ليس أمرا عارضا أن تستمر الحريرية السياسية محط افتراء وتحامل لم يخفتا عما كانا عليه إبان حياة رفيق الحريري، وإن إختلف المفتعلون. وبرغم مرور 15 سنة على استشهاده، ما زال ذكره يحرك أحقاد فرقاء ذنبه عندهم أنه عرف مدى تضخم الأنا المريضة التي توجه سياساتهم، وتلون وطنيتهم المدعاة بألوان الإنتهازية السياسية التي برعوا فيها، وجعلتهم يستسهلون الأمر وضده، كالتوسط لدى دمشق لتفتح طريقهم إلى رئاسة الجمهورية، ثم تهديدها بهزيمة عسكرية، أو التعهد بالبقاء في قصر بعبدا إلى أن يغادر آخر جندي لبناني يدافع عنه، ثم سجل له رقم قياسي في الهرولة إلى سفارة فرنسا، ورقم آخر لجهة عدد الجنود الذين تركهم، وأعدموا على يد الجيش السوري المقتحم.
بيّنت الـ15 سنة الفائتة، لكل ذي بصر، أن لبنان كان في زمن رفيق الحريري غير لبنان الذي في غيابه. إكتشف اللبنانيون معه معاني جدية وحقيقية للكلمات، فالإنجاز ليس بالوعد بل بالتنفيذ، والوطنية ليست شعارات تملأ الفضاء السياسي، بل مبادرات تعزز ارتباط اللبناني بوطنه، وأن الحرب والدمار والركام ليست قدر لبنان، وأن إعادة إنهاض الوطن ليست من المستحيل، إذا كان من يدير شؤونه يملك الإرادة والرؤية اللازمتين، وأن لا لبنان بلا لبنانيين يتجذرون في أرضه، ويعودون من المنافي ليكون لهم الدور الأكبر في إعادة بنائه، وأن إعادة البناء ليست بالحجروحده، بل بإعادة بناء الإنسان مسلحا بالعلم والكفاءة.
كل ذلك، ومنه إعادة إعمار ما هدمته الحرب، من وسط بيروت إلى المطار ومدينة كميل شمعون الرياضية، وتجديد البنى التحتية، والبنى التعليمية، ومثلها الإستشفائية، وإعادة لبنان إلى المسرح السياسي الدولي، وغيرها، لم يطفئ جمر الحقد في نفوس المفترين على رفيق الحريري، فينسون كلفة حروبهم باسم التحرير والإلغاء، ودمار وسط بيروت، وحروب الإخوة – الأعداء، كل في دويلته، وخسائر الحرب الأهلية التي استمرت لنحو 30 عاماً، إضافة إلى التدمير الذي أحدثته الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة وكان آخرها في تموز 2006، والأضرار الناجمة عن تعطيل الحياة العامة لما مجموعه 7 سنوات يُسأل عنها حلف 8 آذار.
كان حجم الدين العام في لبنان خلال العام 1993 نحو 4.6 مليار دولار، ليرتفع إلى 18.6 مليار في العام 1998، وإلى نحو 33 في 2005 فـ 38.6 في العام 2006 ليبلغ 55.7 مليار دولار في العام 2012، وهو يقدّر اليوم بنحو 100 مليار دولار، نصفها انفق على قطاع الكهرباء الذ يحتكر تيار الوزير جبران باسيل الوصاية عليه.
الدين العام الذي راكمه زمن رفيق الحريري أنفق على مشاريع لا تزال ماثلة في كل لبنان، وإذا كان فيه هدر فالواجب الأخلاقي أن يُسال عنه أهل الوصاية من سوريين ومحليين كانوا يفرضون "جزية" على كل مشروع، ولا يموه "أياديهم البيضاء" على الوطن كلام المخضرمين منهم، والجدد في الفساد، على الفساد، حاليا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.