أزمة جديدة معطوفة على كمّ الأزمات التي تبرع الحكومة في إضافتها إلى مسيرتها التي تترنّح خبط عشواء. فعيّنة التعيينات الإدارية التي خرج بها مجلس الوزراء أمس في مجلس الخدمة المدنية والتفتيتش المركزي أعطت نموذجاً عمّا تؤول إليه أمور إدارة الدولة، يضاف ذلك إلى التحضير لخطة مالية أشبه بانقضاض على المال العام والخاص.
وبصرف النظر عن كفاءة من تم تعيينهم أو عدمها، فإن الأمر لم يمر مرور الكرام، إذ إن الوزراء المحسوبين على رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب سليمان فرنجية أعربوا عن اعتراضهم لعدم اتباع الآلية، خصوصاً وأن الحكومة اعتمدت مبدأ التصويت بالغالبية، فيما رئاسة مجلس الوزراء بررت بأن أي تعديل في الآلية المعتمدة يتطلب تعديلا في النصوص القانونية، غير أن الوزراء المحسوبين على بري وفرنجية لم يقتنعوا بهذا التبرير وتمسكوا بمعارضتهم، وألمحوا الى تقاسم حصص بين التيار الوطني الحر وفريق رئيس الحكومة.
في هذا السياق أعربت مصادر الرئاسة الثانية لـ"الأنباء" عن عدم إرتياحها لما جرى أمس في مجلس الوزراء كونه يؤشر على "توافق ضمني بين فريق رئيس الجمهورية وفريق رئيس الحكومة على تقاسم التعيينات من دون الاخذ برأي القوى الأخرى التي تتشكل منها الحكومة، وبالتالي ما جرى بمثابة خرق واضح للقانون المتفق عليه في التعيينات التي تتطلب آلية معينة"، ولفتت الى أن التبرير الذي ساقه رئيس الحكومة لم يكن مقنعًا.
وتخوّفت مصادر بري من أن ينسحب هذا التوافق الضمني بين الرئاستين الأولى والثالثة على التعيينات المالية. ورأت أن هناك كباشاً كبيراً داخل مجلس الوزراء، لكنها لن تسمح بعد اليوم باعتماد هذه الطريقة في التعيينات المقبلة، حتى ولو كلف الأمر إيقاف كل التعيينات كما هو حاصل مع تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان وأعضاء هيئة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية.
وشددت مصادر بري على أن لا تراجع عن موقفها الرافض للأسلوب الذي اتبع في مجلس الوزراء مهما كلف الأمر.
مصادر تيار المردة أكدت بدورها معارضتها أسلوب المحاصصة وتقاسم المغانم بين التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة حسان دياب، ونصحت الحكومة بعدم العودة الى هكذا أسلوب لأنه سيواجه بمعارضة شديدة "حتى ولو إقتضى الأمر تعليق مشاركة وزيري المردة في الحكومة، لأن موضوع التعيينات لا يمكن أن يمر بهذه الطريقة، فيما عيون العالم شاخصة نحو لبنان وقد آن الآوان للخروج من إسلوب المحاصصة وكسب المغانم، وبالمقابل إعتماد مبدأ الكفاءة والشفافية، بغض النظر عن الإنتماء السياسي لهذا الموظف أو ذاك. فإما أن نبني إدارة شفافة بمعيار وطني كما يتطلع الينا العالم، أو أن نستمر بتقاسم الحصص فنقوّض ما تبقى من دعائم الدولة".
في سياق آخر، ردّت مصادر معارضة على تغريدة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي هاجم فيها من سمّاهم بـ"مفبركي الشائعات والأخبار الكاذبة" ضده حول "الصفقات والسمسرات" وإتهامه بالتدخل لدى السفراء والقناصل لإعادة اللبنانيين المغتربين الذين ينتمون لتياره دون غيرهم كما حصل بطائرة "لاغوس". وقالت المصادر المعارضة: "ليت الوزير باسيل لم يعلق على هذه الإتهامات التي تدينه إدانه موثّقة، بعد المعلومات التي كشفها مدير المطار من أن طائرتين خاصتين حطتا في مطار رفيق الحريري الدولي قادمة من إحدى الدول الافريقية بطلب من باسيل وعلى متنها عائلات لبنانية إحداها من آل باسيل".
أما في ما يتعلق باتهامه بموضوع الصفقات والسمسرات ومطالبته باعتماد "الحجر" على الكذب كما يقول، فقد ردت المصادر على هذا الكلام بالقول: "عندما يوقف باسيل مزراب الهدر والفساد والسمسرات ينتهي الأمر ولا نعود بحاجة لأي حجر، لأن الحقيقة لا يمكن حجرها عن أحد". وختمت المصادر "لا دخان بدون نار".
الى ذلك وفي جديد الإجراءات المتخذة للحد من انتشار كورونا وتمديد خطة التعبئة العامة الى السادس والعشرين من الشهر الجاري، كشفت مصادر مطلعة لـ"الأنباء" أن الحكومة كانت بصدد التخفيف من إجراءات التعبئة العامة والسماح للمؤسسات بالعمل بأوقات محددة، لكن عدم إقبال اللبنانيين على إجراء فحص PCR وظهور عوارض كورونا في عدد من المناطق وخاصة بعد تسجيل إصابات في صفوف المغتربين العائدين الى لبنان، دفعها الى تمديد خطة التعبئة أسبوعين إضافيين تداركا لما قد ينتج في حال رفع الحظر وعدم التزام الناس بالحجر الطوعي ومنع الاكتظاظ.
ورأت المصادر أن تمديد مدة الحظر يساعد اللبنانيين على وقف مخاطر إنتشار هذا الوباء، كما يفسح المجال لإعادة تقييم شاملة له من كافة النواحي، لاسيما أن الإجراءات المتخذة أعطت نتيجة ايجابية لإبقاء الأمور تحت السيطرة، كما أن الإقبال على فحص PCR وإرتفاع العدد لأكثر من ألف شخص يعطي مؤشرًا إيجابيا على إرتفاع نسبة الوعي لدى اللبنانيين للتأكد من عدم إصابتهم بهذا المرض.
وشددت المصادر على أهمية التدابير الأمنية وعدم التراخي فيها، وأن خطة سير المركبات بحسب أرقامها حدّت كثيرا من تنقل المواطنين ورفعت نسبة الالتزام بالحجر المنزلي.
أما في ما يتعلق باستكمال خطة إعادة المغتربين فأوضحت المصادر أن الحكومة في جلسة الثلاثاء المقبل ستجري تقييمًا شاملا للمرحلة الأولى من هذه العودة وفي ضوئها ستقرر الخطوات اللاحقة.