لو لم تكن "الحريرية الوطنية" فعل إيمان سياسي حقيقي، لما تعرضت منذ نشوئها لأكبر حملة مضادة تجهدُ "بائسةً" للتعمية عنها، وتطويقها، وإلغائها، يخوضها غلاة... لا يدرون ما يفعلون.
من المؤكد أن "الجوقة التاريخية" التي لطالما عزفت على وتر تخوين "الحريرية" وإلصاق التهم بها جزافاً، كادت أن تصيب من الوطن مقتلاً بجهالتها وغيها وحقدها الأعمى، فـ"الحريرية" لم ترتدِ يوماً طابعاً عقائدياً، طائفياً أو مذهبياً، إنما اعتنقت الوطن ديناً، منذ أن أطل ذلك الرجل اللبناني الأصيل في الثمانينات، الذي تحول فيما بعد، إلى ظاهرة سياسية وطنية، اسمها رفيق الحريري، هاله حتى الشهادة، مقتلة الحرب والدمار على أيدي "أبطال الغل"، الذين، ولسخرية القدر، يعايرون الوطن بـ"حريريته" التي أنقذته من براثن حروبهم العبثية. ولم يرعووا ظناً منهم أن "تدبيج" نظريات ما أنزل الله بها من سلطان، تحت "عناوين سياسية رخيصة"، و"سياسات اقتصادية بائدة"، قد تمكنهم من التلاعب بعقول وقلوب ووجدان الشعب اللبناني الواعي لتآمرهم عليه، وعلى مصالحه الوطنية.
ليس على سبيل المصادفة أن تستعر الهجمة الظالمة، من الأقربين والأبعدين، على عصب "الحريرية الوطنية"، من رفيق الحريري إلى سعد الحريري، عشية أكثر ذكرى إيلاماً في حياة اللبنانيين، 14 شباط ذلك اليوم المشؤوم الذي خطف منهم رفيقاً حريرياً وطنياً، ذلك أن لا عزاء لهم سوى نهج "الحريرية" التي تتأكد مشروعيتها الوطنية وصوابيتها السياسية من سنة إلى سنة، فيما يتمادى المتربصون بها عبثاً في التهويل عليها وتهشيم صورتها الناصعة.
لقد فات الحاقدين ممن ينفثون سمومهم وأضاليلهم أنها لم تعد ناجعة، وأصبح للبنانيين مناعة في مكان لمواجهتهم بحقائق دامغة، في مقدمها، ما دامت "الحريرية" ضارةً بالوطن كما يزعمون، لماذا كل هذا التمسك بسعد الحريري، وهو قائد "الحريرية الوطنية"، في زمنٍ قلّ فيه القادة الخلّص؟
صحيحٌ أنه تم "الاستغناء" عن "خدمات" سعد الحريري، عندما انحاز للشعب الذي يتماهى مع "الحريرية الوطنية" باعتناق الوطن ديناً، وبأن "ما حدا أكبر من بلده"، فاستودع لبنان الحبيب، كما والده الشهيد، وتركهم يتخبطون، بما لا يرتضيه لنفسه وتاريخه وقيم "الحريرية الوطنية" المؤتمن عليها، باستعدائهم لمطالب الشعب في الحرية والسيادة والكرامة، والابقاء على هوية وطنهم لبنانية بامتياز.
في 14 شباط 2020 تأخذ "الحريرية الوطنية" أبعاداً سياسية تنضح باللبنانية الحقة لمؤسسها الشهيد وراعيها من بعده، إذ أن الرئيس الشهيد لم يكن ليفرط بذرةٍ من كرامة لبنان، وكذلك من بعده الرئيس سعد الحريري، لكونه يستلهم ويسأل نفسه دائماً:"ماذا كان رفيق الحريري ليفعل؟"، ليأتيه الجواب سريعاً من اللبنانيين:"لم يكن ليفعل أفضل مما فعلت".
فلو لم ينقلب العهد على "التسوية الرئاسية" لكانت أفضل ما فعل سعد الحريري لأجل لبنان. ولو لم يخض سعد الحريري الانتخابات، بأي قانون أرادوه، على هدي الرئيس الشهيد في العام 2004 حين واجههم باستعداده لخوض الانتخابات بأي قانون يريدون، لما كانت الحياة عادت لاستحقاق الانتخابات النيابية، بعد مصادرة "الارادة الشعبية" على مدى تسع سنوات.
ولعل من أفضل ما فعله سعد الحريري من أجل لبنان، أنه آثر الاستماع إلى كلمة الشعب، وتسجيل موقفٍ ضد تغيير وجه لبنان، والزهد بالمناصب أمام المصلحة الوطنية.
هذه إحدى تجليات "الحريرية الوطنية" التي تحيا داخل السلطة... وخارجها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.