أسعد حيدر

30 كانون الثاني 2020 | 15:18

كتب أسعد حيدر

‏ فلسطين قضية لن تموت! ‏

‏ فلسطين قضية لن تموت! ‏

‎ ‎السؤال الطبيعي والضروري بعد إعلان "صفقة القرن" من البيت الأبيض، ما العمل ‏لإحباط هذه الصفقة ووأدها بحيث لا تعود ممكنة للعيش ومن ثم للتكرار؟ لكن قبل الإجابة الملحة ‏يجب التعامل بسرعة ودقة وبصدق مع سؤال آخر مهم وملح وهو: لماذا وصلنا الى هنا ‏والمقصود اولا نحن العرب ؟ وكيف أنتجت التطورات ومن قلب "البيت الابيض" هذه الاحتفالية ‏المبكرة، وكان كل ما جرى سابقا منذ وعد بلفور وصولا الى "كامب دايفيد "ومن ثم اتفاق أوسلو ‏لم يكن أكثر من كلام محاه النهار.‏‎ ! ‎

‎ ‎الرئيس دونالد ترامب لم يكن بإمكانه صياغة مثل هذه الصفقة لو كان للعرب والمسلمين ‏من وجود مؤثر أو قادر حتى على الرفض الجدي. لقد نخر الضعف الجسد العربي والإسلامي ‏حتى اصبح مستعدا لقبول ما لا يْقبل. حاليا أربع عواصم عربية تفتقد القدرة على المقاومة وأكبر ‏العواصم الاخرى غارقة في نزاعات وأزمات لم تعشها من قبل وفي الوقت نفسه تعيش ‏العاصمتان الكبيرتان طهران وإسطنبول على وقع أحلام امبراطورية تعمق كل يوم غرق جسدها‎ ‎في الرمال المتحركة لتدخلاتها‎ ‎وقياداتها لحروب‎ ‎خارجية تضعف الجميع . المأساة ان ايران ‏أضعفت العراق و عمقت الانقسامات المذهبية والقومية لسنوات طويلة وربما لعقود عديدة … ‏وأخرت وأزالت‎ ‎قوة سوريا باسم الدفاع عن المقاومة وهي لم تفعل ما فعلته سوى لدعم الرئيس ‏بشار الأسد كما جرى الكشف عنه قبل ايام ؛لانه حليف يسمع الكلمة وجاءت بالقيصر على امل ‏ان ينصرها فانتصر لمصالحه وعلاقاته مع الولايات المتحدة وإسرائيل …وهي اليوم تدعو الى ‏الاتحاد والتفاهم بين الدول الاسلامية في وقت تستمر الصواريخ المصنعة في اليمن وتحديدا في ‏مجالس القات بأشغال السعودية في حرب استنزاف ستبقى خسائرها وآثارها مزروعة في الشرخ ‏البشع الذي قام في قلب تشكل الشعب اليمني.‏‎ … ‎

‎ ‎أما "الخليفة "طيب رجب اردوغان فحدث عن معجزاته من أجل قيام السلطنة والخلافة ‏من قبرها في كل من سوريا وليبيا ولا حرج . كل هم الخليفة المنتظر ان تمتد حدوده البحرية ‏حتى ليبيا ليصبح شريكا طبيعيا في ثروات البحر الابيض المتوسط وهو لا يتاخر كما النظام ‏الايراني في تحويل عسكره من السوريين الى لحم مدافع في ليبيا تماما كما تفعل إيران مع ‏معسكرها من الشيعة العرب والافغان والباكستانيين.‏‎ … ‎

‎ ‎طبعا قمة المأساة هي في تشرذم وتناحر العرب فيما بينهم حاليا حتى أصبح "أمراء ‏الأندلس "مثالا صغيرا أمامهم ، ولذلك فان هزيمتهم أصبحت مؤكدة وبكاءهم‎ ‎على الأطلال ‏نتيجة طبيعية … وهذا الوضع يبدو صغيرا ومحدود أمام وضع الشعب الفلسطيني وتمزق ‏فصائله الى درجة ان دعوة حماس للمصالحة والوحدة تبدو من النوع المبكي المضحك ، ولا شك ‏انه يصح فيهم وكذلك باقي المنظمات ما قاله الشاعر الكبير مظفر النواب عن القدس ومغتصبيها ‏وأهلها.‏‎ ‎

‎ ‎ما لم يخرج الجميع سواء العرب منهم أم الدول الاسلامية من التناحر والتزاحم فان مصير ‏الجميع السقوط في الهاوية ويكون الترحم على "صفقة القرن" مماثلا للترحم على مشروع التقسيم ‏‏… لا يمكن حاليا الخروج بقرار موحد لكن على الأقل لكل مرحلة نهاية ؛ ومن المؤكد أن ‏الهزيمة ليست قدرا انها حالة يمكن ان تتحول الى بداية لولادة جديدة بعيدا عن البكاء واللطم ‏والخضوع لشروط الآخر حتى ولو كان دونالد ترامب الباحث عن منفذ له للخروج بسلام مع ‏حليفه بنيامين نتنياهو المأزوم اكثر منه تمهيدا لاعادة انتخابهما‎ ‎واكمال مسيرة الدفن لقضية ‏فلسطين الحية. ‏‎ ‎إلى الأبد‎ … ‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

أسعد حيدر

30 كانون الثاني 2020 15:18