24 كانون الثاني 2020 | 08:45

أخبار لبنان

جنبلاط: المشكلة في "صهر العهد".. والحراك "الأول" أنهى الجمهورية الثانية ‏

المصدر: المركزية

أكد رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط، أنه يخالف الأحكام المسبقة على التشكيلة ‏الحكومية؛ موضحاً أن "وجود حكومة أفضل من الفراغ، وأن المهمات الملقاة على عاتقها كثيرة ‏في الاقتصاد والإصلاح، بعدما فشل العهد الرئاسي فشلاً ذريعاً في الأعوام الثلاثة الماضية نتيجة ‏أداء صهر العهد (الوزير السابق جبران باسيل)".‏

‏ ويضيف جنبلاط في حديث لـ "اندبندنت عربية"؛ "التحدي اليوم أمام هذه الحكومة، إبعاد شبح ‏هذا الصهر عمّا تبقى من العهد لينجح، بدءاً من الإصلاح البنيوي المطلوب في الكهرباء ‏ومحاربة الفساد عبر القوانين المطلوبة، ولا يتم ذلك إلا عبر قضاء مستقل. وأهم بند على لائحة ‏مطالب الحراك كان استقلالية القضاء، وهذا يتطلب قانوناً، ويجب أن تُعطى الحكومة مهلة، وأنا ‏لا أشارك الرأي بأنها حكومة لون واحد، لأن اللون الواحد هو لون العهد المدعوم من حزب الله‎".‎

ويشير جنبلاط الى أن "أغلبية الوزراء باستثناء وزراء (التيار الوطني الحر) ليسوا ملتزمين ‏حزبياً، لكن التحدي الكبير يكمن في البيان الوزاري، بحيث يبعد لبنان عن الصراع الدولي، لأن ‏لعبة الأمم أكبر من قدرة أي لبناني أكان في الحراك أو في أي معسكر سياسي، تدمّر ولا تجدي". ‏ويقول: "علينا أن نعمل على استعادة اللبنانيين ثقتهم ببلدهم، لا أحد سيساعدنا على المستوى ‏الدولي، باستثناء فرنسا ربما من خلال مؤتمر "سيدر"، إذا طبقنا التزاماتنا الإصلاحية، فالعالم ‏العربي منشغل بهمومه في ظل الفوضى الحاصلة والقائمة على مصالح تتصل بالنفط والغاز، ‏وعندما نتحدث عن خطوط الغاز والنفط، تتقدم مصالح الدول على ما عداها‎".‎

‎ *‎نفط وغاز‎*‎

لكن، في لبنان يوجد نفط وغاز أيضاً؟ يجيب: "نعم، والأفضل أن يبقى في الأرض حتى نتثبت ‏من مصداقية الدولة. يطالب الحراك اليوم في الشارع بانتخابات نيابية مبكرة، لكن على أي ‏قانون. كنا أول من طرح فكرة الدائرة الواحدة خارج القيد الطائفي، على أن يتم إنشاء مجلس ‏الشيوخ الذي يرعى مصالح الطوائف، معطوفاً على قانون الأحوال الشخصية المدني، وهذه في ‏رأيي الوسيلة الوحيدة لتغيير النظام. شعار إسقاط النظام جيد جداً ولكن كيف؟ في لبنان لا يمكن ‏لأي فريق أن يسقط النظام بالحرب أو بانقلاب عسكري، بل يكون في صندوق الانتخابات، إنما ‏بقانون جديد، لأن القانون الحالي سيولد النظام نفسه، ومسؤولية الحكومة الجديدة أن تقدم قانوناً ‏جديداً إلى البرلمان‎".‎

ويستطرد "أخشى أننا وصلنا ربما إلى حاجة لإعادة النظر في دستور الطائف، وقيام الجمهورية ‏الثالثة على أنقاض الجمهورية الثانية، قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية، وأن ‏ترسي لبنان على قاعدة قانون انتخابي لا طائفي، وأن تعطي طمأنينة كبيرة إلى الطائفة الشيعية ‏وضمانات إلى حزب الله تحديداً، إذا فتح النقاش الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية‎".‎

