أقر مؤتمر العمل العربي في دورته الثلاثين التي عقدت في تونس بين 24 شباط و3 آذار الماضيين الاستراتيجية العربية لتنمية القوى العاملة والتشغيل.
وهدف الاستراتيجية التأكيد أن العمل قيمة انسانية وحضارية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية ونفسية ودينية يتزايد دورها في التنمية، وتنمية القوى العاملة البشرية، والعمل بكل الوسائل لزيادة الانتاجية بصورة مستدامة، والسعي المتواصل لتحقيق التشغيل الكامل، وتوافق تنمية القوى العاملة والتشغيل مع اقتصاد السوق ومظاهر العولمة، وخفض معدلات البطالة، والعناية بفرض تشغيل المرأة، وتوطين الوظائف في البلدان قليلة السكان وذات موارد مناسبة، وتوجيه التعليم والتدريب لخدمة تنمية التشغيل والتلاؤم مع حاجات سوق العمل كمياً ونوعياً، وتقرير فرص التشغيل للمتنقلين العرب بين البلدان العربية، وتنمية وتنظيم معلومات سوق العمل وتطوير مكاتب التشغيل الحكومية ودعم نجاح منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
واقترحت الاستراتيجية آليات لتحقيق هذه الأهداف على المستوى القطري والقومي ومنظمة العمل العربية.
فعلى المستوى القطري أكدت ضرورة إنشاء مجالس وطنية عليا أو هيئات مستقلة عليا لتنمية القوى العاملة والتشغيل، وتشكيل لجان استشارية وطنية لتنمية هذه القوى، وإنشاء معهد وطني للانتاجية، وصناديق وطنية للتشغيل والتدريب، وقواعد بيانات وطنية ومتطوّرة حول سوق العمل وتنظيم مسح دوري عن التدريب والتشغيل.
أما الآليات على المستوى العربي فتشمل السعي لعقد قمة عربية تخصص لمشاكل البطالة والتشغيل ومتابعة المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي للموضوع بصفة دورية، وتأسيس هيئة تنسيقية بين مراكز الانتاج في البلدان العربية، وتسهيل نقل السلع والأفراد والعمل على تقليل التكلفة.
وبالنسبة لأبرز آليات منظمة العمل العربية فهي الخاصة تصميم برامج لتشغيل الشباب والمرأة وذوي الحاجات الخاصة وتصميم وتنفيذ شبكة معلومات حول القوى العاملة والتشغيل، وإقامة مرصد عربي للهجرة.
وفيما يأتي أبرز ما جاء في الاستراتيجية العربية لتنمية القوى العاملة والتشغيل:
فعن البرامج التي وضعتها الاستراتيجية لتحقيق الأهداف المرجوة أكدت ضرورة وضع حوافز مادية ومعنوية لزيادة الانتاجية، وتقليل التفاوت في الدخل والاعتبار الاجتماعي بين العمل اليدوي والعمل الذهني، وتغليب عنصر الكفاءة والقدرة على التجديد الايجابي.
ورأت أن زيادة الانتاجية بصورة مستدامة يمكن تحقيقها بالتنسيق بين جميع العناصر الانتاجية، والاهتمام بطرائق التدريب، وتبني مفهوم الجودة الشاملة وإنشاء مجالس وهيئات وطنية للانتاجية، بالاضافة إلى تقديم حوافز مادية ومعنوية لمن يسهم في زيادة انتاجية العمل.
أما في موضوع تحقيق التشغيل الكامل فقالت إن ذلك يتطلب تشجيع الاستثمار وتحفيزه، وتنفيذ برامج تزيد قابلية التشغيل وتحقق مرونة في سوق العمل، وتعيد تنظيم واستقدام اليد العاملة غير العربية.
وأشارت إلى أن تحقيق خفض معدلات البطالة ممكن بتنفيذ برامج تؤثر في عرض العمالة بمشاركة المؤسسات الانتاجية، واعتماد برامج تؤثر في الطلب على العمل، وإقامة صناديق وبرامج تشغيل وطنية في البلدان التي تصل فيها معدلات البطالة إلى مستويات عالية.
