أعلن وزير المالية محمد الجدعان، أن الحكومة السعودية تقوم بدراسات مكثفة لعودة حركة الاقتصاد إذا سمحت الظروف الصحية، موضحا أن هناك لجانا تعمل على مجموعة مسارات، الأول هو الصحة، والنقطة الثانية هي التدرج، وسيكون الفتح تحت المراقبة الصحية، ومن المهم أن يعي الناس أن أي إجراءات لفتح الاقتصاد، قد تتبعها إعادة الإغلاق كما يحذر منه في تجارب دولية، ونعمل مع عدد من الدول في التنسيق في مثل هذه التجارب بشأن فتح الاقتصاد.
وقال الجدعان في مؤتمر صحافي بالرياض مخصص لمستجدات جائحة كورونا، اليوم الأربعاء، إن الحكومة وفرت بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، 47 مليار ريال لوزارة الصحة، وجزء منها جرى استخدامه فعليا وجرى شراء المستلزمات بما فيها المتطلبات التي يطلبها العالم كله، وبات الطلب عليها عالياً عالميا، مؤكداً أن المملكة لم تدخر جهدا وبذلت الغالي والنفيس، بأن تضمن لمواطنيها أن يتمتعوا بأعلى معايير الرعاية الصحية والوقائية، فالهم الأول لقيادة المملكة هو صحة المواطن.
إصدارات دين جديدة
وكشف أن المملكة قد تزيد إصدارات الدين حتى تصل إلى 100 مليار ريال، لتضاف إلى الـ 120 مليار ريال السابقة فيصبح الإجمالي 220 مليار ريال، بجانب السحب من الاحتياطيات حسب المجدول وفقا لما أعلن عنه ضمن الميزانية، موضحا أن "هناك مشاريع رأينا آثارها في عام 2019 عندما قام القطاع الخاص بتمويلها بمبالغ كبيرة، وننظر إلى الجوانب التي يمكن أن نخفض فيها الإنفاق بسبب الظروف أو النفقات التي يمكن تأجيلها".
وعبّر عن تفهمه للآثار الناجمة عن الإجراءات الوقائية على عمل القطاع الخاص، لكن الحكومة استثمرت مبالغ كبيرة في البنية التحتية الرقمية، مكنت مؤسسات الدولة من العمل عن بعد، بما أثبت معه استمرارية الأعمال، خلال فترة الأزمة، وهذا انعكس في وزارة المالية على سبيل المثال، عبر وجود فريق تنسيق، للتأكد من أن مستحقات القطاع الخاص يجري دفعها ورفع المستندات الخاصة بها إلكترونياً، ونسقنا مع مختلف الجهات الحكومية، وإن تعذر رفع بعض المستخلصات أو الفواتير إلكترونياً فيمكن عمل ذلك بشكل يضمن الصرف الجزئي لمساعدة القطاع الخاص في هذه الظروف.
دعم كامل للقطاع الخاص
وأوضح أن "جميع الوزارات وأنا شخصيا والوزراء على تواصل مستمر مع القطاع الخاص للتأكد من معالجة أي تحديات تواجهه في هذه المرحلة، لأن الجميع يهمه دعم القطاع الخاص، فهو المساهم في حركة الاقتصاد، وهو الموظف للمواطن، ووقفنا بجانب القطاع الخاص ولم نزل نقف بجانبه وسنستمر في ذلك".
وذكر أن هناك نفقات حكومية سيتم تأجيلها بسبب الأوضاع الحالية، مثل السفر وفعاليات الترفيه وغيرها، معلنا عن دراسة تأجيل الإيجارات الحكومية للقطاع الخاص أو حتى التنازل عن جزء منها، وهو ما سيكون له أثر في القطاع الخاص أيضاً، وقد شاهدنا مبادرات تثبت تكاتف القطاع الخاص بهذا الصدد وفي هذه الظروف الاستثنائية.
وقال إن اللجنة التنسيقية العليا برئاسة ولي العهد بمراجعة العمل على ما جرى من مبادرات بأنها تجري بفاعلية، وشكلت لجنة للنظر بطلبات الصناديق لتمويل إضافي لتوفير الدعم في القطاع الخاص من القطاعات الصناعية، وجرى توفير أكثر من 14 مليار ريال إضافية للقطاع الخاص، كاشفاً أن القرارات سريعة جداً.
وكشف الجدعان أن هناك دراسات مستمرة لإعادة النظر والتعديل في بعض المبادرات وتحويلها من تأجيل إلى إعفاء من رسوم أو مقابل مالي، أو مستحقات ويجري دراسة التمديد من 3 أشهر إلى 6 أشهر أو 9 أشهر حتى نهاية السنة، وهذا فقط في القطاعات الأكثر تأثرا من جائحة كورونا، موضحا أن التطورات تجري بسرعة عبر استجابة وتوجيهات مباشرة من القيادة الرشيدة، وسوف تستمر اللجنة في دراسة أي مبادرات إضافية.
وأشار إلى دراسة مبادرات إضافية في قطاعات النقل، خاصة النقل الجوي والسياحة والفنادق والقطاعات الأكثر تأثرا والصناعة، وجرى خلال الأيام القلية الماضية استصدار مجموعة من القرارات بخفض فواتير الكهرباء للقطاع الصناعي والتجاري بنسبة 30%.
