23 كانون الأول 2019 | 17:15

ثقافة

‏"طرس" غسان حلواني في "اشبيلية–صيدا": المفقودون زادوا واحداً‎ !‎

المصدر: رأفت نعيم

حضرت "قضية المخطوفين والمفقودين " في سينما اشبيلية- صيدا، من خلال عرض خاص لفيلم "طرس - رحلة الصعود إلى المرئي " للمخرج غسان حلواني وبحضوره ويتناول قضية المخطوفين أثناء الحرب الأهلية اللبنانية .

حضر العرض حشد كبير من المهتمين ومن عائلات واهالي المخطوفين والمفقودين ومديرة سينما ومسرح اشبيلية هبة زيباوي التي كانت في استقبال المخرج حلواني والحضور.

وبعد عرض الفيلم جرى حوار بين مخرجه وبين الحضور حول مضمونه وتطرق بشكل اساسي على قضية المفقودين والمخطوفين.

المخرج حلواني

منطلقاً من معاناة شخصية طويلة اختبرها مع والدته رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان السيدة وداد حلواني منذ خطف والده في العام 1982 ، يقارب غسان حلواني قضية المخطوفين والمفقودين من زاوية تعاطي السلطة مع هذا الملف في مرحلة السلم والذي يعتبر غسان ان ممارسات الدولة اللبنانية ما بعد العام 1991 بحق ملف المفقودين وكيف ان قانون العفو العام حينها الغى كل عناصر الجريمة ... واصبح ملف المفقودين هو الآخر مفقوداً.. لكنه باق ونابض كقضية !.

يقول غسان لـ " مستقبل ويب" : " علاقتي بملف المخطوفين والمفقودين تنطلق من تجربة شخصية قاسية عشتها ووالدتي منذ ان خطف والدي امام اعيننا سنة 1982 ومما حدث لاحقاً وكيف تابعت والدتي قضية المفقودين والمخطوفين ولا تزال . لقد عشت مع هذه القضية بشكل يومي منذ كان عمري ثلاث سنوات، كنت ارتب صور المفقودين واضع صورة كل مفقود بملفه وعشت معها كأخ ثالث . وانا لمراحل متقدمة جزء من حياتي ربيت مع عائلات المفقودين وعشت معهم في بيوتهم ".

ويضيف " الفيلم ليس له علاقة بالحرب وانما يضيء على ممارسات الدولة اللبنانية ما بعد العام 1991 ولا يحكي عن جرائم الحرب وانما عن "جرائم السلم" فيوثق ما فعله اطراف الدولة من "جرائم مرتكبة" بحق المفقودين وكيف ان قانون العفو العام الغى كل عناصر الجريمة .. فإذا ذهبت الى القضاء يجب ان تتوافر عناصر الجريمة الثلاثة" الضحية سواء كانت حية او ميتة ، المجرم ، والجريمة .. وما جرى هو اخفاء الجثة. الفيلم يحكي عن المقابر الجماعية الموجودة في البلد والتي ردمت واقفلت . ومنها ما كان في مكب النورماندي سابقاً ( الواجهة البحرية لبيروت حاليا) وهذه بحد ذاتها جريمة مورست على قضية المققودين والمخطوفين بشكل مباشر خلال مرحلة السلم ".

ويضيف " يعدد الفيلم الأدوات التي استخدمتها الدولة في فترات مختلفة لتكذب الحقيقة . مثلاُ تكتشف مقبرة في مجدل عنجر ويظهر تقرير الطبيب الشرعي انها تعود لعشرين سنة اي الى فترة الحرب الأهلية ، بينما المدعي العام حينها اغلق الملف بعدما حدد عمر الجثث انها تعود الى القرن السابع عشر! .. ومقبرة ثانية تكتشف في الشبانية فيحمل الطبيب الشرعي عظمة ويقول انها تعود الى عظام حيوانات ويقمون بسحلها ..هذه جريمة بحد ذاتها ..قتل اموات واخفاء اثار جرائم .!".

ويشير حلواني الى ان الفيلم في مرحلة ثانية " يضع تراتبية وعنوانا اخر وهو :من سُمح لهم ان يعثر عليهم " وهم المقاومين الفلسطينيين والمقاومين في جبهة المقاومة الوطنية أُعطي اذن لإيجادهم لأن هؤلاء قتلتهم اسرائيل وفعلا كشفوا على كل المقابر في الجنوب واخرجوا الجثث .. بينما مقابر اخرى لم تفتح ولم تكشف او لم يُسمح بالتعرف على حقيقتها وضحاياها .. ثم يحكي الفيلم عن الذين كانت هناك صعوبة اكثر في ايجادهم لأن ذلك يورط اطرافاً من السلطة وعن مواطنين لبنانيين وغير لبنانيين أخفوا قسرا ولم يُعط الاذن بإيجادهم وبعض المقابر تم البناء فوقها .".

