22 شباط 2020 | 18:33

منوعات

مع وصول "كورونا".. نترحم على "الكرنتينا"!!!

مع وصول

أمام حالة الهلع والذهول التي خيمت على اللبنانيين فور تداول وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي أخبار وصول مواطنين لبنانيين قادمين من إيران يحملون فيروس "كورونا"، ووسط غياب مريب لكل الإجراءات الوقائية حتى في حدها الأدنى والبدائي ووسط إستهتار السلطات المحلية بالأمن الصحي لمواطنيها والتعاطي اللامسؤول والعاجز مع هذا الوباء المميت، يترحم اللبنانيون على زمن "الكرنتينا" يوم كان يوجد فيها محجر صحي حمى بيروت ولبنان والشام من إنتشار الطاعون!!!

يطلق على جزء من منطقة "المدور" في شمال شرق بيروت وإلى الشرق من مرفئها، غرب نهرها، إسم حي "الكرنتينا"، نسبة للمحجر الصحي الذي بناه عام ١٨٣٤خلال حكم المصريين لها هنري غيز قنصل فرنسا في بيروت في تلك الفترة، بإعاز من إبراهيم باشا قائد الحملة المصرية، وبالإشتراك مع قناصل النمسا والدانمراك وأسبانيا واليونان، وذلك لحماية بيروت من وباء الطاعون الذي كان مستشرياً آنذاك، حيث كان يتم الحجر على الوافدين إليها مدة أربعين يوماً للتأكد من خلوهم من الوباء، وبالتالي إطلاق صراحهم، بهدف الحد من إنتشار المرض القاتل.

وسميت هذه المحلة ب "الكرنتينا" تعريباً لكلمة (La Quarantaine) الفرنسية والتي تعني "المِحجر الصحي"، لأن مدة الإقامة في المحجر كما ذكرنا كانت تمتد أربعين يوماً بالتمام والكمال.

يذكر أن بيروت شهدت خلال حكم إبراهيم باشا، الذي دخلها من باب "الدركاه" بموكب مهيب ومهول، وسط حالة من عدم الترحيب به من قبل الأهالي بسبب ولائهم للسلطنة العثمانية، والذي إستمر تسع سنوات، شهدت إزدهاراً إقتصادياً وعمرانياً وإجتماعياً بارزاً وملحوظاً، حيث أنه وخلال حكمه بدأت المدينة تتمدد من باطنها إلى ظاهرها، أي خارج السور، بعد هدم جزءاً منه لتتوسع بضم المناطق التي كانت تعرف بضواحي بيروت إليها، كذلك تم تبليط أسواقها، ونشطت تجارتها بالتزامن مع توسعة مينائها البحري، وجُعِل منها بوابة الى الداخل السوري عبر إلزام كل السفن والمراكب التي تحمل بضائع أو ركاب على الرسو في مينائها.

كذلك تميزت تلك الحقبة بإنشاء المؤسسات، ومنها: المحاكم المدنية، مجلس شورى بيروت، وديوان التجارة...ومن بين تلك المؤسسات التي أنشئت في عهد إبراهيم باشا "المحجر الصحي" بالقرب من جامع "الخضر" ليطلق على ذلك الحي من وقتها إسمه من الكلمة الفرنسية (La Quarantaine).

وكان يدير الحجر الصحي لجنة طبية قوامها قناصل النمسا والدانمارك وفرنسا واليونان وإسبانيا.

ويعود الفضل لهذا المحجر في أنه حمى بيروت وإبقائها بمنأى عن مرض الطاعون الذي كان متفشّياً في تلك الحقبة الزمنية، وبذلك نجا أهلها من فتك المرض القاتل بهم.

وقد إستمر المحجر قائماً ومستخدماً للحلات الصحية الطارئة التي تستوجب الحجر، إلى دمر من جراء حريق شبَّ فيه عام ١٩٣٣ ليقضي عليه كلياً....

زياد سامي عيتاني

إعلامي وباحث في التراث الشعبي.









يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

22 شباط 2020 18:33