تسديد 200 مليار ريال
وكشف أن وزارة المالية سددت جميع مستحقات القطاع الخاص خلال مدة 30 يوما بمبالغ وصلت إلى أكثر من 200 مليار ريال، وقد أعلنت وزارة المالية منذ عدة أيام عن تسديد مستحقات القطاع الخاص التي وصلت للوزارة حتى نهاية الشهر الماضي، ودفعنا 23 مليار ريال مستحقات للقطاع الخاص خلال الربع الأول، بحيث إن 87% من المبالغ سددت خلال 30 يوماً، والبقية منها سدد خلال الفترة النظامية وهي 60 يوماً.
وتابع الجدعان في المؤتمر الصحافي المخصص للإحاطة الإعلامية حول مستجدات فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، إن الحزم والمبادرات الكبيرة المتخذة بتوجيهات القيادة الرشيدة، جاءت رغبة في تمكين مختلف مؤسسات الدولة، ومنشآت القطاع الخاص، في مواجهة هذه الجائحة.
وأكد أن كل الإجراءات أثبتت أن "المواطن هو الهم الأول والموظف في القطاع الخاص هو الهم الأول، ولذلك جاءت مبادرات متعددة وحزم اقتصادية، منها مبادرات مؤسسة النقد، ومن ضمنها مبادرة "ساند" لأجور الموظفين، وجرى تعديل النظام في 48 ساعة، وبالعادة النظام يأخذ مدة طويلة، ونظرا للظروف الاستثنائية صدر أمر خادم الحرمين الشريفين بتعديل النظام، لتوفير 9 مليارات ريال تعويضا لأكثر من 1.2 مليون مواطن في المنشآت المتأثرة بأزمة كورونا.
وأردف أن الحكومة قررت أن "تدفع إلى 60% من راتب الموظف في القطاع الخاص، ونسقت مؤسسة النقد مع البنوك بألا يجري استقطاعات من هذه المبالغ بموجب المنتجات التمويلية الممنوحة للمقترضين، بحيث لا نرهق كاهل الموظف الذي يجري تمويل راتبه من مؤسسة التأمينات الاجتماعية".
وذكر أن الحكومة السعودية كانت واصلت عملها في ضبط المالية العامة حققت المستهدفات بنهاية 2019، كما حققت مستهدفاتها في زيادة الإيرادات غير النفطية التي نمت بنسبة 13% في نفس السنة، معتبرا أن هذه الإجراءات السابقة مكنت الحكومة من التعامل بقوة مع الأزمة الحالية.
أضاف أن هذا النمو في الاقتصاد السعودي، في العام الماضي، جاء متواكبا مع نشاط اقتصادي صحي زاد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة لم نشاهدها في سنوات سابقة، وكانت أكبر زيادة في الناتج المحلي الإجمالي في 5 سنوات.
ومضى قائلا: إن الإجراءات التي اتخذتها المملكة في دعم القطاع الخاص والقطاع غير النفطي كانت بقيادة ولي عهد المملكة، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية، الأمير محمد بن سلمان". وأوضح "أن المملكة لديها احتياطيات تجلعها الثالثة على مستوى العالم في قيمة الاحتياطيات، وفي بداية الأزمة صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتشكيل فرق للتعامل مع هذه الأزمة وحماية الإنسان بما في ذلك المواطنون والمقيمون، وتوفير العلاج المجاني للجميع من مواطنين ومقيمين".
وأشار وزير المالية السعودي إلى أن صندوق النقد الدولي يتوقع انكماش اقتصاد 180 دولة والمملكة ليست استثناء، لكنه أكد قوة اقتصاد المملكة في التعامل وعلى مستوى دولي وضمن منظومة مجموعة العشرين، وفي العمل مع المؤسسات الدولية، لمواجهة آثار الجائحة اقتصاديا، وللوصول إلى مواجهة صحية وعبر دعم المملكة لجهود منظمة الصحة العالمية، بجانب التبرع للدول المتأثرة ومواصلة تقديم المساعدات الإنسانية.
حزم اقتصادية كبيرة
وكانت عدد من الجهات الحكومية السعودية قد أعلنت مؤخراً عن حزمة من التدابير والمبادرات تجاوزت قيمتها 70 مليار ريال، والمتمثلة في إعفاءات وتأجيل بعض المستحقات الحكومية لتوفير سيولة على القطاع الخاص ليتمكن من استخدامها في إدارة أنشطته الاقتصادية.
يأتي ذلك إضافة إلى برنامج الدعم الذي أعلنت عن تقديمه مؤسسة النقد العربي السعودي للمصارف والمؤسسات المالية، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بمبلغ 50 مليار ريال.
كما تحملت الحكومة السعودية 60% ولمدة ثلاثة أشهر من الأجر المسجل في التأمينات الاجتماعية للعاملين السعوديين في منشآت القطاع الخاص وبقيمة إجمالية تصل إلى 9 مليارات ريال، إضافة لما تم إعلانه مؤخراً من عدد من التدابير الاقتصادية التي تمثّلت في دعم وإعفاء، وتعجيل سداد مستحقات القطاع الخاص، بقيمة تتجاوز 50 مليار ريال.
وعملت الجهات الحكومية على تنفيذ هذه المبادرات والإجراءات للتخفيف من آثار هذه الجائحة العالمية.
العربية.نت