أخبار لبنان

وفد صندوق النقد مدد زيارته إلى لبنان

تم النشر في 25 شباط 2020 | 00:00

توقعت الصحف أن تنتهي زيارة وفد صندوق النقد الدولي لبيروت في 23 شباط الجاري، كما كان محدداً في جدول الزيارات التي وضعها الوفد قبل وصوله الى لبنان، إلا أن البعثة أبلغت إدارة الصندوق في واشنطن مساء السبت تمديد هذه الزيارة أقله حتى منتصف الأسبوع لما تستوجبه الملفات المالية من وقت إضافي للبت وتقديم المزيد من المشورة.

والتقى وفد الصندوق أمس رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان ورئيس لجنة الخارجية النائب ياسين جابر. وقالت مصادر مطلعة لـ"الأخبار" إن الوفد "لم يطرح أي حلول، بل اقتصرت مهمته على الاستماع إلى النائبين، على أن يستخدم المعطيات لتقديم المشورة التقنية".

وأوضحت "الأخبار" أن كنعان قدم للوفد جردة مفصلة بالتوصيات التي أصدرتها لجنة المال منذ 10 سنوات وما أقِرّ منها، إضافة الى التخفيضات الكبيرة التي فرضتها على الموازنات فضلا عن إعادة تكوين الحسابات المالية وتدقيقها. من جانبه، اكتفى الوفد بعرض نماذج عن بلدان عانت من التدهور الاقتصادي نفسه، كما لبنان، والخطة التي وضعت لإنقاذها.

وكشف أحد الأطراف الذين التقوا أعضاء الوفد لـ"نداء الوطن" أنهم أبلغوا الجانب اللبناني بوجوب "تحضير خريطة طريق واضحة ذات مصداقية عالية ومشروع مكتمل وبرنامج عمل نابع من حاجات الشعب اللبناني للخروج من الأزمة"، موضحاً أنّ "وفد الصندوق الدولي جدد التشديد على أهمية أن يتضمن هذا البرنامج إعلاناً عن خطوات إصلاحية جدية سريعة وأبرزها تعيين الهيئات الناظمة ومجالس الإدارة في القطاعات الحيوية بغية استعادة الثقة الدولية والمحلية، مع التركيز في سلّم الأولويات على "الكهرباء ثم الكهرباء ثم الكهرباء"، بالإضافة طبعاً إلى خدمة الدين وإعادة هيكلة الدولة والقطاع المصرفي".

وقالت مصادر السراي الحكومي لـ"الجمهورية": انّ الاجواء العامة للنقاشات والمباحثات مع وفد صندوق النقد، لم تخرج عن السياق الايجابي، بل كانت صريحة بحثت فيها جملة أفكار كلها تصبّ نحو اتخاذ خيار يراعي مصلحة الجميع.

وأشارت المصادر الى انّ القرار النهائي لم يتبلور بعد، بل يتطلب اياماً عديدة، ليطرح الامر مجدداً في مجلس الوزراء لاتخاذ القرار الملائم في ما خَص سندات "اليوروبوندز". وإذ أوحت المصادر انّ الاتجاه الغالب هو للاتفاق على تأخير تسديد السندات، الّا انها قالت انّ الأمر لم يحسم بعد، بل يتطلب بعض الدراسة.

وأكدت مصادر متابعة للإجتماعات لـ"النهار" أن وفد الصندوق يشدّد على ضرورة الحل الكامل وليس الجزئي، وعدم القبول بـ"الترقيع" أو بـ"إجراءات جزئية مرحلية" لمعالجة الأزمة غير المسبوقة التي يعانيها لبنان. ووصفت نتائج الاجتماعات بأنها كانت "إيجابية".

ولفتت إلى أن اللقاءات الأولى في بيروت خُصّصت لتقديم الجانب اللبناني شرحاً دقيقاً للخلل الكبير في المالية العامة، كما استمع الوفد الى شروحات لأرقام المالية العامة وميزان المدفوعات، ولاحظت المصادر أن هذه الاجتماعات لم تكن إيجابية "نوعاً ما" في البداية، إلا أنها استكملت باجتماعات إيجابية منذ السبت الماضي، ما دفع البعثة الى اتخاذ قرار بتمديد زيارتها لبيروت.

وأفادت مصادر"النهار" بأن البعثة "شددت على ضرورة أن تأخذ الخطة الإنقاذية التي تعمل عليها الحكومة اللبنانية في الاعتبار توصيات عدة مهمة بالنسبة الى المؤسسة الدولية، أهمها ما يتعلق بوضع المالية العامة، وتحديداً الاجراءات التي ستعتمدها الحكومة لخفض حجم الدين العام، إذ أوصى الصندوق بضرورة خفض نسبة الدين العام الى الناتج المحلي اللبناني من نحو 150% الى ما دون 100%، وبضرورة إيصال هذه النسبة الى نحو 80%، وهنا طلب الصندوق من الجهات المالية اللبنانية تفاصيل عن الاجراءات التي يمكن أن تتخذها للإسهام في الوصول الى هذه النسبة. وفتح نقاش تفصيلي حول إعادة هيكلة الدين العام وما قد تتضمنه هذه الخطة من إعادة جدولة للدين لناحية الفوائد أو آجال الاستحقاقات.

وفي معلومات "النهار" أن الصندوق رأى هذه الخطوات "قد لا تكون كافية لمعالجة أزمة الدين العام التي يجب معالجتها بالتساوي مع الأزمة المصرفية"، ما فتح النقاش حول إمكان العمل على إعادة جدولة الدين وصولاً الى خفض الفوائد المستحقة، وحتى العمل على شطب جزء من هذا الدين، ما قد يطاول حاملي السندات الاجنبية. كذلك شدّدت البعثة على "ضرورة أن تلحظ الخطة الانقاذية للحكومة اللبنانية إجراءات عملية تساهم في خفض العجز من أكثر من 11% حالياً الى ما بين 3 و4% حداً أقصى، مع إيجاد الحل المناسب لمعالجة العجز في الحساب الجاري.

وعلمت "النهار" أن هذه الخطة ستخرج الى العلن بحلول مطلع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، بعدما اكتملت معظم أركانها في انتظار الأخذ بتوصيات صندوق النقد ومناقشة الاجراءات التي ستعتمدها الحكومة والتي أوصت بها المؤسسة الدولية، اضافة الى مجموعة إصلاحات هيكلية وبنيوية تأتي ضمن خطة ستساعد في معالجة الاختلالات المالية الأساسية. وتوقعت المصادر إمكان عرض الخطة للمرة الاولى على طاولة مجلس الوزراء الخميس المقبل، على ان يعلنها عنها مباشرة بحلول نهاية الاسبوع.

ورأت "الأخبار" أن برنامج صندوق النقد يعتمد على "وصفة جاهزة" ستدفع لبنان باتجاه بيع ما تملكه الدولة (لدائنيها خاصة) وخفض رواتب العاملين في القطاع العام مع تعديل النظام التقاعدي لهؤلاء، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة مع إلغاء جميع الاستثناءات، بما فيها المواد الغذائية والأدوية، وفرض رسم اضافي يعادل 5000 ليرة على كل صفيحة بنزين، وزيادة تعرفة الكهرباء، وغيرها الكثير من الشروط التي ستسهم في مضاعفة الأزمة الاقتصادية عوضاً عن حلّها.