بيّن تقرير عن مستشفى البترون مدى تراجع الخدمات التي يقدمها، فضلاً عن مظاهر فاضحة في أوضاع المستشفى، خصوصاً على المستوى الإداري، والمالي، والجهاز الطبي.
جاء ذلك في تقرير وضعته الهيئة الإدارية لمستشفى البترون عن أوضاع المستشفى، وكيفية تنفيذ الخطة الإصلاحية، بناء لطلب مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وعدد تقرير الهيئة الإدارية عن أوضاع المستشفى مظاهر الخلل، فتحدث عن ترهل إداري، وإدارة غير قادرة، وتراكم مبالغ كبيرة متوجبة على المستشفى تقدر بنحو 10 مليارات ليرة، وعدم تقيّد الأطباء بالأنظمة المرعية والاتفاق في ما بينهم للاستفادة من المستشفى.
وتساءلت الهيئة عن النية بالاستمرار في المستشفى "خصوصاً أن مشاريع القرارات المرفوعة الى مجلس إدارة الضمان لم يتم إقرارها لا سيما موزانة المستشفى لعام 2004".
وأورد التقرير عدداً من المعوقات التي حالت دون تطبيق القرارات التي اتخذتها الهيئة الإدارية في إطار الخطة الإصلاحية.
ورأت أن مستقبل المستشفى مرهون بإعطائها الاستقلالية الإدارية والمالية وتغيير المدير الحالي وخفض التقديمات للموظفين، وإعادة النظر بالأطباء، وتنفيذ الخطة الإصلاحية رزمة واحدة.
وقالت "لقد تبيّن من خلال الدراسات التي أعدّها صندوق الضمان وجود وفر يقارب 250 ألف ليرة في فاتورة المريض الواحد في مستشفى البترون"، مشيرة الى "ربح تشغيلي تحققه المستشفى يضيع من كثرة الأعباء المدفوعة وغير المحتسبة".
وأوضحت أن تكلفة التخلي عن استثمار مستشفى البترون ستحمّل صندوق الضمان أعباء مالية ناتجة عن استثمارها في السنوات الثلاثين الماضية تقدر بنحو 10.44 مليارات ليرة.
وتنشر "المستقبل" في حلقة لاحقة "تنفيذ الخطة الإصلاحية" التي قدّمتها الهيئة الإدارية الى المعنيين في الضمان الاجتماعي.
ويشير التقرير من الناحية الإدارية الى أن الترهل الإداري الموجود والمتأصّل في المستشفى، والأعباء الإدارية التي تتحملها المؤسسة جراء الموظفين غير الكفوئين، إضافة الى الإدارة غير القادرة على قيادة المؤسسة، جعل المستشفى ترزح في الفترة الأخيرة تحت وطأة الأعباء المالية الكبيرة.
وعلى الصعيد المالي جاء في التقرير: إن الأموال المتراكمة على المستشفى للصندوق بدل اشتراكات للفروع الثلاثة والبالغة حسب كشوفات الضمان الأخيرة 4.550 ل.ل. وتسويات نهاية الخدمة والبالغة 1.562 ل.ل. إضافة الى المساعدات، والسلفات، والإمدادات التي قدمها الصندوق للمستشفى، والخسائر المتراكمة من السنوات السابقة جعلها ترزح تحت هذه الأعباء، والأمر الأساسي الذي يجب التوقف عنده في هذا المجال القيم الكبيرة للمشتريات، والرواتب، والأعباء المالية الأخرى، جعل الأوضاع المالية فيه تصل الى هذا الدرك الكبير.
وذكر التقرير أن مجموع الديون على المستشفى بلغت نحو 10 مليارات ليرة.
أما من الناحية الطبية، فيشير الى أن بعض الأطباء في مستشفى البترون "هم عبارة عن مجموعات متّفقة في ما بينها للاستفادة من المستشفى بالحد الأقصى، دونما مراعاة للأوضاع التي ترزح المستشفى تحتها. ولا يجب أن نخفي أن العدد الكبير للأطباء في لبنان جعل الأطباء في مستشفى البترون يتكتلون للمحافظة على مكتسباتهم، ومخالفة الأنظمة في المستشفى، من دون أن يتم تطبيق هذه الأنظمة أو حتى التذكير بها لهؤلاء، مثل عدم جواز للطبيب المتعاقد مع المستشفى بأن يكون له عيادة ضمن دائرة محددة، وهذا الأمر يقع في خانة الإدارة المالية، والمديرين المتعاقبين على هذه المؤسسة".
