اعلن وزير الاقتصاد والتجارة سامي حداد ان حاجة لبنان التمويلية ارتفعت بعد حرب تموز الى فوق 10 مليارات دولار، مشيرا الى عامل ايجابي لانجاح مؤتمر باريس 3 يتمثل بوجود عطف عربي ودولي كبير لا مثيل له على لبنان. وتوقع ان يحصل لبنان في هذا المؤتمر على المبالغ التي تمكنه من النهوض.
وحذر من استمرار التشنج السياسي في البلاد، معتبرا ان هذا الموضوع سيؤثر سلبا في القطاع الخاص والاستثمارات، والخطر الاكبر ان يتبخر الدعم المالي الموعودون به.
وقال الوزير حداد في حديث لـ"المستقبل" "بعد الحرب الاخيرة، لم يعد باستطاعة لبنان الوقوف وحده. لذلك يجب ان نستفيد من هذه الفرصة المتمثلة في مؤتمر باريس 3 للحصول على الدعم ، والا فان الاوضاع سترتد خراب بيوت على كل الناس في البلد".
وبالنسبة لخطة الحكومة لانعاش القطاع الخاص، قال الوزير حداد ان هذه الخطة قدمت الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وسيعلن عن تفاصيلها قريبا، وهي تتضمن محورا ضريبيا يتعلق باعطاء حوافز ضريبية، ومحورا تمويليا لتوفير قروض طويلة الاجل بفوائد ميسرة جدا وانشاء صناديق استثمار، ومحورا يتعلق بفتح الاسواق العربية امام المنتجات اللبنانية، لافتا الى اجراءين يتم العمل عليهما في هذا الاطار وهما خفض سقف رأسمال الشركات المطلوب للاستفادة من القانون 360 (سلة الحوافز لقانون تشجيع الاستثمارات)، وتوسيع دائرة المستفيدين من كفالات. واعلن ان المؤشرات الاولية للقروض في هذا الاطار تشير الى امكانية الوصول الى مليار دولار.
واشار الى ان الحكومة تنفذ كل الاجراءات المطلوبة لتكون جاهزة لتنفيذ خصخصة شركتي الخلوي اوائل 2007، وقال "كنا نتوقع ان تجني هذه العملية 5 مليارات دولار قبل الحرب، اما اليوم فاننا ننتظر الظروف الملائمة لاطلاق الخصخصة".
وطمأن الوزير حداد المتخوفين من صرف العمال جراء الخصخصة، بقوله "لن نطرد اي موظف من موظفي الشركتين، انما بالعكس فان عدد موظفيهما سيتضاعف مرتين او اكثر خلال اشهر".
وفي ما يأتي نص الحوار مع حداد:
خصخصة الخلوي أوائل 2007 ولن نصرف اي موظف في الشركتين
ماهي ابرز مقومات الخطة التي ستضعها الحكومة لمساعدة القطاع الخاص بعد الحرب؟
ـ اليوم من المهم ان نتكلم عن خطة الحكومة لاعادة انعاش الاقتصاد الللبناني وهي تقوم على ثلاثة اعمدة اساسية، وهي:
1ـ اعادة بناء المساكن والابنية السكنية والمدارس المهدمة. وهذا الموضوع يشكل اولوية قصوى بالنسبة للحكومة، ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة اعلن بالتفصيل عن آلية الدعم المالي بالنسبة للدمار الذي حصل في الجنوب والبقاع، كما اعلن مؤخرا عن ألآلية بالنسبة للضاحية الجنوبية.
2 ـ اعادة اعمار البنى التحتية، وقد باشرت الدولة في هذا الموضوع قبل ان تنتهي الحرب، وهناك عدد من الزائرين ومنهم زوار اجانب اعجبوا بما تحقق في هذا الاطار، حيث تم اعادة تأهيل نحو 85 في المئة من البنى التحتية التي استهدفها العدوان الى ما كانت عليه قبل الحرب، لاسيما الكهرباء وشبكات المياه والصرف الصحي والهاتف والطرقات والجسور. وقد قامت الدولة بكل اجهزتها بجهد كبير في هذا الاطار وهي مستمرة للانتهاء من هذه العملية.
3 ـ القطاع الخاص ليس فقط اولوية كبيرة، انما هو العمود الفقري للاقتصاد لاسيما انه يوفر فرص عمل للشباب اللبناني. وفي هذا الموضوع نرى ان الاضرار ضخمة، كما ان احصاءها صعب ومتشعب. لذلك لا نرى ضرورة الانتظار اسابيع واشهراً لإحصاء اضرار قطاع ما في حين ان المطلوب هوالنهوض بالقطاع. وهنا يجب ان لا نميز بين قطاع وآخر لان الكل تضرر.