في المقابل، يوضح جنبلاط إن كان الحراك يؤسس للجمهورية الثالثة التي يتحدّث عنها. ويشرح ‏‏"الأكيد أن الحراك أنهى الجمهورية الثانية، لكن علينا أن نحدد عن أي حراك نتحدث. أنا أتحدث ‏عن الحراك الأول، لأن الحراك الذي نشهده الآن أصبح حراك عنف. الحراك الأول حدّد ‏مطالب، لكنه لم يحدد آلية. وأنا كنت من الأوائل الذين تقبلوا مطالب الحراك، وقلت إنه علينا أن ‏نتقبل أننا فشلنا، وسقطوا في الامتحان، وآن الأوان أن تأتي طبقة سياسية جديدة وتتولى ‏المسؤولية‎".‎

‎*‎المشكلة بصهر العهد‎*‎

ولدى سؤالنا عما إذا كانت الحكومة الجديدة قادرة على استيلاد طبقة سياسية جديدة، وهي ‏انعكاس للطبقة الحاكمة؟ يقول "المشكلة هي في صهر العهد، وإذا كان يريد الاستمرار في ‏هيمنته، وأن يكون عراب هذه الحكومة، فسنظل مكاننا. لاحظت من بعيد أن رئيس الحكومة ‏حسان دياب كان عنيداً في الوقوف في وجه مطالب صهر العهد. وهذا مؤشر جيد‎".‎

في سياق متصل، لن يعطي جنبلاط الحكومة الجديدة الثقة، اذ امتنع عن تسمية رئيس الحكومة ‏ورفض الدخول فيها، "لكنني أهنئ الأستاذ دياب ببعض الشخصيات التي اختيرت وأعرفها، ‏ومنها مثلا الوزيرة منال عبد الصمد، ووزيرة العدل التي تتمتع بسمعة قضائية ممتازة، والوزير ‏ناصيف حتّي. أتحدث عن البعض الذي أعرفه‎".‎

لكن هل هذا يعني الانتقال إلى صفوف المعارضة؟ يجيب "أي معارضة؟ العودة إلى اصطفاف ‏‏14 آذار؟ لا أبداً‎".‎

وخلال اللقاء الأخير مع الرئيس سعد الحريري ترك جنبلاط انطباعاً في هذا السياق، لكنه يقول ‏‏"لنا وجهة نظرنا، إذا كان عراب العهد يريد أن تبدأ هذه الحكومة بالاقتصاص من رموز مثل ‏حاكم مصرف لبنان أو مدير عام قوى الأمن الداخلي أو رئيس الميدل إيست، فهنا سنكون إلى ‏جانب الحريري بالمعارضة‎".‎

نقاطعه سائلين: "أي معارضة على القطعة"؟ فيجيب: "يصح القول نعم، نراقب عمل الحكومة. ‏والتحدي الأول هو في إصلاح قطاع الكهرباء حسب مطلب مؤتمر "سيدر". والآن، أتانا المعاون ‏الثالث لوزير الطاقة وأصبح وزيرا لنرى. لأن هناك قوة في هذا النظام تستمد من قوة عقد ‏البواخر التركية (في إشارة إلى عقد استئجار بواخر من تركيا لإنتاج الطاقة)، الذي جرى التوافق ‏عليه مسبقاً في أروقة باريس. وللتذكير أن الكهرباء تكلفت 40 مليار دولار‎".‎

وعما إذا كان يعتقد أن حزب الله سيذهب إلى المواجهة أو ينتقل إلى احتواء الأزمة ويدخل في ‏مسار إصلاحي لإنجاح حكومته؟ يسأل مستغرباً "المواجهة مع من؟ داخلياً أو خارجياً؟ أو تقبل ‏مطلب الشارع؟". وردا على كلام النائب محمد رعد الذي قال أخيراً "لن ندعكم وشأنكم ، إن ‏شاركتم أو لم تشاركوا؟"؛ يوضح جنبلاط "فليسمح لي النائب رعد، لا يمكننا الاستمرار فيما نحن ‏عليه اليوم. نحترم كل التضحيات في وجه إسرائيل، لكن لا يمكنهم الاستمرار في مخاطبة ‏اللبنانيين بهذه الطريقة‎".‎

‎*‎الأولوية للاقتصاد‎*‎

يلاحظ في كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، تركيزه على الأولوية الاقتصادية والمالية، ‏مؤكداً ذلك بالقول "نعم وعلينا البحث عن المعجزة اللبنانية التي انتهت مع الأسف‎".‎

