حل يوم الجمعة العظيمة في لبنان هذا العام مشوباً بحال من الخوف والقلق من استمرار تداعيات تفشي فيروس كورونا في ظل تزايد اعداد الاصابات مضيفاً لآلام اللبنانيين والعالم المزيد من الآلام . فاحيت الطوائف المسيحية الغربية هذه المناسبة الحزينة في ظل التدابير غير المسبوقة التي تتخذها الكنائس بالتزامن مع اسبوع الآلام ثم الفصح .
في صيدا ومنطقتها اقتصر احياء الجمعة العظيمة على اقامة رتبة سجدة الصليب داخل الكنائس والتي اقتصرت على اسقف او كاهن رعية وبعض المعاونين في كل كنيسة ، ومن دون المصلين الذين تابعوها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، فيما غاب تطواف درب الصليب التقليدي والذي عادة ما يقام داخل احياء البلدات والقرى المسيحية بمشاركة اهلها .
وترأس كل من رئيس اساقفة صيدا ودير القمر للموارنة المطران مارون العمار وراعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران ايلي حداد رتبة سجدة الصليب في كنيستي مار الياس ومار نقولا في صيدا بمعاون بعض الآباء والكهنة وتم اعفاء ابناء رعايا الكنيستين من حضور القداس بسبب التدابير الوقائية التي اتخذتها الكنائس المسيحية في مواجهة فيروس كورونا ، وشملت هذه التدابير بطبيعة الحال الغاء تطواف درب الصليب الذي يلي عادة الرتبة.
وفي شرق صيدا ، غابت مشهدية تجسيد آلام السيد المسيح عن بلدة القريّة للمرة الأولى منذ سنوات طويلة بعدما كان هذا التقليد الذي يعتبر جزءا من تراث وذاكرة ابناء البلدة ملازماً لإحياء مناسبة الجمعة العظيمة من كل عام ، ولم تنظم مسيرة درب الصليب التي كانت تنطلق عادة من باحة كنيسة مار جريس وكانت تنتهي على تلة مشرفة على البلدة بتجسيد مشهد الصلب برفع صليب خشبي كبير كان يعتليه عادة احد المتطوعين حيث كان يؤدي دور المصلوب ..كما غابت "التمثيلية" السنوية التي كان يؤديها شباب وشابات من البلدة وتحكي آلام " يسوع" على درب الجلجلة وصولا الى محطة الصلب.
ولكن في زمن كورونا وغياب كل هذه المشهديات التي بقدر ما كانت تضج بآلام وعذابات المسيح كانت ايضا تضج بالنشاط والحياة ، فغابت الأخيرة وبقي استذكار آلام " المخلص" مضافاً اليها ألم الكورونا فارتفعت الصلوات للخلاص من هذا الوباء ، وبدت شوارع القرية الداخلية كما الرئيسية في يوم الجمعة العظيمة خالية تماماً من الحركة الا لمن اضطر للخروج والانتقال من مكان لآخر.
وأحيت البلدات والقرى المسيحية في ساحل جزين الجمعة العظيمة فاقيمت رتبة سجدة الصليب ايضاً ضمن تدابير "الحظر الكنسي " على حضور المصلين الذين طلب اليهم متابعة الصلوات والمشاركة فيها عن بعد عبر" الفايس بوك" . وارتفعت الصلوات والدعوات الى الله أن " نجنا من الوباء العظيم " .
وفيما ألغيت مسيرة او تطواف درب الصليب في معظم بلدات المنطقة ، استعاض كاهن رعية السيدة في لبعا المونسنيور الياس الأسمر عن التطواف التقليدي " الجماعي " بالقيام بجولة " صلاة " مختصرة داخل البلدة برفقة اثنين من الكهنة ورئيس البلدية فيما شاركه بعض ابنائها من على شرفات او عبر نوافذ بيوتهم او عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
وفي عظة له بالمناسبة قال المونسنيور الأسمر " اننا نتضرع الى الله انه كما كانت نهاية جلجلة المسيح وآلامه فصح القيامة ، ان تكون هناك نهاية لهذا الوباء الذي يعيش العالم اليوم آلامه وأن يكون وراء هذا الموت قيامة ، ونصلي على نية شفاء جميع المرضى".
رأفت نعيم