18 تشرين الأول 2019 | 19:27

أخبار لبنان

الحريري: أمام شركائنا مهلة 72 ساعة.. أو سيكون لي كلام آخر ‏





اعتبر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، أن ما رأيناه منذ الأمس هو وجع حقيقي للبنانيين، ‏أساسه مستوى السلوك السياسي بالبلد، الذي هو السبب وراء المماطلة بالحلول والتردد بالقرارات ‏وتعطيل الدولة أمام كل مشكل صغير وكبير، فيما كان الناس ينتظرون من الحكومة وكل الطاقم ‏السياسي جدية في العمل، لكننا لم نقدم لهم إلا العراضات السياسية والسجالات. وقال: "عندما ‏أتينا إلى الخطوة المباشرة وحاولنا التنفيذ، لم تبق هناك مماطلة أو فركوشة إلا ووضعت بوجهي، ‏إن كان في موضوع الكهرباء أو خفض العجز أو تعيينات المجالس والهيئات الناظمة، التي هي ‏أولى خطوات الإصلاح. كانت كلها تعطل وما في شي بيمشي‎".‎

وحدد الحريري مهلة 72 ساعة لنفسه، وقال: "أنا شخصيا، سأعطي نفسي وقتا قصيرا جدا، فإما ‏أن يعطي شركاؤنا بالتسوية وبالحكومة جوابا واضحا وحاسما ونهائيا، يقنعني أنا، ويقنع اللبنانيين ‏والمجتمع الدولي وكل من يعبرون عن الغضب بالشارع اليوم، بأن هناك قرارا من الجميع ‏بالإصلاح ووقف الهدر والفساد، أو يكون لي كلام آخر‎".‎

كلام الحريري جاء في رسالة وجهها مساء اليوم إلى اللبنانيين من مكتبه في السراي الحكومي، ‏في ما يلي نصها‎:‎

‎"‎لقد عودت اللبنانيين في كل اللحظات الحاسمة أن أخاطبهم مباشرة وأصارحهم بالحقيقة، لأنه ‏رغم كل شيء، كنا وما زلنا وسنبقى عائلة وحدة، اسمها لبنان‎.‎

البلد يمر بظرف عصيب لا سابقة له في تاريخنا. وهذا الكلام الصريح أتمنى من اللبنانيين أن ‏يسمعوه بدقة، بعيدا عن المزايدات السياسية التي ترونها على الشاشات من الأمس وحتى اليوم. ما ‏رأيناه منذ مساء الأمس هو وجع اللبنانيين، هو وجع حقيقي، أنا أشعر به وأعترف به وأنا مع كل ‏تحرك سلمي للتعبير عنه. لكن المهم هو كيف سنعالجه ونقدم حلولا له، لأن هذه هي المسؤولية ‏التي كلفنا بها الشعب اللبناني‎.‎

على الرغم من أن هذا الوجع انفجر في الشارع بالأمس، أنا أحاول منذ أكثر من ثلاث سنوات أن ‏أعالج أسبابه وأقدم حلولا حقيقية له. منذ أكثر من 3 سنوات، قلت لكل شركائنا في الوطن، أن ‏بلدنا فرضت عليه ظروف خارج إرادته، وهو ينفق عاما بعد عام أكثر مما يدخل، وبات الدين ‏كبيرا لدرجة أنه لم يعد بمقدورنا أن نستمر على هذا النحو‎.‎