ما هي الاجراءات التي ستقوم بها الحكومة لاعادة انعاش القطاع الخاص؟
ـ هناك خطة شاملة لدعم القطاع الخاص في لبنان تم التحضير لها من قبل وزارات عدة، وخصوصا من قبل وزارتي الاقتصاد والمال. وهذه الخطة قدمت الى الرئيس السنيورة، وسيعلن عن تفاصيلها بعد التداول بها.
ان هذه الخطة تشمل ثلاثة محاور، الاو محور ضريبي ويختص بوزارة المال التي ستعلن عن حوافز مالية للمؤسسات المتضررة، تشمل تأجيل سداد الضرائب، وتوسيع الاستفادة من القانون 360 لجهة خفض السقف الذي يمكن للمؤسسات ان تستفيد منه، فضلا عن اجراءات عديدة ستطال حالات خاصة، فمثلا سيتم السماح لمصنع "ليبان ليه" استيراد نفس البضائع التي يصنعها بنفس الاسم من الخارج من دون رسوم جمركية لتوزيعها على زبائنه كي لا يخسر سوقه المحلية، فضلا عن حوافز اخرى سيتم الاعلان عنها لاحقا.
والمحور الثاني هو تمويلي، ويتضمن شقين الاول توفير قروض طويلة الاجل بفوائد ميسرة جدا والشق الثاني التمويل عن طريق صناديق استثمار. وقد حصل وفي هذا الاطار اجتماع في السرايا الحكومية بين الرئيس السنيورة ورئيس البنك الاوروبي للاستثمار، وهو اكبر مؤسسة مالية في العالم، ابدى البنك بنتيجته استعدادات ضخمة للمساعدة وسيكون من الجهات الاساسية الممولة للقطاع الخاص، حيث سيقدم قروضاً طويلة الاجل بفوائد ميسرة جدا، بالاضافة الى ذلك سيساهم في انشاء صندوق استثمار دوره المساهمة في رأسمال الشركات. كما ان هناك عدة مؤسسات دولية ستتعاطى في هذا الموضوع لاسيما مؤسسة التمويل الدولية التي ابدت استعدادا كبيرا لاعطاء قروض والمساهمة في صندوق استثمار، يمكن أن يكون الصندوق الذي ذكرناه او صندوقا آخر، وهناك طبعا عدة مؤسسات منها الصناديق العربية والاسلامية مثل الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية الاجتماعية، وصندوق "اوبيك" والصندوق الاسلامي للتنمية وغيرها. فأكثر هذه المؤسسات سيقدم قروضا والباقية ستشارك في صنايدق استثمار.
ان المؤشرات الاولية للقروض تشير الى امكانية الوصول الى رقم مليار دولار وهو رقم ضخم. وسيتم توزيع معظمه عن طريق القطاع المصرفي وشركة كفالات، التي يعمل الآن على تكبير دورها لتطال عدد اكبر من المؤسسات من خلال رفع سقف القروض التي تكفلها وشمولها قطاعات جديدة كانت في السابق غير معنية بها.
اما المحور الثالث فهو فتح الاسواق خصوصا الاسواق العربية أمام الصادرات اللبنانية الزراعية والصناعية. وللمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي دور كبير في هذا لاطار، لاسيما ان 50 في المئة من الصادرات اللبنانية تذهب الى الاسواق العربية، ونحن نسعى لزيادتها، وهذا يتم من خلال ازالة عقبات انسيابها الى الاسواق العربية.
ماذا عن تعويض المؤسسات التي دمرت كليا او جزئيا؟
اولا، يجب ان نرى ان كانت الدولة لديها الامكانيات للتعويض، وهنا نقول ان وضع الدولة المالي صعب جدا وليس بامكاننا اعطاء شيك بلا رصيد. وتجدر الاشارة الى اننا مررنا بحروب داخلية ومع اسرائيل منذ عام 1975، وطيلة هذه المدة لم تعوض الدولة احدا في القطاع الخاص على الرغم من ان وضعها المالي كان افضل بكثير من الوقت الحالي، وما يجعل هذا الموضوع مستحيل تشعبه وصعوبة تقدير الاضرار المباشرة وغير المباشرة وحصرها، كما اننا لا نعرف من اين سنبدأ واين سننتهي.
