمام جيش ضعيف ومنهك ومفتّت.
ـ التركيز على عمليات الوحدات الخاصة عقب عمليات القصف المركّزة، ولذلك تم استقدام أفضل الوحدات العاملة في مجالي الانزال والعمليات الخاصة، لكن مشكلة هذا السيناريو حسب الجنرال ميشال روكجوفور قائد الوحدة الفرنسية خلال حرب الخليج الأولى انه يتطلب وقتاً طويلاً يتجاوز أسابيع. والسؤال هل ان الأميركيين مستعدون لذلك وخصوصاً في ظل دخول العراق مرحلة المناخ الحار والرطب.
ـ الجمع بين كل ذلك، أي القصف الجوي والبحري والصاروخي مع تقدم وحدات بحرية ضخمة (عشرات الآلاف من الجنود) والقيام بعمليات خاصة. والعائق هنا الخسائر المرتفعة المتوقعة والتي اختصر نتائجها الجنرال هودار قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي المعارض للحرب (مثله في ذلك مثل الجنرال شوارزكوف والجنرال أنطوني زيني ولأسباب عسكرية صرفة) الذي يقول: هناك شيء وحيد اعتبره كابوساً حقيقياً، وهو وقوع مواجهة بين ست فرق في الحرس الجمهوري معززة بست فرق من المدفعية وآلاف المدافع المضادة للطائرات وكلها متحصنة في قطاع بغداد، والنتيجة ان الخسائر ستكون مرتفعة من الجهتين وخصوصاً من المدنيين.
وبين السيناريوات الجديدة التي خصّ بها "المستقبل" مصدر عسكري مطلع، ان الأميركيين الذين يستخلصون ويطوّرون أسلحتهم تبعاً للحروب التي يخوضونها أو تلك التي يخوضها غيرهم، سيستخدمون أسلحة جديدة في بغداد تؤدي إلى شلّ الأفراد وتدخلهم في غيبوبة وتستمر ساعات يعمدون خلالها وبواسطة فرق الكومندوس المدعومة بقوات يتم إنزالها بكامل تجهيزاتها من مدرعات وغيرها بواسطة عشرات طائرات "الهليكوبتر" إلى تجريد كافة القوى من عسكرية ومدنية من سلاحها، وعندما تستيقظ المربعات داخل بغداد التي جرى احتلالها وتطهيرها من دون خسائر نسبياً، ستكون المفاجأة مذهلة بحيث ان العامل النفسي سيشل الرغبة أو الإرادة بالمقاومة لدى أي طرف، فضلاً عن ان قطاعات واسعة من المدنيين العراقيين سيرحبون بهذه القوات الأميركية التي تضم في صفوفها مئات العراقيين الذين درّبوا في بلغاريا وبولندا وتشيكيا لمهمات الإرشاد والترجمة.
وعن الأسلحة التي سيعتمدها الأميركيون في تحقيق هذا الإنجاز العسكري الفريد من نوعه، يقول المصدر العسكري المطلع ان الأميركيين سوف يستخدمون نوعين من الأسلحة، الأول أنواع من الغازات المطوّرة التي أثبتت عملية مسرح موسكو فاعليتها وخصوصاً إذا استخدمت بمقادير معينة تشلّ ولا تقتل وأسلحة إلكترونية توجّه ذبذبات معينة، وهذا السلاح الأخير سيجري استخدامه للمرة الأولى في حروب القرن الحادي والعشرين.
ولتأكيد ما يذهب إليه، يذكر المصدر المطلع بعملية إنقاذ الرهائن الأميركيين الفاشلة في طهران "فتلك العملية فشلت بسبب الحادث الجوي في صحراء طبس" الإيرانية، ولو لم يقع هذا الحادث كانت الخطة العسكرية الأميركية الجوية تقضي في جزء أساسي منها بإدخال مجموعات الحرس والرهائن داخل السفارة إلى جانب المربع السكني المحيط بها، في غيبوبة كاملة عبر استخدام أسلحة جديدة في تلك الفترة، وذلك تمهيداً لنقل الرهائن وقيادات الحرس والطلاب الذين كانوا في السفارة إلى ملعب بلدي قريب تمركز فيه قوات الكومندوس الأميركية المكلفة إنجاز أدق مرحلة في العملية.
وينهي المصدر سيناريو الحرب الأولى في القرن الحادي والعشرين بالقول: "من الطبيعي ان القوات الأميركية التي كان لديها إمكانات عسكرية لإدخال سكان مربع السفارة الأميركية في طهران، في غيبوبة طوال الوقت اللازم لنجاح العملية قد نجحت خلال 22 سنة في تطوير هذه الأسلحة وفي ظل الاستفادة من الحروب التي وقعت خلالها وخصوصاً في يوغوسلافيا وأفغانستان، وإذا ما حصل ذلك فإن الحرب ستنتهي في عشرة أيام، ويصبح الكلام الأميركي عن التغيير شبحاً يشلّ الخيارات العسكرية لأي طرف من الأطراف".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.