الكهرباء تكلف الدولة ملياري دولار في السنة، وسلسلة الرتب والرواتب أقرت وملتزمون بها، ‏لكن تبين أنها فاقت التوقعات وتكلف أيضا حوالي ملياري دولار عجزا إضافيا في السنة. هذا ‏بالإضافة إلى فوائد الديون والهدر وغيرها. قلت أن الحل هو أن نخفض الفارق بين المصروف ‏السنوي والمدخول السنوي، لكي نخفض في مرحلة أولى الحاجة لديون جديدة. وفي الوقت نفسه، ‏قلت للجميع أن الحل الحقيقي هو أن نزيد مدخول البلد، أي أن نعيد النمو للاقتصاد، الذي يخلق ‏فرص عمل، خصوصا للشباب والشابات. ولأننا لا يمكن أن ننفذ هذا الحل بإمكاناتنا وحدنا، ‏اتفقنا مع كل الشركاء بالوطن، على إصلاحات لا حل من دونها، وأخذت هذا الاتفاق إلى أشقائنا ‏وأصدقائنا في المجتمع الدولي. وهنا أود أن أوضح أن الإصلاحات لا تعني ضرائب. ‏الإصلاحات تعني أن نغير الطريقة التي يعمل بها لبنان، فلا يمكننا أن نعيش في العام 2019 في ‏حين نعمل بقوانين أقرت في خمسينات وستينات القرن الماضي. فتحدثت مع أصدقائنا في ‏المجتمع الدولي وأبلغتهم أن هذا ما قررنا أن نقوم به، وطلبت منهم بالمقابل، المساعدة بتمويل هذا ‏الحل، أي ضخ أموال جديدة وحياة جديدة بالاقتصاد اللبناني. ووافقوا مشكورين، أنه بناء على ‏هذه الإصلاحات التي قررناها، أن يلتزموا بـ 11 مليار دولار لتمويل هذا الحل. هذا بالمختصر ‏ما يسمى "مؤتمر سيدر‎".‎

عدت لشركائنا في الوطن والحكومة. قلت لهم: هل يرى أحدكم أن المشكلة على غير ذلك؟ قالوا ‏لي كلا. سألتهم: هل يرى أحدكم أن الحل يجب أن يكون غير ذلك؟ وكذلك قالوا كلا. يعني أن لا ‏أحد طرح حلا آخر، فتوكلت على الله وأتيت إلى التنفيذ. فلم تبق هناك مماطلة، ولم تبق هناك ‏‏"فركوشة" إلا ووضعت بوجهي! بدأنا من تشكيل الحكومة: أسابيع وأشهر وفصول! قلت بإصلاح ‏الكهرباء، لأن الكهرباء وحدها تمثل ملياري دولار في السنة. ولكني منذ يوم تشكيل الحكومة وأنا ‏أعقد اجتماعا بعد اجتماع، ولجنة بعد لجنة، وطرحا بعد طرح، ووصلت أخيرا إلى خط النهاية، ‏فأتى من يقول: "ما بيمشي‎".‎

أتينا إلى الخطوة المباشرة الأولى، والتي هي خفض العجز. خفضنا النفقات إلى أقصى درجة، ‏وسألنا من أين نستطيع أن نزيد الدخل. اجتماعات ولجان واتصالات، لنصل أخيرا إلى اتفاق، ‏وحين نصبح عند خط النهاية، يأتي من يقول: "ما بيمشي‎".‎

أتيت إلى تعيينات المجالس والهيئات الناظمة، والتي هي أول خطوات الإصلاح، وأيضا "ما ‏كانت تمشي‎".‎

وبدل أن يركزوا على معالجة العجز والإصلاحات، فإما أن نقضي الوقت بتصفية حسابات بين ‏بعضنا البعض، على حساب الوقت، أي على حساب الناس، أو تصفية حسابات مع الخارج، الذي ‏هو نفسه اتفقنا على أن نشجعه لمساعدتنا والاستثمار باقتصادنا‎.‎

هيئة حماية المستهلك، "ما بتمشي". كل لجنة وزارية 9 وزراء على الأقل، ليكون الجميع ‏مسرورا. حكومة وحدة وطنية، فهمنا! ولكن اللجان أيضا لجان وحدة وطنية؟ والنتيجة، "ما فيه ‏شي بيمشي"! كيف ذلك؟‎.‎

أي شعب يواجه أداء سياسيا على صورة ما رأيتموه من أشهر وسنين، تكون ردة فعله الغضب. ‏الغضب، بالتأكيد نتيجة أوضاع معيشية، لكن أساسه مستوى السلوك السياسي بالبلد، الذي هو ‏السبب وراء المماطلة بالحلول والتردد بالقرارات وتعطيل الدولة أمام كل مشكل صغير وكبير‎.‎

ربما هناك جهات بالداخل سعيدة بما يحصل، و"عملت قبة باط" لمجموعات نزلت إلى الشارع ‏وركبت موجة الشباب والشابات التي هي في وجه الجميع، "منا وجر!". وقد يقال أن هناك ‏مخططا خارجيا لتخريب الوضع أو أن هناك متغيرات بالإقليم وموازين قوى انقلبت، وأنه إذا ‏كان الوضع يتجه نحو الهدوء في سوريا فلتخرب في لبنان‎!‎