ماذا عن القروض التي كانت المؤسسات قد اخذتها لتسيير اعمالها، فهل سيتم تأجيل سداد الدفعات المستحقة، وهل سيتم دعم الفائدة المترتبة على هذه القروض؟
كلا، لن نفصِّل بذلة بقياس واحد على كل الناس، فكل مؤسسة لها وضعها وعلى اساس هذا الوضع يتم التعاطي معها، لاسيما ان هناك مؤسسات دمرت واخرى تضررت كثيرا وغيرها تضرر قليلا، كما ان هناك مؤسسات لم تتضرر بشكل مباشر، فهل يمكننا اعتماد نفس الحل للجميع. هذا الامر يتم بحثه بالتعاون مع مصرف لبنان والقطاع المصرفي، لوضع آلية نستطيع ايفاء كل فئة حقها.
اليوم الجميع ينتظر مؤتمر، باريس 3، ماذا تنتظرون منه؟
قبل الحرب كانت ورقتنا لمؤتمر بيروت جاهزة، واتت الحرب واعادتنا الى الوراء كثيرا، بمعنى انه كان لدينا حاجة تمويلية وهي زادت بشكل كبير الى فوق 10 مليارات دولار.
اليوم بالتعاون بين وزارة المال ووزارة الاقتصاد ومصرف لبنان حدّثنا الورقة التي كانت موجودة قبل الحرب مع الاخذ بعين الاعتبار الدمار والتمويل الاضافي الذي نحن بحاجة اليه نتيجة الحرب. هذه الورقة الجديدة ستكون جاهزة خلال اسبوع.
لا شك ان الحرب كانت مدمرة وقاسية على لبنان، والخاسر الاكبر منها كان الاقتصاد الوطني، لكن هناك ذلك نجد عامل ايجابي يتمثل بوجود عطف عربي ودولي كبير لا مثيل له على لبنان ، وقد لمسنا ذلك خلال الحرب، وبعدها وفي المؤتمرات التي عقدت لاسيما مؤتمر سنغافورة للبنك الدولي وصندوق النقد، وقد عقد على هامشه اجتماع خاص بلبنان لمسنا خلاله العطف الواضح، والذي ترجم بدعم مالي كبير من اشقائنا العرب والدول الغربية الكبيرة ومن مؤسسات مهمة مثل صندوق النقد والبنك الدولي.
نحن قبل الحرب كنا نطلب قروضا ولم نتحدث عن هبات ولم يعرض علينا احد هذا الامر، اما اليوم فاننا نطلب قروضا بمبالغ اكبر بكثير، ونطلب هبات، وقد قدمت لنا هبات والمتوقع ان يأتينا هبات اكثر، حتى صندوق النقد المعروف بتشدده يقول ان لبنان بحاجة لهبات.
ما هي المبالغ التي تتوقعون الحصول عليها في المؤتمر؟
ـ هذا الموضوع حساس كثيرا، لكن اقول انه قبل الحرب كان المتوقع من مؤتمر بيروت1 ان يحصل لبنان على مبلغ يراوح بين 4 مليارات و5 مليارات دولار بشكل قروض، اما الآن فاننا نتوقع ان نحصل على اكثر بكثير من هذا المبلغ بشكل قروض وهبات.
برأيك هل الاجواء السياسية السائدة في البلاد تساعد في نجاح المؤتمر؟
ـ اليوم البلد والقطاع الخاص بحاجة ماسة لهذا الدعم، لذلك اتمنى تأجيل الشحن السياسي العنيف. طبعا الافضل ان لايكون هناك شحن سياسي، وان تسود لغة التخاطب الهادئة، خصوصا ان التشنج السياسي اذا استمر سيؤثر سلبا في القطاع الخاص والمستثمرين الراغبين بتوظيف اموالهم في لبنان. كما ان الخطر الاكبر هو ان يتبخر الدعم المالي الموعودون به. وارى هنا ضرورة ان يتحمل كل الزعماء السياسيين مسؤولياتهم تجاه هذا الواقع ويعرفوا ان لبنان امامه فرصة لا يمكن ان تتكرر مرة ثانية. فبعد الضربة الكبيرة التي وجهت للاقتصاد، لبنان لم يعد باستطاعته الوقوف وحده، لذلك فاننا مجبورون على طلب المساعدة من المجتمع الدولي، ونحن نرى ان التجاوب ايجابي جدا، لذلك يجب الاستفادة من هذه الفرصة، ومن العطف العظيم والدعم الكبير لانجاز المؤتمر، والحصول على الدعم، والا فان الاوضاع سترتد خراب بيوت على كل الناس في البلد.