وعن العناية بفرص تشغيل المرأة أكدت الاستراتيجية ضرورة الاستفادة من نظم العمل المستخدمة، ورصد مساهمة المرأة وتفضيلاتها المهنية، ودعم وتنمية مشاريع الأسر المنتجة والصناعات الصغيرة تمويلاً وتوجيهاً وتسويقاً، بالاضافة إلى تصميم برامج خاصة بمحو أمية المرأة الوظيفية.
وقالت ان توجيه التعليم والتدريب لخدمة التنمية والتشغيل والتلاؤم مع حاجات سوق العمل كمياً ونوعياً يمكن تحقيقه بتوسيع فرص التدريب وطاقاته، ووضع أدلة تفصيلية له، والتوسع في عقود التدريب بفرض التشغيل مع المؤسسات الانتاجية وتنظيم حوافز لذلك، وتوسيع التشاور الثلاثي على مختلف المستويات حول حاجات التدريب، وتطوير مناهج التدريب وتوسيعها، وإعادة النظر في مصادر تمويلها بحيث تساهم فيها مختلف القطاعات الاقتصادية.
أما عن تنمية وتنظيم معلومات سوق العمل فقد أشارت إلى ضرورة إقرار بيانات أساسية عن القوى العاملة والتشغيل من خلال المسح الميداني وإعداد قواعد بيانات العرض والطلب، وفرض التدريب في مختلف الأجهزة الرسمية وغير الرسمية، وفرص إنشاء صناعات صغرى أو تشغيل ذاتي، بالاضافة إلى اعتماد التصنيف المهني العربي الموحد.
وأوضحت أن دعم نجاح منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى يمكن تحقيقه من خلال خطوات أهمها:
ـ التشاور الوثيق بين أصحاب الأعمال العرب لتوجيه الأنشطة الاقتصادية والاستثمارات بصورة متكاملة بغرض الاستفادة من الميزات النسبية للبلدان العربية ومن السوق العربية الواسعة.
ـ بذل جهود من قبل المنظمات النقابية وتنظيمات أصحاب العمل للتقليل من السلع المستثناة ولضبط الروزنامة الزراعية بالتشاور مع الحكومات.
ـ تحسين وسائل النقل بين البلدان العربية وتقليل تكلفته وتخفيض أوقات انتظار السلع على الحدود بتقليل الاجراءات وتطوير كفاءة القائمين بها وتحسين المعلومات حولها.
ـ تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة قليلة الأجور لضمان منافسة عادلة في التبادل.
ـ الاستعداد للمرحلة الموالية بعد منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وهي إقامة منطقة جمركية عربية واحدة ثم سوق عربية مشتركة.
الآليات
أما عن الآليات المطلوب اتباعها على المستوى القطري لتنفيذ أهداف وبرامج الاستراتيجية فهي الآتية:
أولاً: الآليات على المستوى القطري:
1 ـ إنشاء مجالس وطنية عليا أو هيئات مستقلة عليا لتنمية القوى العاملة والتشغيل، ويتم خاصة:
* رعاية هذه المجالس من قبل أرفع المستويات السياسية.
* يمثل في هذه المجالس هيئات التعليم (بأنواعه) والتدريب والتشغيل والانتاجية والاستثمار والحماية الاجتماعية والاحصاءات والدفاع كما تمثل فيها منظمات أصحاب الأعمال والتنظيمات النقابية العمالية.
* يقر هذا المجلس خطط تنمية القوى العاملة والتشغيل المتوسطة والبعيدة المدى ويبدي رأيه في الخطط السنوية أو الخطط قصيرة المدى.
* يكون لهذا المجلس مجالس أدنى شبيهة في التركيب على مستوى المحافظات (الولايات والعمالات) ترتبط به وتكون مسؤولة أمامه ويدعم هذه المجالس لجان استشارية.
* تنشر هذه المجالس أو الهيئات تقارير دورية عن أوضاع القوى العاملة والتشغيل وتطوّرها والمشاكل التي تواجهها وتحدياتها المستقبلية على أن تكون هذه التقارير محل اهتمام وزارات العمل العربية.
