مع الإعلان عن اول حالة وفاة بفيروس كورونا المستجد في لبنان، وعن مزيد من الإصابات بالفيروس وتزايد عدد المشتبه بإصابتهم بهذا الفيروس ، تلامس الاجراءات الوقائية المتخذة في عاصمة الجنوب صيدا في مواجهة مخاطر انتشاره "حالة طوارىء غير معلنة" ، باتت تلازم المواطنين في بيوتهم وترافقهم في تنقلاتهم وفي مراكز عملهم وفي كل مكان يترددون عليه.
وبلغت التدابير الاحترازية المتخذة سواء من قبل الجهات الرسمية او البلدية أو الأهلية او حتى من قبل المواطنين للوقاية من فيروس كورونا مرحلة متقدمة ، بحيث باتت هذه التدابير جزءاً من يومياتهم سواء في البيوت او في المؤسسات او خارجها ، وحتى خلال تجولهم سيرا على الأقدام او انتقالهم بوسائل النقل المختلفة..
وفي وقت رفعت محافظة لبنان الجنوبي من وتيرة التدابير الاحترازية المتخذة في سراي صيدا الحكومي وكان آخرها وبناء لتعميم صادر عن المحافظ منصور ضو ، اخضاع الوافدين الى السراي من موظفين واصحاب معاملات وزوار لقياس الحرارة بهدف تامين السلامة العامة وحرصاً على استمرارية هذا المرفق العام وتقديم الخدمات للمواطنين ، علقت بلدية صيدا تعليق كافة النشاطات العامة في البلدية وقاية من الفيروس .واعلن رئيس البلدية المهندس محمد السعودي في تعميم صادر عنه أنه " نظرا للاوضاع الصحية السيئة وتفادياً لتفشي وباء الكورونا ، وضمن الاجراءات الوقائية التي تتخذها بلدية صيدا ، سيتم ايقاف كافة النشاطات والإحتفالات التي تجري عادة في قاعاتها وذلك تفادياً للتجمعات التي من شانها تسريع انتقال الفيروس وحرصاً على سلامة المواطنين" . كما علقت العديد من المراكز والأندية والهيئات في المدينة الأنشطة التي تترتب عليها تجمعات او اختلاطاً .
د.حمود : لا حالات مثبتة في صيدا
يوازي هذه التدابير ، ترقب ورصد يومي لأية حالة تظهر عليها أعراض زكام غير عادية وتصنف في خانة المشتبه باصابتهم بفيروس كورونا فيتم ابلاغ الجهات المختصة في وزارة الصحة بهذه الحالة او تلك وفقاً لتقييم اولي يجري لها في اي مستشفى يستقبل اياً من حالات الاشتباه فتحال الى مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت للتأكد مما اذا كانت مصابة فعلاً بالكورونا أم لا وهو ما حصل فعلا مع العديد من الحالات التي كانت وصلت الى مستشفى صيدا الحكومي وبعض مستشفيات المدينة الخاصة وتم تحويلها الى بيروت ليتبين انها لا تحمل الفيروس .
وفي هذا السياق اكد ناصر حمود ( الطبيب الجراح وعضو المجلس البلدي لمدينة صيدا ومنسق عام تيار المستقبل في الجنوب ) انه حتى الآن لم يثبت وجود اي اصابة بفيروس كورونا في مدينة صيدا وجوارها وقال حمود لـ" مستقبل ويب " : حتى الأن لم تسجل في صيدا اية اصابة مؤكدة بفيروس كورونا، وانما سجلت عدة حالات اشتباه بالاصابة وتم ارسالهم الى مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت وتبين ان الأعراض التي ظهرت عليهم ليست اعراض "كورونا" . ونحن نعتبر ان هذا التدبير المتخذ من قبل مستشفيات المدينة على قدر عال من المسؤولية .
واضاف حمود : حتى الآن مستشفيات صيدا الخاصة غير مجهزة للحجر الصحي ولكن هناك غرف للعزل المؤقت ، وكان التوجه هو لتجهيز المستشفيات الحكومية واعتقد ان معظمها ومن بينها مستشفى صيدا الحكومي اصبحت اصبحت مجهزة ، اما المستشفيات الخاصة فتجهيزها بالحجر الصحي يرتب عليها كلفة مادية كما ان اعتمادها مراكز للحجر الصحي قد يؤثر على اقبال المرضى عليها .
