تستعد الهيئات الاقتصادية لعقد خلوة الثلاثاء المقبل بمشاركة وزير الصناعة فريج صابونجيان. وهي خلوة تأتي في ظل ظروف اقتصادية بالغة التعقيد، وصعوبات كبيرة ومتشعبة تضغط بشدة على القطاع الخاص بكل مكوناته، خصوصا بعد الضربة التي تلقاها موسم الصيف بسبب الاحداث الامنية وعمليات الخطف التي شهدها البلد في 15 آب الماضي، كما أوضح رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير لـالمستقبل.
شقير اشار الى الكثير من المؤشرات الاقتصادية السلبية التي لم تسجل بتاريخ لبنان، ابرزها انخفاض الحركة التجارية الى نحو الـ90 في المئة في المناطق وبين الـ50 في المئة والـ60 في المئة في العاصمة بيروت، وانخفاض اشغال الفنادق الى حدود 25 في المئة في العاصمة واكثر من ذلك في المناطق، واقفال أكثر من 200 مطعم، واقفال اكثر من 270 مؤسسة تجارية في العاصمة.
ولم يكتف شقير بسرد هذه المؤشرات، فأضاء ايضا على تفاقم المشكلات الاجتماعية الناتجة من تعثر الكثير من المؤسسات، مشيرا الى ان عددا كبيرا منها تقدمت بطلبات الى وزارة العمل لصرف عمال لديها، أو لابلاغها عن عدم قدرتها على دفع زيادة الاجور.
وكشف ان مستوى الاعمال تراجع بين 40 و50 في المئة، وهذا وحده كاف لاظهار مدى خطورة الوضع الاقتصادي، محذرا من ان الاقتصاد الوطني بقطاعيه العام والخاص بدأ يفقد كل مقومات الصمود، ونبه الى اننا مقبلون على ايام سوداء لا تحمد عقباها، إذا استمر الاستهتار بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية على هذا النحو الذي نراه الآن.
وأضاف اليوم معظم المؤسسات باتت تعاني نقصا كبيرا بالسيولة لسداد المستحقات المتوجبة عليها، جراء تراجع اعمالها المزمن، وهذا يضعها امام مصير مجهول. وهناك ايضا مؤسسات صغيرة ومتوسطة اقفلت ابوابها، واخرى مهددة بالاقفال، في حين ان الكثير من المؤسسات الكبيرة تتخذ جميع الاحتياطات لتقليص نفقاتها، تحسبا من الأسوأ، ومن هذه الاجراءات اقفال فروع لها.
والى جانب ذلك، ابدى شقير تخوفه من حصول انفجار اجتماعي، خصوصا في ظل الارقام المتداولة وآخرها تقرير البنك الدولي الذي يظهر ان 34 في المئة من القوى العاملة الشبابية في لبنان عاطلة عن العمل، ويضاف ذلك الى ما يحدث حاليا من عمليات صرف عمال تجريها المؤسسات قصرا بسبب الضغوط الاقتصادية التي تتلقاها.
وقال في هذا الاطار، يبقى ان نذكر انه في السنوات الاخيرة بات الحفاظ على الاستقرار المعيشي الاقتصادي يشكل الاولوية المطلقة لكل دول العالم، نتمنى ان تعي الحكومة أهمية هذه الحقيقة، لأنه ما الفائدة لأي قوى بالوصول الى الحكم إذا كانت الدولة مفلسة والشعب جائع.
وبالنسبة لخلوة الهيئات الاقتصادية الثلاثاء المقبل، قال شقير الخلوة الاقتصادية كانت بناء على رغبة وزير الصناعة الذي نشكره للجهود التي يقوم بها. اضاف لكن فلنكن صريحين، وهذا ما قلته خلال اجتماع الهيئات الاقتصادية، ان المشكلة ليست في عدم وجود افكار او برامج لتحسين الاداء الاقتصادي، انما مشكلتنا اليوم تكمن في تردي الوضعين الامني والسياسي الذي يضغط كثيرا على قطاع الاعمال في لبنان.
ورأى ان الذي حدث في 15 آب الماضي من احداث أمنية خارجة عن القانون وعمليات خطف وظهور مسلح كثيف، من دون ان يكون للدولة اي ردة فعل حينها، شكل يوماً اسود بالنسبة للبنان، وهو من الايام الصعبة التي شهدها لبنان والتي سيكون لها تداعيات اقتصادية كبيرة على المدى الطويل.
وقال نحن اللبنانيون يمكن ان نسامح من قام بهذه الامور، ويمكن ان ننسى ما حصل، لكن هذا ليس المطلوب، انما المهم هو ان الاشقاء العرب الذين تم تهديدهم بالخطف والقتل ان يسامحوا، لكي تعود الحركة السياحية والتجارية، وكذلك الصناعية مع هذه الدول ورعاياها الى ما كانت عليه.
وإذ أكد ان الخسائر التي نتجت عن هذه الاعمال لا تقدر، خصوصا بشكل اساسي في قطاعي السياحة والتجارة، أشار الى ان القطاع الصناعي لم يكن بمنأى عن هذا الوضع، خصوصا اننا لمسنا انخفاضا في الصادرات الصناعية الى هذه الدول، وهذا الامر طبيعي لا سيما عندما يتعذر على رجل الاعمال الخليجيي او التركي المجيء الى لبنان للتعاقد على شراء البضائع من المصانع اللبنانية.
وإذ اشاد شقير بالحملة التي قام بها الجيش لملاحقة المخلين بالامن، تمنى الا تكون لفترة قليلة، انما يجب ان تكون دائمة ومستمرة لاعادة هيبة الدولة.
ورأى انه إذا الدولة استعادت هيبتها، فمن الممكن ان نتمكن من تعويض بعض الخسائر التي لحقت بالقطاع الخاص خلال الفترة الماضية، لكنه اردف قائلا ان تعويض الخسائر لا يتطلب شهرا او شهرين فقط انما فترة طويلة قد تصل الى نحو السنتين، هذا إذا عرفنا ان نشتغل على انفسنا، وبصورة اساسية لتحسين صورة لبنان في الخارج، واعادة الثقة به كبلد آمن ومستقر.
واشار شقير الى ان الخلوة ستضم الهيئات الاقتصادية الى جانب وزير الصناعة ولن يكون اي ممثل آخر عن الدولة، لأن هذه الخلوة اتت بناء على طلب صابونجيان الذي اراد ان يطرح بعض الافكار لتحسين الوضع الاقتصادي.
ولفت الى ان الهيئات الاقتصادية لديها الكثير من الافكار في هذا الاطار، لكن أقول اذا كان هناك 100 فكرة و100 دراسة، ولم يكن هناك استتباب نهائي للوضعين الامني والسياسي فان كل هذه الدراسات والافكار ستكون من دون جدوى، خصوصا بعد تهديد الرعايا العرب والاجانب وعمليات الخطف التي حصلت.
وأكد ان الافكار موجودة ولكن لا يمكن تطبيق اي فكرة قبل بسط سلطة الدولة واعادة الثقة بالبلد للبناني او العربي والاجنبي. وقال يجب ان تشدد الخلوة على موضوع هيبة الدولة، وان تطالب بفرض الامن بالزخم الذي بدأ، وان لا يكون الامر مجرد عملية سمح بها لاسبوعين، لتعود الامور بعدها الى ما كنت عليه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.