لكن هذا كله لا يلغي أن هناك وجعا حقيقيا انفجر بالأمس. الناس أعطونا أكثر من فرصة من 3 ‏سنوات، أول مرة وثاني مرة وثالث مرة وعاشر مرة. انتظروا منا أن نقوم بشيء وأن نبدأ ‏بالإصلاح وننطلق بالمشاريع ونفتح مجال العمل للشباب والشابات، لكن الكل "قاعد ومرتاح على ‏وقتو"، وهمه كيف يسجل نقاطا في ملاعب الآخرين‎.‎

لننظر إلى أيام تعطيل البلد، خلال تأليف الحكومة والمناكفات والمشاكل، كم كانت كلفتها بالمال ‏والاقتصاد وتراجع النمو؟ اللبنانيون كانوا ينتظرون من الحكومة وكل الطاقم السياسي جدية في ‏العمل، لكننا لم نقدم لهم إلا العراضات السياسية والسجالات‎.‎

لا أريد أن أدخل بمزايدات مع أحد، وأعلم أن هناك كثر ينتظرون أن "يبلوا إيدن بسعد الحريري ‏ويعملوا منا كبش محرقة"، وهناك أشخاص بدأوا يدفعون زعرانهم علينا، كما فعلوا في السابق ‏مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكن هذا الأمر قادرون عليه، وسيأتي وقت الكلام به‎.‎

ما كان يهمني اليوم هو أن أتحدث مع الناس، من دون قفازات، وأن أخبرهم كيف زرع الغضب ‏في قلوبهم يوما بعد يوم. الجميع يعلم أني ذهبت إلى التسوية السياسية لكي لا يذهب البلد إلى ‏صراع أهلي جديد، وقررت أن أقلب الطاولة على نفسي لكي لا تنقلب على البلد. ومنذ أربع ‏سنوات وأكثر أدور الزوايا، وأدور من بلد إلى آخر لكي أفتح للبنان فرص الدعم والمساعدة ‏والاستثمار‎.‎

لكن بعدما حصل منذ الأمس، بدأت أرى الأمور بعيون أخرى. ليست عيون الندم على التسوية، ‏لأني لست نادما للحظة أني قمت بواجبي في حماية البلد وإعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية. ‏الناس وجهوا لنا رسالة، وكانوا ينتظروننا من شهور أن نوجه نحن لهم رسالة، وأن نقول لهم ‏كيف يمكن للبلد أن يخرج من "جورة" الفوضى والهدر والفساد‎.‎

نحن ننتظر منذ شهور شركاءنا بالوطن وبالحكومة، أن يسيروا بالحل الذي اتفقنا عليه. لكننا لم ‏يعد بمقدورنا أن ننتظر. إذا كان هناك من يعتقد أن لديه حلا غير هذا الحل. كان ليتفضل ويقول ‏لنا من قبل. وحتى إذا قرر الآن، لأسباب خاصة به، أنه وجد حلا غير هذا الحل، فنقول له: لا ‏لزوم لوجع الناس، ولا لزوم لينفجر الشارع، ولا لزوم لأن يصطدم الناس بالجيش أو القوى ‏الأمنية لا سمح الله. فليتفضل، ولننظم انتقالا هادئا، وليتسلم هو زمام الأمور، ويطبق الحل الذي ‏يفكر به، أي حل كان يفكر به، ونحن نقول له: "الله يوفقك‎".‎

لكن الأهم، أود أن أقول: مهما كان الحل، لم يعد لدينا وقت. وأنا شخصيا، سأعطي نفسي وقتا ‏قصيرا جدا، فإما أن يعطي شركاؤنا بالتسوية وبالحكومة جوابا واضحا وحاسما ونهائيا، يقنعني ‏أنا، ويقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي وكل من يعبرون عن الغضب بالشارع اليوم، بأن هناك ‏قرارا من الجميع بالإصلاح ووقف الهدر والفساد، أو يكون لي كلام آخر. أعود وأقول: مهلة ‏قصيرة جدا ويجب أن يكون هذا الكلام واضحا للجميع، وإذا تساءلتم ما هي هذه المهلة القصيرة ‏جدا، فهي 72 ساعة‎.‎

عشتم، وعاش لبنان‎".‎


https://www.facebook.com/BlueForceLB/videos/572994413521647/


https://www.facebook.com/BlueForceLB/videos/1398037233682373/














يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

18 تشرين الأول 2019 19:27