ويبدأ الفيلم بحوار بين المخرج وبين مصور صحفي حول صورة التقطها الأخير في فترة الحرب الأهلية كانت تظهر عملية خطف قبل ان يقوم المخرج بمحو بعض معالمها بشكل عشوائي .. ويقول حلواني عن هذه الصورة " استخدمتها لأحكي كيف ان قانون العفو العام محا الجريمة بطريقة غير نظيفة فمحيت بعض معالمها بشكل غير نظيف لأقول ان قانون العفو العام لم يستطع ان يمحي الجريمة وانه لا زال ظل الجريمة موجودا ..!".

وعما اذا كان الحراك الذي يشهده لبنان منذ اكثر من شهرين اعطى زخما ووهجاً اكبر لقضية المفقودين والمخطوفين يقول حلواني " لا شك ان الحراك اخرج قضية المفقودين من كونها فقط قضية اهاليهم وعائلاتهم وطرحها كإرث نحن جميعا كشعب لبناني معنيون به ، لأننا نرث هذه الأرض بجمالها وقباحتها ، ويجب ان نتخذ قراراً كيف يجب ان نعيش واذا لم يكن لدينا مشكلة كشعب وكورثة ان نعيش في هذا الظرف ونمارس حياتنا فوق مقابر فلنتخذ قرارنا على يقين وليس من دون أن نعرف" ., لافتاً الى انه تلقى طلبات لعرض الفيلم في العديد من ساحات الحراك ويقول " كان ذلك مهماً بالنسبة لي لنقول ان مشكلتنا اليوم ليست فقط اقتصادية وانما مشكلة مع نظام.. اهالي المفقودين لديهم خطابهم وهو خطاب نضالي وهذا الفيلم جاء ليقول ان هذا المجتمع بغض النظر عن اهالي المفقودين ملزم بأن يكون له خطابه تجاه هذه القضية ".

وعن الجانب التوثيقي في الفيلم ، يشير حلواني الى انه استعان فيه بأرشيف لجنة اهالي المفقودين الذي يجري تحويله من ورقي الى رقمي ويتم انشاء موقع الكتروني خاص باللجنة وبهذه القضية . ويقول "نعتبر أن هذا الأرشيف هو ارث وطني للجميع .. وهو يمكن ان يكون مرجعاً لأساتذة وباحثين وطلاب ولأي مهتم وهذه المادة موجودة وهي ملك للجميع ".

وعن سبب اختياره هذه التسمية للفيلم " "طرس - رحلة الصعود إلى المرئي " يقول حلواني " طرس من "طروس" وهو مصطلح صعب في اللغة العربية ، وتعني الكتابة فوق كتابة ممحية ، في الماضي القديم كانوا يكتبون على الجلد ولأن الجلد جينها كانا غالي الثمن، اصبحوا يمحون النصوص التي لا تهمهم ويكتبون فوقها ومع مرور الزمن ، الممحي عاود الظهور . وهي تماما كما فكرة صور الجدران التي تلصق فوق بعضها ويمكن اعادة كشف ما هو تحتها ، وفكرة اخفاء مقبرة جماعية وتعود فتظهر .. واردت من خلال ذلك ان اقول ان هذا تاريخ والتاريخ لا نستطيع محوه !".

يعكف المخرج غسان حلواني مع مجموعة حالياً على بحث بعنوان " انتاج اللامساواة في تنظيم الأراضي اللبنانية" سيحول لاحقا الى فيلم ، ويشير الى ان الهدف هو اظهار "كيف مؤسسات الدولة تقضي على منطقة بشطبة قلم " .

اشارة الى ان الفيلم الذي بدأ العمل به في العام 2013 وعرض لأول مرة في العام 2018 ، تم عرضه في العديد من دول العالم مثل تشيلي واميركا الشمالية وكندا والمكسيك وكوسوفو واليابان وغيرها من بلدان شهدت حروبا اهلية وعمليات خطف ولاقى عرض الفيلم صدى كبيرا في بعض هذه البلدان .









يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

23 كانون الأول 2019 17:15