8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ورقة سلامة أمام مجلس الوزراء تؤكد تحذيرات الهيئات الاقتصادية حيال سلسلة الرتب والرواتب: ترفع التضخم بين2 و3 % وتخفض فرص العمل 4% والنمو بين 1،5 و2% في 2013

لم يكن في حسبان الحكومة الميقاتية عندما وعدت هيئة التنسيق النقابية بسلسلة الرتب والرواتب، كـبازار لتلميع صورتها المطلية بالسواد جراء أدائها السيئ وفشلها في إدارة شؤون البلاد، أن تقف الهيئات الاقتصادية سداً منيعاً ضد السلسلة لاعتبارات اقتصادية بحتة، الأمر الذي حال دون تحقيق أحلامها الشعبوية التي تلهث خلفها ولو على حساب الاقتصاد الوطني.
أول من أمس قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كلمته ووضع النقاط على الحروف في اجتماع مجلس الوزراء، محذراً من تداعيات كبيرة سيحدثها إقرار السلسلة وحتى في الصيغة المقترحة بتقسيطها على فترة خمس سنوات.
ورغم أن كل مضمون الورقة التي قدمها سلامة سلبي، إلا أن النتائج المستخلصة تظهر بشكل واضح مخاطرها الكبيرة على الاقتصاد، وأبرزها: ارتفاع نسبة التضخم بين 2 في المئة و3 في المئة في 2013، وتراجع فرص العمل بنسبة 4 في المئة، وتراجع النمو بين 1،5 في المئة و2 في المئة، ما يفتح المجال لإمكانية نمو سلبي في 2013.
ولم يفت الحاكم أن يذكر بأن صندوق النقد ومؤسسات التصنيف تعارض وتعاقب هذه السياسات، مذكراً في الوقت نفسه بضرورة الحفاظ على الثقة لتجديد الدين المستحق والبالغ نحو 16 مليار دولار في العام 2013. كما أكد أنه لا يمكن لمصرف لبنان الاستمرار في تغطية النقص في الاكتتابات بغياب أو تراجع الثقة لما يشكل ذلك من مخاطر تضخمية.
شقير
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير أن قرار الحكومة بتأجيل البت بمشروع سلسلة الرتب والرواتب هو انتصار لرأي الهيئات الاقتصادية التي حذرت منذ أشهر، أي منذ الحديث عنها من مخاطرها الكبيرة على الاقتصاد الوطني برمته، منوهاً في هذا الإطار بالدور الكبير الذي لعبه حاكم مصرف لبنان للوصول الى هذه النتيجة، خصوصاً خلال مشاركته في جلسة مجلس الوزراء وشرح رؤيته حول انعكاسات إقرار السلسلة على الوضعين المالي والاقتصادي.
وقال شقير مرة جديدة يؤكد سلامة موقعه كصمام أمان للاقتصاد الوطني. فبعد الدور الكبير الذي لعبه لحماية لبنان من المخاطر التي كانت تتهدده جراء الأزمة المالية العالمية، اليوم ينقذ الاقتصاد الوطني من مصير محتوم نتيجة وعود قطعتها الحكومة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب.
وأكد شقير أن المشكلات التي واجهتها البلاد على المستويين الاقتصادي والاجتماعي خلال الفترة الماضية أثبتت أن الهيئات الاقتصادية هي أم الصبي وهي الأحرص على الاقتصاد الوطني وبالتالي على الاستقرار الاجتماعي.
وقال كنا نتمنى أن لا تدخل الحكومة في بازار السلسلة وهي تعرف جيداً مدى دقة الوضعين المالي والاقتصادي، لأنه كنا وفرنا على البلاد المزيد من الخضات والاضرابات، خصوصاً أن المؤسسات الخاصة هي في هذه المرحلة أكثر حاجة للهدوء والاستقرار، في ظل الأحداث الأمنية والتشنجات السياسية المستمرة من دون توقف.
وإذ أكد أن الهيئات الاقتصادية ليست ضد تحسين الوضع المعيشي والحياتي للموظفين والعمال، إلا أنه وفي ظل هذا التردي الاقتصادي الذي يظهر جيداً بتراجع كل المؤشرات الاقتصادية والمالية، لا يمكنها إلا أن تقف سداً منيعاً الى جانب الاقتصاد والمؤسسات الخاصة وأيضاً الى جانب العمال، وبالتالي العمل قدر المستطاع ضد السلسلة التي في حال أقرت ستكون بمثابة رصاصة الرحمة على الاقتصاد الوطني بكل مكوناته.
