أخبار لبنان

كورونا "يحجر " بهجة الفصح ولا يحجبها

تم النشر في 11 نيسان 2020 | 00:00

لم يحجب "الحظر الكوروني" على احتفالات عيد الفصح هذا العام بهجة الأطفال في صيدا ومنطقتها بهذا العيد ولكنه " حجَر " هذه البهجة وقيدها ، فانتقلت " محترفات " تشكيل وتلوين البيض عشية الفصح من الساحات المفتوحة الى البيوت والشرفات تمهيداً لـ"منازلات" المفاقسة به يوم العيد ، فيما نشطت العديد من ربات البيوت في البلدات والقرى المسيحية في تحضير حلوى الفصح ضمن منازلهن ومن" حواضر البيت" بسبب وطأة الأزمة المعيشية مضافاً اليها تداعيات أزمة كورونا.

فرحة الفصح هذه السنة يخيم عليها الحذر  من تفشي فيروس كورونا فيفقدها بعض مظاهرها بما هي مشاركة الآخرين الإحتفال به والتزاور وتبادل التهاني والأمنيات، والتنافس بالمفاقسة ببيض الفصح الملون خاصة بين الأطفال ، فأصبحت بعض هذه المظاهر  تقتصر على افراد العائلة الواحدة ضمن البيت الواحد ، او على ارسال وتبادل التهاني والأمنيات عن بعد عبر وسائل التواصل.

على شرفة منزلها في بلدة مغدوشة تستعد عائلة شربل حداد كما اعتادوا كل سنة للإحتفال بالفصح ، ولكن لأن العيد هذا العام استثنائي بسبب " كورونا" تقتصر تحضيرات العائلة للعيد داخل البيت ومنها سلق البيض وتلوينه وتزيينه وقد اضيفت هذه السنة فكرة توجيه رسالة عبر بيض الفصح باللغات الثلاث تطلب من كل الناس ان يبقوا في منازلهم !. وتقول الطفلة فانيسا حداد ( 12 سنة ) : " عشان عيد الفصح عم نلون البيض ونزينو ، ونكتب عليه" خليك بالبيت" لنطلب من اهلنا واقاربنا واصدقائنا انو يضلوا ببيوتهم" .

وتقول انجلينا حداد ( 10 سنوات ): " عم نكتب هالكلمات كرمال كل الناس تضلها ببيوتها وما تضهر .. ومنقول للأهل خليكن بالبيت كرمال ما نلقط الكورونا وما يصير شي بالبلد" .

وتقول والدتهما نادين الشباب" عادة تجتمع العائلة في العيد كل سنة ونقوم بتحضير البيض وتزيينه سوياً مع الأولاد لكن هذه السنة كل واحد في بيته . ومنقول لكل الناس " اكيد قادرين نعمل كل النشاطات اللي بدنا ياها بس نحنا وببيوتنا لنقطّع هالمرحلة وما نساعد على انتشار الكورونا ".

وعن كيفية تحضير بيض الفصح تقول الشباب" نأتي بورق الورد من الحقل، ونغلف به البيض ثم نسلقه بالماء ونضيف اللون الذي نريده ، ونحن نختار عادة التلوين الطبيعي بالشمندر او العقدة الصفرة او قشر البصل وهيك تنتج لدينا الوان مختلفة للبيض ويمكن ان نأكله بشكل صحي ".

وليس بعيدا عن اجواء التحضير للفصح في منزل حداد ، تتحول معظم البيوت في مغدوشة عشية الفصح وفي زمن الكورونا الى خلايا نحل لا تهدأ ويتابع المؤمنون من بيوتهم الصلوات والقداديس التي تنقل عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من داخل الكنائس .

وعند مدخل البلدة ،يفتقد مزار سيدة المنطرة زواره و" حجاجه" الذين كانوا في اسبوع الآلام والفصح من لك سنة – قبل الكورونا- يأمونه من مختلف المناطق والطوائف وحتى من السواح من خارج لبنان ، فبدا المزار عشية الفصح خالياً الا من القائمين عليه ومن عدد قليل من الزوار ممن اتخذوا احتياطاتهم الوقائية من كورونا.

ويقول مسؤول المزار الأرشمندريت سمير نهرا " لم نشهد في تاريخنا بل في تاريخ البشرية اياماً كالتي نمر بها بسبب فيروس كورونا .. وهذا الوباء لا احد يعرف اذا كان من صنع البشر او بسبب الطبيعة، انما هو لم يسبق وان سجل في التاريخ . ومزار سيدة المنطرة كما تعلمون هو مزار  عالمي لكن كما ترون اليوم وطوال اسبوع الآلام لا احد أتي وهذا امر له اسبابه ، فالناس ملتزمين بيوتهم . لكن الواقع مرير . فمن جهة نحرم من الحضور مع بعضنا البعض ومع عائلاتنا وجماعاتنا ومن التفاعل مع قرانا ومدننا وتغيب الحياة والحركة التي تعطينا فرحا والتي نشعر بها اننا هذا الوجود وهذا الانسان وهذا المجتمع . ومن جهة ثانية نسمع كل يوم عن خسائر بشرية كبيرة في كل ارجاء العالم واصابات في لبنان والعالم ".

ويضيف" اليوم هناك غصة في قلوبنا ودمعة في عيوننا اننا حرمنا من استقبال هؤلاء الناس الذين كانوا يأتون للصلاة ولعيش هذا الأسبوع المبارك والمقدس لدينا .لكن بالمقابل ربما كان لقاء العائلة اليوم في البيت الواحد يقربها اكثر واكثر من بعضها البعض بالوحدة والمحبة وبأمور كثيرة تجمع العائة ".

ويتابع" السيدة العذراء حزينة اليوم على شعبها وحزينة للواقع المرير الذي يعاش اليوم ولكن كلنا ايمان ان العذارء مريم لا تتركنا وهي دائما معنا في بيوتنا او في المزار او اينما نكون . هي حاضرة دائما في حياتنا". ويختم نهرا" بتوجيه رسالة لكل المؤمنين ولكل الناس ان ابقوا في بيوتكم وانا متأكد وكلنا متأكدون ان هذا هو العلاج الوحيد المتوفر حالياً لهذا الفيروس "!.

المصدر : رأفت نعيم