انتهت الاحتفالات بالذكرى ٤١ للثورة في الجمهورية الاسلامية في ايران . المسيرة المليونية العزيزة على قلوب القيادة الايرانية كانت كالمعتاد غنية ،تماما كما النقاشات بين اركان قمة النظام المظهرة للخلافات الحادة الاستثنائية هذا العام . كثيرة هي الأسباب التي دفعت الى خروج الخلافات من قلب الدواوين المقفلة الى العلن الجماهيري ،لعل ابرزها حلول استحقاق الانتخابات التشريعية بعد أسبوع اي في ٢١من شباط _فبراير _ ويبدو واضحا ان هذه الانتخابات ستشكل سواء في حيثياتها ومجرياتها او نتائجها المتوقعة مفصلا لتحولات قادمة …
البداية من المقارنة الى درجة التهديد الضمني بما كان عليه نظام الشاه الذي كان يوصف بالنظام المقبور فأصبح يشار اليه بالسابق . الرئيس حسن روحاني وليس غيره من قال : "لو ترك النظام السابق الناس احرارا في اختيار نوع الحكومة والدستور ووافق على اجراء انتخابات نزيهة حرة ووطنية لم نكن بحاجة الى الثورة ". لم يصل اي نقاش في السابق الى درجة التهديد بوقوع ثورة كما هذا التهديد العلني ومن خلال العودة الى البدايات ، وخطورة كل ذلك ان ايران شهدت في هذه السنة الشمسية "انتفاضة البنزين "و"غضبة" إسقاط الطائرة الاوكرانية . مما يعني ان الشارع يكفيه عود ثقاب حتى يشتعل من جديد واقوى من السابق . ويبدو ان خوف روحاني يعود الى التوجه نحو انتخابات معلبة خصوصا بعد إلغاء ترشيح ٩٠٠٠مرشح للانتخابات التشريعية من اصلهم ٩٠ نائبا في البرلمان الحالي وجميع الاصلاحيين والمعتدلين والوسطيين مما سينتج مجلس الحزب الواحد الذي يلغي الصوت الاخر ، مما يسقط عمليا الحريات السياسية ،علما "ان ايران كما يقول روحاني تقوم على حكم الشعب والاستفتاء " اي الالتزام بالحرية خصوصا السياسية منها … ويذهب روحاني بعيدا في تعليل رأيه بالقول :"ان الجمهورية والاسلامية تقفان جنبا الى جنب …ان أضعاف الجمهورية لا يعني تعزيز الاسلامية " .
هذا الانزلاق الخطير لم يكن ليحصل لولا موافقة المرشد اية الله علي خامنئي عليه . ويبدو ان المرشد يجد نفسه محاصرا بوقائع وبخيارات كل واحدة اصعب من الاخرى . فهو لا شك يفتقد حضور "ذراعه الحديدية" ومنفذ مشروعه الاستراتيجي الفريق قاسم سليماني الذي توافق اربعينيته في ١٤ شباط … ولا شك ان تطورات الأوضاع في العراق قد أكدت اهمية الفريق سليماني في إدارة الأزمات وقدراته على تدويرالزوايا بسبب معرفته العميقة للأوضاع من خلال شبكة علاقات واسعة ومتعددة من المستحيل ان يكون اطلع احد على "مفاتيحها ".وياتي هذا الغياب في وقت ينتفض فيه الشعب العراقي خصوصا مكونه الشيعي على وقع استنهاض الشعور الوطني العراقي وبدعم من مرجعيته الأعلى اي اية الله العظمى السيستاني …
لا شك ان المرشد اية الله علي خامنئي يريد تامين خلافته لشخص يثق به ويضمن بانه سيحافظ على اسرار "الجمهورية الخامنئية "،وهذه مهمة صعبة وتزداد صعوبتها ان ايران تسير على حافة السكين بسب الحصار الاميركي ونتائجه الواضحة على الحياة اليومية للايرانيين والتي ترفع يوميا منسوب الرفض والمعارضة الشعبية. والى جانب اختياره إمساك المتشددين بالنظام على قاعدة ان هؤلاء بقدرتهم على مواجهة الرئيس دونالد ترامب خصوصا اذا ما نجح بالتجديد لنفسه وهو احتمال يزداد قوة ، فانه يجري تسريب توجهه نحو وضع لائحة بالمرشحين لمنصب الولي الفقيه وانه استكمالا لذلك شطب اسم ابنه مجتبى من اللائحة …
بعد مرور أربعين سنة على الثورة اصبح واضحا ان هذه الثورة قد شاخت وان التغيير لا بد ان يطالها ،ولذلك فان السؤال الأساسي اصبح ولو ضمنا : اي جمهورية ستخلف هذه الجمهورية خصوصا ان البديل سيكون كما يبدو ثورة جديدة مختلفة في شروطها ومكوناتها وشخصياتها … ويبدو ان التوجه نحو الدولة بعيدا عن الثورة قد بدأ يتسلل الى الخطاب الرسمي بطريقة او اخرى الى درجة ان الخطاب الخامنئي اليومي الذي كان يشدد على وجود الحرس الثوري وباقي الميليشيات الشيعية في سوريا هو لدعم خط المقاومة اذا به يدخل تحت باب "الدفاع عن المصالح الايرانية " … سيد عباس موسوي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الايرانية وفي معرض التهديد للكيان الاسرائيلي برد "ساحق يبعث على الندم حيال اي اعتداء ضد مصالحنا في سوريا والمنطقة "ومضيفا في تأكيداته: ان ايران لن تتأخرلحظة واحدة في الدفاع عن الحضور داخل سوريا وصون أمننا القومي ومصالحنا الإقليمية " .
امام ايران "ربيع حار" بكل الحالات والمقاييس في وقت تقف فيه امام امتحان الانتقال من الثورة والدولة بكل ما يعني ذلك من انعكاسات شديدة على تركيبة النظام وسياساته في الداخل والخارج معا …
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.