أمَّا عن الرابح الأكبر والخاسر الأكبر؟ فيرى أننا "كلنا خاسرون. المطلوب عدم الانضمام إلى ‏منظمة التجارة العالمية، وإعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة، وضرورة العودة إلى إجراءات ‏الحماية للإنتاج المحلي وحماية اقتصادنا. لنرى ما يفعله الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأنا ‏معه في سياسة حماية الاقتصاد الأميركي، والعودة عن هذا الفلتان الاقتصادي العالمي. نحن دولة ‏صغيرة، وعلينا حماية اقتصادنا‎".‎

‎*‎بين لبنان والعراق والتسوية في المنطقة‎*‎

ثمة ربط بين لبنان والعراق نظراً إلى أوجه التشابه في الأوضاع بين البلدين. فهل تشكيل حكومة ‏في لبنان سيؤدي إلى تسهيل قيام حكومة في العراق؟ لجنبلاط مقاربة مختلفة، اذ يرى أن "الملف ‏العراقي أصعب من الملف اللبناني لعدة أسباب، فالفساد هناك مضروب بخمسين عن لبنان، وثمة ‏بحيرات من النفط، ووطنية عراقية لا تريد الهيمنة الأميركية ولا الإيرانية‎".‎

وفي خضم ما تشهده المنطقة من تحولات، ومدى قربنا او بعدنا عن التسوية، يوضح رئيس ‏الحزب التقدمي الاشتراكي "عن أي تسوية نتحدث؟ اليوم المواجهة هائلة بين واشنطن وطهران، ‏ولم يبقَ أسطول في العالم إلا وأصبح في مضيق هرمز. وكل أسطول لحماية مصالح بلده. قد ‏تحدث تسوية، وإذا ما حدثت، الدول الصغرى المنقسمة على نفسها هي من سيدفع الثمن. على ‏الأقل فليكن لنا في لبنان في الحد الأدنى رؤية سياسية موحدة ونبتعد عن التنظير‎".‎

أمّا عن الكلام الذي يتردد في بيروت عن لجوء العهد إلى طلب الدعم من قطر؟ فيجيب "لم أسمع ‏بهذا الطرح. وأنا مؤمن بأن الحل يجب أن يكون من خلال تنفيذ إصلاحات مؤتمر (سيدر). ‏ويجب أن تشكل لجان مشاركة للتنفيذ. علما أن هناك المساعدات الأميركية المستمرة للجيش‎".‎

‎*‎أبواب الخليج‎*‎

وعن اعلان رئيس الحكومة جولة خليجية له، يعرب جنبلاط عن أمله في "ألا توصد أبواب ‏الخليج في وجهه، وأن يُستقبل، آخذين في الاعتبار أن لدى هذه الدول هموم وانشغالات كبيرة من ‏حرب اليمن إلى غيرها، وقد لا تساعد لبنان. ولكن قبل أن نطلب كما اعتدنا أن نفعل، علينا أن ‏نبادر إلى مساعدة أنفسنا بأنفسنا‎".‎

‎*‎الدور الروسي‎*‎

بعد لقائه الرئيس الحريري، كان لافتاً تطرق جنبلاط إلى مسألة النفط والمساعدة الروسية، غامزا ‏من قناة دور روسي ما في لبنان على غرار دورها في سوريا؟ ويقول حول ذلك "انطلقت ‏باقتراحي من الاتفاق بين التيار الوطني الحر وشركة النفط الروسية قبل عام تقريباً. واقترحت ‏في سياق اقتناعي بالموارد المهمة التي يتمتع بها شمال لبنان مقابل مستويات مرتفعة من الفقر ‏رغم الثروات الموجودة على المستوى الفردي، أن يعاد إحياء امتياز نفط العراق لتفعيل المنشآت ‏فيأتي النفط العراقي أو الروسي عبر تركيا وروسيا، لأن خط الأنابيب مدد‎".‎

ويضيف "لا بد من دور روسي في لبنان، وأنا أعوّل على هذا الدور لأن لديهم احتياطيات هائلة، ‏وروسيا لديها دور استراتيجي في المنطقة. كما يمكننا أن نعوّل على استقطاب استثمارات صينية ‏إلى مرفأ طرابلس، وندرك أن الصينيين قاموا بأعمال توسعة المرفأ. ولمّا يكون هذا المرفأ على ‏خط الحرير العملاق الذي يجتاح العالم. وفي هذه الأثناء، تضيع فلسطين‎".‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

24 كانون الثاني 2020 08:45