ما هي الارقام التي تطمحون اليها من المؤتمر؟
ـ اليوم نحن سنطلب رقما محددا في الورقة التي سنقدمها، وسنقول انه اذا لم يات الدعم سيكون الوضع على هذا الشكل، واكتفي ان اوضح بانه اذا لم يأت الدعم فان نحو ثلثي واردات الخزينة ستذهب لسداد الفوائد، ولا يمكننا ان نعيش في هكذا وضع. فنحن نأمل بمبلغ ضخم ولكن لن ياتي اذا لم يكن هناك وضع مستتب امنيا وسياسيا.
أين اصبحت الخصخصة؟
ـ الخصخصة من اعمدة برنامج الحكومة قبل الحرب وبعد الحرب. انا كوزير في الحكومة اقول اننا تأخرنا واتأسف لذلك، لكن لدينا امل كبير اننا سنسير في هذا الموضوع بسرعة.
من أين ستبدأون؟
العمود الفقري للخصخصة هو قطاع الاتصالات، والاخبار جيدة في هذا الاطار، لاسيما بعد الاتفاق مع مؤسستين استشاريتين لنا في هذا الموضوع، كما انه من المفترض ان يوافق مجلس الوزراء على الهيئة الناظمة لتعيينها في وقت قريب. فالهدف الاساسي للخصخصة خلق فرص عمل، بعكس بعض البلدان التي تطرد العمال، اما نحن فلدينا شركتا خلوي ولن نطرد اي موظف من موظفيها انما بالعكس فان عدد موظفيها سيتضاعف مرتين او اكثر خلال اشهر بالاضافة الى خفض تكلفة المخابرات والخدمات وستتحسن نوعية الخدمة والبورصة ستكبر واهم شيء هو اننا سنخفض الدين.
ما هي المبالغ المتوقعة من خصخصة الخلوي؟
في السابق كنا نتوقع من الشركتين 5 مليارات دولار، لكن الحرب اخرتنا كثيرا. وهنا اريد ان اوضح ان قطاع الاتصالات في كل بلاد العالم وفي الدول المجاورة هو بعهدة القطاع الخاص لاسيما في سوريا وايران والاردن ومصر.
هل سنلمس قريبا تقدما عمليا في هذا الموضوع؟
ـ الحكومة ستنفذ كل الاجراءات المطلوبة لتكون جاهزة لتنفيذ الخصخصة عندما تكون السوق مؤاتية اوائل العام 2007. ونحن بالنسبة لنا نعول كثيرا على هذا القطاع.
كيف ستتعاطون بعد الحرب مع مطالب الصناعيين، لاسيما بالنسبة للاجراءات الوقائية للصناعات التي تستخدم طاقة مكثفة؟
ـ الصناعة التي تستخدم طاقة مكثفة هي الوحيدة التي تشكو، علما ان معظم الصناعات في لبنان لا تستخدم طاقة مكثفة لاسيما الصناعات الغذائية، وصناعة المجوهرات وهما من اهم القطاعات المصدرة.
ان المشاكل التي تعانيها صناعات الطاقة المكثفة متأتية من ارتفاع اسعار الطاقة عالميا. لذلك ليس لدينا ما نفعله في هذا الاطار لانه ليس لدينا طاقة. كما يجب ان اوضح بان هذه الصناعات لا تستخدم يدا عاملة كبيرة لانها ممكننة، فضلا عن ان اكثر عمالها من الاجانب.
جمعية الصناعيين تقول ان الاجراءات المطلوبة لا تخالف مبادئ منظمة التجارة العالمية والاتفاقات التي وقعها لبنان، فما رأيك؟
ـ انا اليوم مواطن لبناني قبل ان اكون وزيرا. ما يهمني توفرالسلع والخدمات بأفضل نوعية واقل سعر، وهذا الامر يتناقض مع المطالب المطروحة التي ستؤدي في حال تنفيذها الى رفع الاسعار، لانه اذا اردنا ان نحمي صناعة يعني اننا سنضع رسوما على السلع المشابهة، وهذا سيؤدي الى رفع الاسعار، انما المواطن والمستهلك يهمه المنافسة.
لذلك اقول ان الذي يريد ان يعمل صناعة ذات طاقة مكثفة فهو حر ، لكن لا يمكنه أن يجبرني على شراء صناعته بسعر اغلى.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.