وتأكيداً لدقة الوضع الاقتصادي، لفت شقير الى ما يحصل في الآونة الأخيرة من إقفال مؤسسات في مختلف القطاعات وتسريح عمال وعلى مرأى من الجميع، محذراً من أن ما يحصل اليوم هو البداية، وفي حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه فإن القادم أعظم.
ورقة سلامة
وحصلت المستقبل من مصدر حكومي على مداخلة سلامة خلال اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس، التي عرض فيها الوضع النقدي الحالي وبعض المؤشرات الاقتصادية، وجاء في العرض الآتي:
- النمو الحقيقي لهذا العام سوف لا يتعدى الـ2 في المئة تبعاً لصندوق النقد الدولي، وهو مقدّر بأقل من ذلك من قبل مؤسسات التصنيف وبعض المؤسسات المالية العالمية.
- نسب التضخم المتوقعة لهذا العام قد تصل إلى 6 في المئة مع الإشارة إلى أن المعدّل المذكور من قبل المؤسسة الوطنية للإحصاء يفوق ذلك بسبب إدخال الزيادة في الإيجارات للثلاث سنوات الفائتة دفعة واحدة، ولذا لم نأخذ بذلك.
- عجز في ميزان المدفوعات وقدره مليارا دولار أميركي لغاية آخر أيلول 2012، وقد يصل وفقاً لهذه الوتيرة إلى ما يقارب الـ2,6 ملياري دولار أميركي في نهاية هذا العام.
- الاستحقاقات على الدولة اللبنانية من 1/11/2012 وحتى آخر العام 2013 تساوي 15,915 مليار دولار أميركي منها 4,319 مليار دولار أميركي بالعملة الأجنبية ستعرض وزارة المالية استبدال 1,5 مليار دولار منها خلال هذا الشهر.
- مجموع الودائع في المصارف التجارية باستثناء ودائع القطاع العام ومصارف الاستثمار والودائع الائتمانية هو 121,711 مليار دولار، أي بزيادة على أساس معدّل سنوي يقارب الـ7 في المئة، ومن المتوقّع أن تزيد هذه الودائع إن بقينا على نفس الوتيرة 2 مليار د.أ لتصل إلى 123,711 مليار د.أ ( زيادة 8 مليار دولار، دولرة 65 في المئة). إن أضفنا ودائع القطاع العام ومصارف الأعمال والودائع الائتمانية فتكون مجمل الودائع إضافة إلى ودائع المصارف التجارية 128,251 مليار دولار وقد تصل في آخر العام إلى 130 مليار د.أ بزيادة 7 في المئة، أيضاً من الممكن أن تؤثر الضريبة على الفوائد سلباً على نمو الودائع.
- نمو في التسليف إلى القطاع الخاص بمعدّل سنوي يقارب الـ10 في المئة ليصل في أواخر أيلول 2012 إلى 43,429 مليار دولار، وإلى القطاع العام 30,759 مليار د.أ بزيادة 3,33 في المئة كمعدل سنوي. يُستنتج أن هنالك إقبالاً أقل على شراء سندات الخزينة (بالرغم من عدم إصدار شهادات إيداع من قبل مصرف لبنان خلال هذا العام). إن الزيادة الأساسية في التسليفات إلى القطاع الخاص هي بالليرة اللبنانية. ومن هنا أهمية المحافظة على بنية الفوائد بالليرة اللبنانية، إذ إن ارتفاعها يؤدي إلى الانكماش بالتسليف ما يؤثر سلباً على النمو.
- إن المحافظة على الثقة أساسي لتجديد الدين المستحق والبالغ ما يقارب الـ16 مليار دولار، معظمه بالليرة اللبنانية كما أن هذه الثقة أساسية لتمويل عجز الخزينة المرتقب في العام 2013.
يخشى من إقرار السلسلة أن تبقى وتيرة زيادة التسليف إلى القطاع العام نفسها أي بارتفاع من 3 إلى 4 في المئة، فهذا يعني أن السوق سوف يموّل إضافة إلى الاستحقاقات بما يوازي الـ1,2 مليار دولار، وبما أن الحاجة تفوق ذلك ستضطر الخزينة إلى رفع الفوائد بنسبة 1 في المئة أو أكثر تبعاً للأوضاع.