2 ـ تشكيل لجان استشارية وطنية لتنمية القوى العاملة والتشغيل. تشرف عليها وزارات العمل العربية ويمثل فيها أصحاب الأعمال والعمال بمشاركة الأطراف الأخرى المعنية بتنمية القوى العاملة والتشغيل حسب احتياج كل قطر. ويمثل هذه اللجان أمانة فنية للمجلس الوطني الأعلى أو الهيئة العليا لتنمية القوى العاملة والتشغيل.
وتقوم هذه اللجان بشكل خاص بما يلي:
* استكمال الجانب المعرفي لتنمية القوى العاملة والتشغيل.
* تحديد مشاكل التشغيل والتدريب وسياسات معالجتها.
* وضع برامج قطرية لتنمية القوى العاملة والتشغيل واقتراح صور التعاون العربي والدولي في هذا المجال.
3 ـ إنشاء معهد وطني (أو هيئة وطنية) للانتاجية تمثل فيه الجامعات (والبحث العلمي) وأصحاب الأعمال (خاصة المؤسسات الكبيرة) جهات أخرى يراها أي قطر مناسبة.
ويتولى هذا المعهد بشكل خاص:
* دراسة الانتاجية في مختلف قطاعات النشاط.
* تقديم حلول لزيادة الانتاجية في القطاعات والأنشطة التي تعاني تدني الانتاجية.
* نشر المعرفة والوعي بالانتاجية وأهميتها من خلال التأليف والترجمة ووضع الأدلة العملية.
* التدريب والتكوين في مجالات الانتاجية.
4 ـ إنشاء صناديق وطنية للتشغيل أو للتشغيل والتدريب معاً في البلدان التي تتفاقم فيها مشاكل البطالة وفقاً لما تقره كل دولة ويكون من مهامها تنمية التشغيل وتخفيف البطالة خاصة للفئات التالية:
* الشباب الباحث عن عمل لأول مرة.
* المتضررين من برامج الاصلاح الاقتصادي.
* المرأة العاملة.
* المتعطلين لمدة طويلة.
* ذوي الحاجات الخاصة.
5 ـ إنشاء قواعد بيانات وطنية شفافة ومتطوّرة حول سوق العمل يتم تبادل بياناتها من خلال شبكات الاتصال الوطنية أو الدولية وإتاحة الاتصال بها من بلدان عربية أخرى.
وتضم قواعد البيانات تلك: فرص التدريب والتشغيل وعروض وطلبات العمل وإمكانيات قيام صناعات صغرى وتشغيل دائمة وفرص التمويل وقواعده.
6 ـ القيام بمسوح دورية حول التدريب والتشغيل تأخذ بنظر الاعتبار الفئات الأكثر تضرراً بالبطالة والاعتبارات المنهجية المتعلقة بتشغيل المرأة والاسترشاد بالتصنيف المهني العربي الموحد لضمان المقارنة.
ثانياً: الآليات على المستوى العربي:
1 ـ السعي لعقد دورة لمؤتمر قمة عربي تخصص لمشاكل البطالة والتشغيل ومتابعة المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي للموضوع بصفة دورية.
2 ـ إدراج البعد الاجتماعي من تدريب وتشغيل ضمن برنامج المنطقة التجارية الحرة العربية الكبرى ويستمر ذلك بوتيرة أشد مع إقرار المنطقة الجمركية العربية الواحدة والسوق العربية المشتركة.
3 ـ تنظيم مؤتمر عربي مشترك لوزراء التعليم والعمل والصناعة لتحديد الروابط المشتركة لتنمية القوى العاملة يعقد بصفة دورية كل خمس سنوات.
4 ـ تأسيس هيئة تنسيقية بين مراكز الانتاجية في البلدان العربية.
5 ـ التنسيق بين منظمة العمل العربية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية خاصة بشأن:
* إقرار يوم عربي للانتاجية.
* تكامل الجهود للتنمية البشرية والتشغيل من خلال جهود المنظمات والمجالس العربية المعنية بالتعليم والصناعة والقياس والادارة والزراعة والشؤون الاجتماعية.
* تسهيل نقل السلع والأفراد والعمل على تقليل التكلفة.
* تنمية الشركات العربية المشتركة.
