8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

89% من الفرنسيين يؤيدون سياسة شيراك ضد الحرب

بعد "منطق السلام" الذي اتبعه الرئيس الفرنسي جاك شيراك لسحب الشرعية عن الحرب على العراق وإخفاقه في منعها، تعيش فرنسا على وقع اجماع شعبي ورسمي من الموقف الرسمي الرافض للحرب لم تشهده في تاريخها. فقد قفز التأييد هذا مع الساعات الأولى لبدء الحرب ثماني نقاط فبلغ 89 في المئة، والذين يعارضون هذا الموقف، يتوزعون على اقليتين: الأولى تخاف دمج هذا الموقف مع عملية تأييد للنظام العراقي واستمرار بقائه والقلق من نمو الشعور الفرنسي المعادي للولايات المتحدة والثانية مجموعات مرتبطة بموقف الحكومة الاسرائيلية ودعاوى الخوف من نمو معاداة السامية.
ولعل ابرز ظاهرة شعبية فرنسية عرفتها مختلف المدن ولا سيما باريس، نزول طلاب المدارس المتوسطة الذين لا تتجاوز سنهم الخامسة عشرة الى الشوارع والساحات تلقائيا من دون دعوات هيئات حزبية او نقابية، علما ان مختلف الاحزاب اليسارية دعت الى تظاهرة على ان تحمل اعلاما بيضاء رمزاً للسلام لا الاستسلام.
وكان ابرز التظاهرات العفوية، اولى توجهت الى ساحة الريبوبليك (الجمهورية) والثانية الى ساحة الكونكورد، حيث مقر السفارة الاميركية، وأجمعت الهتافات على رفض الحرب، وكان ابرز شعار انتجته مخيلة المراهقين الفرنسيين تحوير اسم بوش الى "بوشريه" أي المجزرة.
ولفت الأنظار في هذا الاجماع الشعبي، قرار اتحاد اذاعات الكنيسة الكاثوليكية في اوروبا، التوقف عن البث دقيقة صمت احتجاجاً على الحرب على العراق، والمعروف ان اتحاد الكنائس يضم 650 اذاعة في 17 دولة اوروبية. وعدد الاذاعات الفرنسية فيها 51 محطة. وجاء في بيان هذه الاذاعات ان "هدف توقفها هو التعبير عن تضامنها وتوجيه صلواتها الى ضحايا الحرب ايا تكن هُويتهم".
ويسود الخطاب السياسي الفرنسي بُعْيد العمليات العسكرية، الانخراط في "منطق ما بعد الحرب". ولذلك فان كيفية تضميد جراح الحرب في العراق من جهة، واعادة "اللحمة" الى الأسرة الدولية، هما الان المحرك الاساسي لحركة الديبلوماسية الفرنسية. وكما اكدت باريس دوما ان الولايات المتحدة الاميركية تستطيع ان تشن الحرب بمفردها لكنها لا يمكنها مواجهة مرحلة ما بعد الحرب وحدها. ولذلك فإنها في حاجة إلى المجتمع الدولي والامم المتحدة خصوصا، فإنها صاغت مسار حركتها السياسية في اطاره.
الرئيس جاك شيراك، وضع اطاراً عاماً لمسار الموقف الفرنسي لمرحلة ما بعد الحرب، والتي تمنى الا تطول وان تكون خسائرها محدودة وخاصة أنها ستكون وخيمة العواقب في المستقبل. وأبرز هذه المبادئ "تغليب القانون والعدالة والحوار بين الشعوب واحترام الآخرين".
وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان ترجم هذا التوجه للرئيس شيراك في دعوة مزدوجة، تؤكد ان استمرار الاحتكاك الفرنسي ـ الاميركي مستمر، برغم دعوات "ضرورة اعادة اللحمة بين الحلفاء".
الموقف الاول تمثل في الدعوة الى عقد مؤتمر دولي حول الشرق الاوسط على عجل، لفتح افق سياسي جديد يحقق تطلعات الشعب الاسرائيلي في الامن وحاجة الشعب الفلسطيني لاقرار العدل". وبذلك اعاد دوفيلبان "تصويب" مسار الحركة السياسية في المنطقة باتجاه اساس النزاع وهو النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، مستبقا الحركة السياسية الاميركية وخاصة في دعوته الى نشر خارطة الطريق"، وكل ذلك لتجنيب منطقة الشرق الأوسط دخول دوامة الكراهية واللاتسامح والعنف".
أما الموقف الثاني فهو التشديد على ان ما من دولة تملك وحدها وسائل بناء مستقبل العراق. وقد شدد برنار فاليرو مساعد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية على ان العراق يجب ان يبقى للعراقيين الذين يجب ان يتمكنوا سريعا من استعادة سيادتهم، مضيفا ان الامم المتحدة وحدها تملك الشرعية الدولية للحصول على تفويض يسمح بتشاور الاسرة الدولية والتنسيق بينها حول مسائل احلال الاستقرار في العراق واعادة اعماره.
وهذا الموقف يشكل موقفاً مضادا للموقف الاميركي الذي يستعد لتسليم الادارة المدنية في العراق ما بعد الحرب الى الجنرال المتقاعد جاي غارنر الصديق الشخصي لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد.
فرنسا، هادئة ومطمئنة، فهي ليست في حال حرب لكن ذلك لم يمنع المسؤولين من رفع درجة الأمن من أجل طمأنة الفرنسيين على امنهم واقتصادهم.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00