وعن معوقات العمل في المستشفى يقول التقرير "حاولت الهيئة الإدارية وفي أماكن عديدة أن تقوم بعملية تنفيذ لخطتها، إلا أنها كانت دائماً تصطدم بعدم القدرة على التنفيذ من قبل الإدارة، بحجج عديدة".
وأشار إلى أن مشاريع القرارات المرفوعة من قبل الهيئة لم يتم إقرارها من مجلس الضمان لا سيما الموازنة الذي بحثت في مجلسكم ثلاث مرات، وتم التعديل عليها بالمطلوب من قبلكم، وقد اقترنت مؤخراً برأي اللجنة الفنية الايجابي، ولم يتم إقرارها حتى تاريخ 14 حزيران 2004، ناهيك عن ما قيل ويقال بحق هذه اللجنة من أنها غير منتجة، وتم تشكيلها مراعاة لبعض النافذين، وما يمارس على المستشفى من قبل البعض مراعاة لموظف أو آخر، والتي تجعل العمل الإداري الداخلي، على رأي المثل الشعبي "ابن ست، وابن جارية" والذي ينعكس سلباً على الأداء الداخلي، وتصبح الأقسام العاملة محميات.
وأورد التقرير بعض الأمثلة على التجاوزات منها على سبيل المثال:
لجنة المشتريات:
تم تشكيل لجنة للمشتريات، لم تقم حتى الآن بأي عمل، لعدم وجود شخص فيها يقوم بدراسة العروض، وقد قامت الهيئة الإدارية بعملية دراسة للعروض المقدمة لشراء المعدات، لعدم وجود شخص قادر على القيام بهذه المهمة.
المحاسبة:
طلبت الهيئة من رئيس المحاسبة إعداد توصيف وظيفي لموظفي القسم منذ شهر شباط من العام 2004، وبحضور المراقب المالي من قبل الصندوق الأستاذ أسامة جلبوط، وحتى الآن لم تحصل الهيئة على أي شيء.
ميزانية العام 2003، لم يتم إعدادها حتى الآن، بحجة أن هناك نفقات عقدت دون اعتمادات، وهي حتى الآن غير مسجلة في قيود المستشفى.
اتخذت الهيئة الإدارية قراراً بإعدام ديوان عالقة في ميزانية المستشفى منذ العام 1974.
المالية:
اتخذت الهيئة قراراً بإدخال الحد الأدنى، والحد الأقصى للمخزون في الصيدلية، وهذا من أبسط الأمور حتى يتم معرفة المخزون المسموح الاحتفاظ به من مختلف الأدوية، وهذا الأمر لم يتم حتى تاريخه، وذلك بسبب عدم مقدرة الصيدلاني على إنجاز كامل الأعمال داخل القسم، علماً بأن في القسم نفسه موظفين غير الصيدلاني.
الموظف المساعد (مساعد صيدلاني) في الصيدلية يتقاضى إضافة إلى راتبه مبلغ 350.000 ل.ل. بدل مناوبة، ولما طُلب من الادارة إنشاء صيدلية في كل طابق هي عبارة عن خزانة توضع فيها الأدوية التي يمكن أن تطلب بصورة طارئة، وذلك على غرار المستشفيات الأخرى، كان الجواب رفضاً مطلقاً، والحجة أنه غير معتمد في المستشفيات الأخرى، علماً بأن هذه الأمور (لجنة المشتريات، الحد الأدنى، والأقصى، والمبلغ الإضافي..) لو تم تطبيقها لكن الوفر في عملية الشراء توازي 15 في المئة، والوفر السنوي عن الموظف يعادل 4.200 ل.ل. وهذا يعتبر وفر تشغيلي.
ورأت اللجنة أن مستقبل المستشفى مرهون بما يمكن اتخاذه من قرارات بخصوص البقاء على الاستثمار، أو عدمه، إذا وجدت نيّة الاستمرار يجب أن يتم بشروط معينة منها:
ـ استقلالية إدارية ومالية، وتغيير المدير الحالي بآخر كفؤ، وصاحب خبرة، وشخصية قيادية.
ـ اتخاذ قرارات حاسمة بشأن بعض الموظفين، ممن يعتقدون أن المستشفى جزء من ممتلكاتهم، وخفض التقديمات للمستخدمين، والآن بانتظار الوساطة، ونتائجها.
ـ تجهيزها بالضرورات اللازمة للعمل، وتحويل المراقب المالي في المستشفى إلى مراقب عقد نفقة، وإعادة النظر بالأطباء العاملين في المستشفى، وتطبيق الأنظمة الطبية.
ورأت الهيئة أن تكلفة التخلي عن الاستثمار تقدر بنحو 10.4 مليارات ليرة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.