* تنسيق جهود المسوح الميدانية حول القوى العاملة تعريفاً ومنهجية ونشراً.
* اعتماد التصنيف المهني العربي الموحد للأغراض الاحصائية والتخطيطية.
* دعم السعي لتمويل برامج تنمية القوى العاملة وتشغيل الشباب عربياً ودولياً والتعاون في تنفيذها.
6 ـ إنشاء وتطوير شبكة عربية للمعلومات والتنسيق بشأن الصناعات الصغرى أو المتناهية الصغر، وذلك بهدف تبادل التجارب وتحسين أداء هذه الصناعات وتوفير فرص أفضل لتشغيل الشباب.
7 ـ التنسيق مع منظمات العمل العربي المشترك واتحاداته والمنظمات غير الحكومية ذات العلاقة والمناسبة لتكامل الجهود لتحقيق مرامي الاستراتيجية حسب مجالات عملها.
ثالثاً: الآليات في إطار منظمة العمل العربية:
1 ـ تقدم منظمة العمل العربية المشورة بشأن عمل المجالس الوطنية لتنمية القوى العاملة والتشغيل أو الهيئة العليا واللجان الاستشارية الوطنية والهيئات المعنية بالانتاجية، والصناديق الوطنية للتشغيل، وذلك عندما يطلب منها ذلك.
2 ـ تصميم برامج لتشغيل الشباب والمرأة وذوي الحاجات الخاصة تموّل وتنفذ عربياً.
3 ـ المساعدة في دعم الجهود البحثية والمسوح الميدانية في مجالات تنمية القوى العاملة والتشغيل، ووضع أدلة وتصانيف وتعاريف ومنهجيات تخدم ذلك.
4 ـ إعداد تقرير دوري حول أوضاع القوى العاملة والتشغيل في الوطن العربي.
5 ـ إعادة النظر دورياً بالتصنيف المهني العربي في ضوء تطوّر المفاهيم التكنولوجية والصناعية والعمل على تطبيقه في جميع الدول العربية.
6 ـ تقديم الدعم للبرامج الهادفة للحد من تشغيل الأطفال والأحداث.
7 ـ متابعة انعكاسات المتغيرات الدولية والاقليمية على قضايا العمل والتشغيل.
8 ـ تصميم وتنفيذ شبكة معلومات حول القوى العاملة والتشغيل من خلال شبكة اتصال عالمية يتم من خلالها متابعة مؤشرات أسواق العمل في البلدان العربية.
9 ـ العمل على تطوير شبكة المعلومات العربية حول الصناعات الصغرى والمتناهية الصغر.
10 ـ تبني مشروع إقامة مرصد عربي للهجرة وتوفير فرص النجاح له.
11 ـ اقتراح أدوات قانونية من اتفاقيات وتوصيات جديدة أو معدلة في المجالات التالية:
ـ التشغيل.
ـ تنمية القوى العاملة أو التدريب والتوجيه.
ـ تنقل الأيدي العاملة.
ـ مكاتب التشغيل.
ـ معلومات القوى العاملة والتشغيل.
ـ تشغيل الأطفال.
ـ تقليل التمايز بين الذكور والاناث في العمل.
12 ـ المساهمة في جهود التعريب والترجمة في مجالات القوى العاملة والتشغيل والانتاجية.
13 ـ القيام بجهود منسقة للتوسع في تبني معايير متابعة إدارة الجودة الدولية والتدريب عليها.
14 ـ إعداد تقارير لمتابعة الانجاز في استراتيجية تنمية القوى العاملة والتشغيل حال إقرارها لتعرض على مجلس إدارة منظمة العمل العربية.
15 ـ تحل هذه الاستراتيجية محل الاستراتيجيتين السابقتين (استراتيجية تنمية القوى العاملة 1985 والاستراتيجية العربية للتشغيل 1993) وذلك حال إقرارها.
16 ـ يمتد نفاذ هذه الاستراتيجية لمدى عقدين من الزمن من تاريخ إقرارها، ويتم إقرار تعديلات عليها مرة كل خمس سنوات إذا استدعت المستجدات في سوق العمل ذلك.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.