كتب حسن درغام (*):
ب ٦ شباط عام1984
كنت طالب عمارة سنة أولى
بجامعة بيروت العربية
يومها كنت راجع من الجامعة
عن طريق السفارة الكويتية
لبيت اهلي
بالقرب من جسر المطار
كان تبادل الرصاص
والقنص وإطلاق قذائف
بين الجيش المتمركز عند السفارة
والمسلحين اللي كانو تحت
جسر المطار الحديدي بهيداك الوقت..
عم يمرق فوق راسي ...
وقتها قررت انو خلص
تعبت ولازم فل
لأنو ما قادر كفي حياتي
ببلد مفتوح على
الحروب
والعتمة
والخطف
والسيارات المفخخة
والاغتيالات
والميليشيات
والاحتلالات
اللي ما بتخلص
وقررت السفر لإيطاليا.
لإكمال دراستي
بس الموضوع
كان بيحتاح لمصاري
مش موجودة بوقتها ...
اتجهت لمؤسسة الحريري
وما كنت بعرف عنهم
او بيعرفو ا عني شي
دقايق من المقابلة
وحصلت على منحة ل٣ سنوات
كانت كفيلة بتغيير حياتي كل حياتي..
وبمدينة فلورنسا اللي تخرجت منها ب ١٩٩٠
بلشت الشغل
وكنت حاسس انو محظوظ
انو عايش وبشتغل بمدينة
متل فلورنسا
وما فكرت
ولا لحظة
ولا لأي سبب
انو ارجع على البلد..
لحين ما قرأت......
بجريدة الحياة العام ١٩٩٢
انو رفيق الحريري
اللي حاول بلوزان وجنيف
الخروج باتفاق لإنهاء المآساة ببلدنا
...نجح اخيرا بهندسة اتفاق الطائف
اللي أنهى آلاف الجولات
من الحروب الأهلية العبثية
اللي بقيت ١٥ سنة
تدمر الحجر والبشر !!!
وتدمر الأمل و
كل فرص الحياة ببلدنا ..
هو راجع على راس حكومة لبنان..
وقتها ما ترددت قررت
ان اترك كل شئ
بعد غربة ٩ سنين
بالرغم من مفاجأة
الاصحاب
اللي ما استوعبوا
وحذروني
من التسرع بهيك خيار
وبالرغم من كل الامتيازات
والاستقرار اللي
وصلتلهم بالاغتراب ..
اخدت قراري بالرجعة
وكنت مقتنع كتير
ارجع على البلد
لشارك بحلم الإنقاذ
واعادة الأمل
والبناء والإعمار ..
لمشروع الحالم الأكبر ..
رفيق بهاء الدين الحريري
كانت هي السنوات الأجمل
بلد عم يمحي بسرعة مجنونة ...
وبإرادة لا يمكن وصفها....
خطوط التماس مع الموت
واثار الخراب والدمار
والتهجير والفوضى والانقسام
اللي تركته الحروب الأهلية ...
بشي اشبه بالمعجزة
تحول البلد
مع رفيق الحريري
رغم كل حملات
التشكيك....
والتخوين ..
والتعطيل ..
والعرقلة ..
لورشة عمار كبيرة
يمكن الأكبر بالشرق
بلشت
بوسط العاصمة المدمر
المسكون بالصمت
والأشباح والأعشاب
لتطال كل أوجه الحياة
في البلد
وكل شئ....
كل شئ ..
كل شئ....
لم يترك رفيق الحريري
شيئا اللا وعمل على إعادته إلى الحياة
ولم يتركوا هم...
وسيلة لتعطيل
مشروعه اللا وجربوها
ووضعوا أمام مسيرته الآلاف
من العقبات....
والعواقب....
والعقوبات ....
...كانت أيام صعبة
لمواجهة غير متكافئة بين خيارين ....
خيار الشعارات والموت والتعطيل
وخيار العمل والبناء والحياة ..كانت المواجهة صعبة بين مشروعين
وارادتين
إرادة المراوحة
لأمراء الحروب والطوائف
ورادة العمل لديه
كانت مواجهة بين ثقافتين
ثقافة النمو والإنماء
والازدهار والإعمار
والاف فرص العمل...
وثقافة الحكي
وصف الأحرف
والتنظير والكلمات
و كأن البناء يحتاج إلى شهادات
في اللغة وامتحانات في البلاغة
والنحو والإنشاء ...
...انتصر ت في النهاية
إرادة الحياة وبناء الثقة لديه
على إرادة اليأس والجمود لديهم ..
...لكن في النهاية دفع
رفيق الحريري
ثمنًا باهظًا لحلمه في ١٤ شباط
وسقط شهيدا
في مدينته الأحب بيروت ...
بآلاف الأطنان من الحقد والكراهية
التي فجرت
مستقبل لبنان
ووضعته في مهب الرياح
التي لم تهدأ حتى الان
رحم الله رفيق الحريري
في ذكراه
واقسم اننا على العهد باقون
مع سعد رفيق الحريري
حتى قيامة لبنان..كل لبنان
حسن درغام
شباط ٢٠٢٠
هذه الكلمات
هي عربون وفاء
لروح رفيق الحريري
في ذكراه
..كل الحب في عيد الحب?
(*) عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل"
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.