وعن الاجراءات الواجب اتخاذها في المستشفيات عموماً قال حمود :المطلوب من المستشفيات ان يكون فيها غرفة عزل لإستقبال اي مريض لديه اعراض انفلونزا حيث تجرى له الفحوصات اللازمة فإذا تبين انها انفلونزا عادية يطبق عليه ما يناسب هذه الحالات ، واذا لم تكن كذلك وكانت نسبة الشك السريري عالية يتم تحويله الى مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت .
وعن تقييمه للأداء الرسمي في مواجهة مخاطر انتقال الفيروس قال الدكتور حمود : في البداية التعاطي الرسمي مع أزمة " الكورونا " لم يكن مهنياً ، ولم تتخذ الجهات الرسمية المختصة التدابير الكافية لمنع دخول الفيروس الى لبنان عن طريق مصابين به وصلوا اول ما وصلوا في الطائرة الإيرانية الأولى التي ظهرت اولى اعراض الاصابة بالكورنا على احدى الحالات التي كانت على متنها ، ثم كرت السبحة من المصدر نفسه ، بينما كان ينبغي ان يكون التصرف الصحيح منذ البداية هو ان يتم الحجر على جميع ركاب الطائرة وان تجرى لهم جميعا الفحوصات اللازمة وتتخذ على اساسها التدابير الوقائية اللازمة على كل المعابر الجوية والبرية والبحرية وهو ما لم يحصل ، وبالتالي كل من أتى من الخارج حاملاً الفيروس ذهب الى بيته وبلدته واختلط مع آخرين ما عرّض عددا كبيرا من اللبنانيين لخطر الاصابة بهذا الفيروس ، وبالتالي انتقلت المشكلة من نطاق مغلق ومحدود الى نطاق مفتوح ، وعندما تنبه المعنيون لهذا الأمر كان الفيروس قد بدأ بالإنتشار . ورغم ذلك نرى انه حتى اليوم لم تتوقف الرحلات الجوية ولا البرية من الدول التي ينتشر فيها الفيروس وان تم تخفيض عدد هذه الرحلات .
واشار حمود الى انه بالمقابل ، لاحظنا ان هناك نوعاً من التسييس لموضوع الكورونا الأمر الذي اعتبره البعض مقصوداً لأن ربما من مصلحة الحكومة تضخيم المشكلة للتغطية على المشكلة الاقتصادية والهاء الناس عنها بمشكلة الكورونا !.
وعن الوقاية قال حمود : في هذه المرحلة لم يعد امامنا سوى الوقاية ونحن كأطباء نعتبر أن " الوقاية خير من قنطارعلاج ". وهناك نوعان من الوقاية .. الوقاية للأطباء والممرضين والعاملين في المستشفيات والذين يبقون عرضة للإختلاط بالمرضى ، فيجري التشدد في الاجراءات المتخذة في المستشفيات منعا لأي انتقال للفيروس في حال كان احد المرضى يحمله لأنه يمكن ان ينتقل برذاذ السعال والعطس او بالملامسة . والوقاية بالنسبة للأشخاص العاديين خارج المستشفى والذين ننصحهم بالغسل المتكرر لليدين وبتعقيم الأماكن التي يتواجدون فيها وعدم لمس الوجه والعينين ، واذا صادفوا مريضاً يعاني حرارة او سعالاً او عطساً ان يبتعدوا عنه لمسافة كافية لتجنب اي عدوى .
وحول ما اذا كان هناك علاج للكورونا قال حمود " حتى الآن لا يوجد لقاح محدد ونهائي لفيروس كورونا المستجد ، وان كانت هناك محاولات عالمياً للتوصل الى مثل هذا اللقاح كما جرى سابقاً مع سلاسلات اخرى من الفيروسات مثل " H1N1" . لكن هناك حالياً ث خطوات يتم اعتمادها بعد الحجر الصحي ، وهي اعطاء المريض العلاجات الأولية التي تخفف من اعراض هذا الفيروس مثل المصل والأمور الأساسية التي تفتح الرئتين وتنقيها ، او الأدوية التي تقوي المناعة مثل مضادات الالتهاب لمواجهة البكتيريا والمضاعفات الناجمة عن الفيروس اذا كانت الحالة متقدمة ، وهناك من يستعمل علاجات استخدمت في علاج سلالات مكتشفة سابقا من الفيروس او تلك التي تتشابه اعراضها مع اعراض الكورونا مثل الـ" HIV" والـ"H1N1" وال" "الملاريا " وغيرها . ونأمل كما تشير التقديرات انه بمجرد ارتفاع درجات الحرارة وحلول فصل الصيف تتراجع قدرة الفيروس على الانتشار ، ولكن حتى ذلك الحين نتوقع تزايد حالات الإصابة به في لبنان .
المصدر : رأفت نعيم