كتبت صحيفة "الجمهورية": لا يمكن إلقاء القبض عليه، هو كالوهم، كالشبح، يخطف الأرواح بلا رحمة! إن سمحتِ له بدخول منزلكِ والسيطرة على عقلكِ وحياتكِ، امتلككِ وتغلّب عليكِ، لكن إن حاربته بكل ما تملكين انتصرتِ عليه.
يُقال إنّ هذا المجرم يستهدف النساء أكثر من الرجال، وكل امرأة من بين 8 مُهدّدة به. لكن هذا لا يمنع من تسلّله الى الرجال أيضاً. أمّا هذا المجرم فلا يوجّه سلاحه ويطلق طلقة واحدة ينهي بها حياة الإنسان، بل التعذيب الذي يمارسه على ضحاياه يفوق الطلقة النارية الواحدة. يعتمد هذا المجرم على التعذيب النفسي والجسدي قبل أن يفتك بضحيته. للأسف، دخل تقريباً كل بيت وخسرنا بسببه أمهاتنا، شقيقاتنا وصديقاتنا، وكل ذلك بسبب خطأ واحد: الإهمال.
نعم، كل امرأة أهملت نفسها ورفضت إجراء الصورة الشعاعية للصدر، سمحت له باستهدافها، وكلّما تأخّرت عن كشفه كلّما تعمّق أكثر وتلذّذ بتعذيبها وصعُبَ التخلّص منه. ومع تفشّيه أكثر وأكثر، سواء بسبب التلوّث، حيث يحتلّ لبنان المرتبة الخامسة عالمياً، أو بسبب عوامل وراثية، تُطلق الجمعيات والمؤسسات حملات للتوعية والوقاية منه، في شهر تشرين الأول من كل سنة. وتدعو من خلالها كل امرأة إلى إجراء الصورة الشعاعية قبل فوات الأوان. كما تساهم هذه الهيئات في دعم المرضى مادياً لتكاليف العلاجات الكيميائية وغيرها، كما الدعم المعنوي الذي قد يكون على شكل تبرعات بالشعر لصنع شعر مستعار يُقدَّم لهنّ بعد فقدانهنّ شعرهنّ نتيجة العلاجات التي خضعن لها.
في حديث لـ«الجمهورية» مع الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي Lebanese Breast Cancer Foundation حول الحدث السنوي الذي تقيمه لوريال بعنوان I Took The Cut حيث تتبرّع النساء (والرجال أيضاً) بشعرهن لمرضى سرطان الثدي، قالت إحدى أعضاء لجنة الجمعية: «تبرّع حوالى 500 شخص بشعره هذه السنة خلال الحدث الذي تنظمه شركة لوريال I Took The Cut وتهتم بتأمين مصفّفي الشعر وبتنسيق الحدث بأكمله. هذا عدا عن الأشخاص الذين تبرعوا بشعرهم المقصوص سابقاً». للتبرّع بالشعر لمرضى السرطان يقصّ الحلاقون 20 سنتيمتراً على الأقل من الشعر بعد ربطه على شكل تسريحة ذيل الحصان، ليتمكّنوا صنع الشعر المستعار لاحقاً. علماً أنّه مهما كان شكل أو نوعية شعركِ ولونه وحتى إن كان مصبوغاً، يمكنكِ التبرّع به. وأكّدت العضو في الجمعية: "قد يحتاج المختصّون لخمسة ذيول شعر لصنع شعر مستعار واحد، لكن هذا يعتمد على نوعية كل شعر طبعاً".
أضافت: "نأخذ الشعر المُتبرّع به إلى صالون «قرقفي» الذي يهتم بصنع الشعر المستعار، وكلّما احتجنا إلى واحدة منها يرسلونها لنا. وبالتالي، تلجأ المصابة بالسرطان التي تخضع للعلاج إلى الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي LBCF، في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، ويُقدّم لها الشعر المستعار مجاناً، من دون أي شروط تُذكر".
شهر التوعية ضد سرطان الثدي ومساندة المصابات به، لا يكون بمجرّد وضع شريط وردي على صدورنا، بل هي مسيرة حقيقية نحملها لنتذكّر ضحايا ذلك «المجرم الوردي». ونحذّر النساء من خطورته ونشدّد على أهمية كشفه المبكر لإنقاذ حياتهنّ.
من جهة أخرى، ندعم بهذا الشريط الوردي المصابات، قدر الإمكان، لمساعدتهنّ في محاربته والإنتصار في هذه المعركة الصعبة، سواء من خلال الشعر أو غيره. والشعر المستعار ليس حاجة ثانوية لهنّ، لأنّ ما لا يدركه البعض أنّ الشعر الجميل يزيد ثقة المرأة بنفسها حتى ولو قليلاً. ووفقًا لاستطلاع جديد، تقول 42 في المئة من النساء إنّ الشعر الجميل يمنحهن دفعة ثقة، تتفوّق على ستايل الملابس أو المكياج. لا شكّ أنّه عند خسارة الشعر تشعر كل امرأة بفقدان جزء من أنوثتها. «نحنا إذا قصّينا شعرنا شوي بتفرق معنا كتير كيف إذا خسرناه كلو؟".
ألا تعتقدن أنّ "محاربات المجرم الوردي" يستحقن ولو دفعة صغيرة من الثقة؟
"المجرم الوردي" مطلوب للعدالة! ولا بدّ من القضاء عليه وتدميره يوماً ما. كفى هدراً بأرواح نسائنا وشبابنا، شبعنا موتاً! رغم ذلك، ما زال الحل بيدكِ، كأي مشكلة أخرى، فالتغيير لمستقبل أفضل يبدأ بخطوة واحدة في رحلة الألف ميل. وفي هذه الحالة تبدأ بصورة شعاعية، والخوف هو عدوكِ الأكبر. أمّا القوية القديرة بيننا هي التي لا تستسلم للتجارب المريرة التي تعرقل حياتها، بل تتابع طريقها بكل عزم وإصرار موجّهة هدفها نحو الانتصار بمعركتها ضد "المجرم الوردي" مهما كلّف الأمر.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.