الذكرى الخامسة عشرة من استشهاد الرئيس رفيق الحريري لم يجعلها الرئيس سعد مجرد مناسبة تذكارية او عاطفية أو رثائية بل منصة انتفاضه على كل الذين يحملونه مسؤولية ما آل إليه البلد اليوم، بل ويذهبون بكل وقاحة إلى تحميل والده هذه المسؤولية، خصوصاً الرئيس عون وصهره وزير الخارجية بوضعه النقاط على الحروف وتوضيح مسار الأمور في مقدمة وثائقية مصورة تبرز جيداً الفاسدين من هؤلاء والنهابين والمثريين على حساب الدولة العبثيين في حروبهم الالغائية والتحريرية المزعومة.
وإذا كان الشريط التوثيقي يقدم الحقائق والوقائع الدامغة بالكلام والصورة فإن الحريري جافى هذه المرة نبرته الهادئة لتكون كلمته ما يشبه الغضب الذي يصرخ الامور كما هي أو كما اكتنزها في داخله طويلاً حفاظاً على الاستقرارين الامني والاقتصادي طويلاً.
حسناً فعل وهذا ما كان ينتظره اللبنانييون الذين كانوا يخالطون الأمور ويتأثرون بإعلام ما يسمى محور الممانعة والتيار الوطني الحر. اي حاول بنبرات صارخة أحياناً ومعلومات دامغة أن يرد على هؤلاء الذين حاولوا تشويه صورة الرئيس الشهيد وصولاً إلى تشويه صورته بإختلاق الاكاذيب والاساليب الشعبوية والدعائية المضللة. فقط استعرض بإيجاز انجازات والده ومن لا يعترف بها (سوى هؤلاء الذين تأمروا عليه واغتالوه والتي نقلت لبنان من زمن الخراب إلى زمن الاعمار ومن زمن الحروب إلى زمن السلم ومن زمن اليأس إلى زمن الأمل مؤكداً كم تعرض والده لمثل ما يتعرض له اليوم أي إلغاء الحريرية برمزيتها وبظواهرها ومفاهيمها القائمة على الاعتدال والسيادة والعروبة. ونحن نتذكر جيداً كم واجه الرئيس الشهيد من محاولات خسيسة لافشال مشروعه الاعماري من وسط بيروت إلى الجبل إلى المطار إلى المدينة الرياضية إلى الجامعة اللبنانية، وإلى ما تمتع به لبنان في عهدته من نمو اقتصادي والامل الذي شعر به اللبنانيون بعد سنوات اليأس وجنون الميليشيات والدمار والكنتونات الطائفية.
وعندما فشلوا أيما فشل اغتالوه وراح هؤلاء المذكورون يحاولون تضليل التحقيق بكل الطرق والاساليب ويشيطنون المحكمة الدولية باعتبارها اسرائيلية.
ولم يكتفوا بما ارتكبوه من كراهية لوالده (عاد بعضهم من المنفى أو خرج من السجن على دمه) بل توارثوا هذه الكراهية واساليب الابتزاز والتهويل ليفشلوه: من 7 ايار المشؤوم إلى انقلاب القمصان السود فإلى احداث قبرشمون (اي محاولة اثارة فتنة طائفية في الجبل)، والانتخابات الرئاسية. وأهم ما تناوله الحريري فتح ملف الكهرباء الذي ألتبست مسؤولياته على امتداد خمسة عشر عاماً ولم يتسلم المستقبل خلالها وزارة الطاقة ولا مرة بل 8 آذار وخصوصاً التيار الوطني الحر (عشرة سنوات متوالية) وهذا مهم لأن الذين نهبوا المليارات من تعطيل الكهرباء يحملون الاخرين المسؤولية في حين نتذكر أن الكهرباء جاءت في عهد رفيق الحريري 24 على 24.
أما الجانب السياسي المهم فيتمثل بفك إرتباط الحريري بالتسوية الرئاسية والتي لم يلق فيها سوى إقصاء دوره الدستوري لمصلحة "الرئيس القوي" الذي اخترق الدستور مرات وأراد تعديل الطائف لإلغاء مكون أساسي يمثله الحريري.
اكتشف الرئيس سعد بعد صبر أيوب أن هؤلاء القوم أي جماعة التيار الوطني الحر لا يدار لهم ظهره حتى مع الذين اقاموا معهم اتفاقات "اتفاق معراب" أو سواهم كالحزب التقدمي الاشتراكي ليقتنع اخيراً ان هؤلاء مفطورون على إلغاء الاخر: إلغاء وليد جنبلاط وسمير جعجع وحتى الحراك وصولاً إليه: إنها الانتهازية السافرة والغدر المشهود والتغول الواسع. خطاب الحريري صرخة لم تكن في وادٍ بل بين ألوف من مناصريه وسواهم وكل الذين ينشدون من مينقذهم من هؤلاء عشاق الحروب العبثية والمغامرات الحربية والفساد السياسي والمالي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.