مع العلم أنّ الارتفاع بالفوائد سوف يؤدي إلى زيادة خدمة الدين العام وإلى زيادة كلفة التسليف على القطاع الخاص ويعيق الاستثمار.
إنّ كل 1 في المئة زيادة في كلفة الدين العام تعني أكثر من 560 مليون دولار علماً أنّ ذلك عليه أن يطبّق تبعاً للاستحقاقات ويمكن أن يكون بحدود الـ250 مليون دولار في العام 2013.
إنّها كلفة غير مباشرة تزيد العجز وتضعف الثقة بسبب توسع الإنفاق في القطاع العام، وسلسلة الرتب والرواتب عنوان مهم لذلك.
إننا نعيش فترة من الزمن حيث صندوق النقد ومؤسسات التصنيف تعارض وتعاقب هذه السياسات وهذا يؤثر على الأسواق وعلى التدفقات للدول التي مارست أو تمارس هذه السياسات.
لقد نما الدين العام من الـ40 مليار دولار إلى 56 مليار دولار ما بين العام 2006 وأيلول الـ2012 أي بمعدل سنوي قدره 2,6 ملياري دولار.
وقد نمت محفظة مصرف لبنان من سندات الخزينة لنفس الفترة من 7,350 مليارات دولار إلى 12,769 مليار دولار أميركي أي بوتيرة سنوية قدرها 903 مليون دولار، ويكون مصرف لبنان قد أمّن 34 في المئة من الزيادة على أساس المعدل السنوي للدين العام.
لا يمكن لمصرف لبنان الاستمرار في تغطية النقص في الاكتتابات بغياب أو بتراجع الثقة لما يشكّل ذلك من مخاطر تضخمية.
إن إقرار تمويل السلسلة قبل القيام بالشرح للأسواق والمؤسسات لرؤية الحكومة - وعلى الرغم من الأرقام المدروسة بمهنية من وزارة المالية - سوف يلقى هذا الإقرار ردة فعل سلبية تؤثر على القدرة التمويلية للقطاع العام والقطاع الخاص وترفع كلفته وتنعكس سلباً على نسب النمو وحتى التسبب بركود الاقتصاد خلال العام 2013، ويكون لذلك مردود سلبي على توقّع الواردات.
- لقد حددت مديرية الإحصاءات في مصرف لبنان النتائج المتوقعة لإقرار السلسلة والضرائب لتمويلها من دون الدخول بنوعية هذه الضرائب وإنما بمبالغها تبعاً لما اطلعنا عليه من وثيقة وزارة المالية.
1- ارتفاع نسبة التضخم بين 2 في المئة و3 في المئة عن المعدل المفترض أن يكون عليه التضخم في العام 2013.
2- تراجع بفرص العمل بنسبة 4 في المئة إضافة إلى البطالة الناتجة عن تراجع النشاط الاقتصادي.
3- كلفة سلبية على النمو بين الـ1,5 في المئة والـ2 في المئة. ومن هنا الكلام عن إمكانية نمو سلبي في العام 2013 إن بقيت الأوضاع على حالها.
4- زيادة القدرة الشرائية ما بين الـ1 في المئة والـ2 في المئة.
5- نتائج سلبية على ميزان المدفوعات. من المتوقع أن تتوجه 50 في المئة من السلسلة للاستيراد.
6- إن السلسلة ستزيد الكلفة الثابتة على تشغيل القطاع العام وتضاعف كلفة الزيادات في المستقبل كما ستؤثر على كلفة القطاع الخاص. فمن المتوقع أن ترفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي بعد أن انخفضت وثبتت. وللتذكير نحن من الدول الأعلى في العالم بما يخصّ هذه النسبة.
7- إن زيادة الكلفة وزيادة الضرائب تؤديان إلى تراجع القدرة التنافسية للاقتصاد اللبناني، وهذا ربما يضاعف الآثار السلبية مع الوقت.
وبالرغم من أن السلسلة قد أقرّت، اقتراح التريث بتطبيقها وذلك لمزيد من الدراسة مع التأكيد على تقسيطها 5 سنوات وتأمين الموارد التي لا تضر بالحركة الاقتصادية وبالحقوق المكتسبة للموظفين في القطاع العام، وبعد التواصل مع المؤسسات الدولية ومؤسسات التصنيف والمؤسسات المالية المحلية لشرح المبادرة من كل جوانبها وذلك حفاظاً على الثقة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00