أخبار لبنان

صيدا: مدينة في " الإقامة الكورونية " !

تم النشر في 3 نيسان 2020 | 00:00

يمر الوقت في احياء صيدا القديمة وبعض شوارع المدينة الداخلية ثقيلاً على قاطنيها الملتزمين بيوتهم " أسرى " التدابير الوقائية من فيروس كورونا .. فتلك الأزقة والزواريب والشوارع والساحات التي كانت قبل اسابيع تضج بصخب الحياة وحركة المواطنين والزائرين سواحاً ومتسوقين ، استحالت فراغات يسكنها الصمت تخرقه بين الحين والآخر أصداء نبض حياة خافت يطل من خلف النوافذ والأبواب مصدره اصوات المحجورين في منازلهم .

كلُ يشغل نفسه بما يملأ به اوقات نهاره وليله ، ومن خرج منهم لفتح دكانه المستثنى من هذه الاجراءات لوقت محدد ، أو لتأمين قوت يومه ، عليه ان يلتزم الشروط والاجراءات اللازمة لإتقاء شر هذا الوباء .

وحدهم بعض فتية ضاق بهم طول الحجر بين جدران المنزل ، خرجوا الى السوق المجاور المقفل منذ بدء التعبئة العامة وقد اغرتهم ممراته وارصفته الخالية الا من صدى اصواتهم فراحوا يلهون ويلعبون الـ" roller skate shoes " .

عند مدخل درج أحد الابنية في شارع الأوقاف ، يواظب الساعاتي صلاح نسب على " بسطته" لتصليح الساعات متحصناً بكمامة وقفازات .. مستعيناً بعدسة مكبرة يضعها على عينه يحاول نسب ضبط عقارب احداها ويتمنى لو انه يستطيع تسريع الوقت لتمر هذه الأزمة التي طالت وارخت بوطأتها الثقيلة على مصلحته كما على كثير من المصالح والقطاعات بععدا اوقف "كورونا "عجلة العمل والانتاج .

وفي أحد احياء صيدا القديمة التي يعاني معظم قاطنيها اساساً من فقر مدقع زاد من حدته توقف الأعمال والتزام البيوت ، يمضي الخمسيني " ابو محمد" معظم ساعات يومه متنقلاً بين المطالعة وبين مشاهدة التلفاز أو الانشغال بمتابعة ما يرده عبر هاتفه من اخبار عبر لعله بذلك يكسر رتابة الوقت في الإقامة الجبرية "الكورونية " ، وبين هذا وذاك ، " ينبش" من بين مقتنياته القديمة البوماً من الصور التي توثق لحظات ومناسبات عائلية يعود اليها لإستذكار زمن جميل او ذكرى عزيزة او مناسبة خاصة.

بعض اصحاب وعمال المصالح والمشغولات الحرفية ممن اضطرتهم التدابير الوقائية لإغلاق متاجرهم وحوانيتهم ، خرجوا لبعض الوقت الى ازقة محاذية لبيوتهم للتمويه عن انفسهم قبل العودة الى عهدة الحجر المنزلي . ويقول ابو عبد الله ( الذي يعمل في فبركة للنجارة) انها ايام صعبة نعيشها ، فصاحب المؤسسة التي كان يعمل فيها اوقفه عن العمل وان الأزمة الاقتصادية منذ بدء الثورة اكلت نصف راتبه واكمل فيروس كورونا ععلى النصف الآخر .

ولأن الحياة يجب ان تستمر وان مقيدة بتدابير الوقاية ، وبما توافر من حواضر البيوت او مما تجود به بعض الجمعيات من مساعدات، لحين انحسار هذا الوباء، تبقى نوافذ البيوت القديمة مشرعة على الأمل بأن يسترد " أسرى" الكورونا حريتهم وتستعيد هذه الأحياء والأزقة والشوارع ما فقدته من حياة بسببه !.

المصدر : رأفت نعيم