أخبار لبنان

إجتماع الأربعاء: مذكرة جلب إلى مكتب الجنرال

تم النشر في 4 أيار 2020 | 00:00

يبحث رئيس الجمهورية ميشال عون عن أي مناسبة متزينة بثوب "الجمع الوطني"، ليمنح نفسه ‏صفة الرئيس الجامع، الرئيس الذي "استعاد" الصلاحيات، على نمط رؤساء ما قبل الطائف.‏

كل السلطات

في دعوته رؤساء الكتل النيابية إلى القصر الجمهوري، لعقد اجتماع والبحث بالخطّة الاقتصادية ‏التي أقرتها الحكومة، يفتح عون معركة هامشية جديدة، أساسية بالنسبة إليه، مع المجلس النيابي. ‏لم تعد معركة الصلاحيات محصورة مع الحكومة ورئيسها، إنما تتطور لتطال مجلس النواب. ‏عمل عون منذ بداية عهده على قضم صلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية، عدا عن بسط ‏نفوذه على السلطة القضائية. وبذلك تجاوز للدستور والقانون والأعراف.‏

‏ ترأس جلسات مجلس الوزراء، إلى أن أقرت الحكومة الخطة. والواقع يفرض تحويل هذه الخطة ‏إلى المجلس النيابي لمناقشتها، وإقرارها. لكن عون ارتأى توجيه دعوة "وطنية" إلى رؤساء الكتل ‏لمناقشة الخطّة في القصر الجمهوري بدلاً من المجلس النيابي. وهو بذلك يريد تحقيق ثلاث نقاط، ‏إثبات مرجعيته السياسية والوطنية. القول إن القرارات الأساسية تؤخذ في بعبدا وليس في ‏المؤسسات القصور الأخرى. وهذه عادة درج عليها منذ فترة طويلة، على غرار عقد اجتماعات ‏المجلس الأعلى للدفاع، والاجتماعات المالية والاقتصادية. وأيضاً، الحصول على الشرعية ‏السياسية والقانونية لكل القرارات التي تُتخذ، فيما تأخذ المؤسسات الأخرى صفة تنفيذية لا ‏تقريرية.‏

الدعوة والحرج

اختار عون إحراج جميع القوى السياسية بدعوته، التي تتعارض مع صلاحيات وعمل المجلس ‏النيابي. فلياقة، لن يتمكن رئيس مجلس النواب نبيه بري من مقاطعة الدعوة، على الرغم من أن ‏فيها مساساً بصلاحيات المجلس. وكذلك الأمر بالنسبة إلى القوى الأخرى، التي لن يسهل عليها ‏مقاطعة دعوة رئيس الجمهورية، خصوصاً أن ذلك سيؤدي إلى تكريس قطيعة تؤدي إلى أزمة ‏سياسية في لبنان. فتلبية الدعوة ستمنح الغطاء والشرعية لعون ولخطته. والمقاطعة ستضع ‏المقاطعين في خانة "المعرقلين"، في إطار اللعبة الإعلامية التي يجيدها عون وفريقه.‏

‏ في الإنجازات، يستحوذ عون على الصورة وحيداً. في المناقشات الجدية الحامية والتي تضع ‏لبنان على مفترقات خطرة، يحرص عون على إشراك الجميع بجعلهم يتجمهرون حوله. ذلك كله ‏يؤدي إلى ضرب مفهوم النظام اللبناني ومرتكزاته. هكذا، يبقى وحده المبادر، والساعي دوماً إلى ‏اختلاق فتاوى وابتكار أفكار، وسط انتظارية الآخرين على قاعدة ردّ الفعل. فيقبعون في مواطن ‏الدفاع عن النفس، بمواجهة الهجوم العوني المستمر والذي لا يهدأ. وهكذا، يجيد عون اللعب على ‏أكثر من حبل متناقض.‏

المقاطعة السنّية

وبالتزامن مع توجيه الدعوات لرؤساء الكتل النيابية للجلوس في حضرته، يستمعون إلى معلّقات ‏حول الخطة الاقتصادية من عدد من المستشارين، يستمر فريقه في شن المعارك السياسية ضد ‏الذين سيلبون هذه الدعوة.‏

ومن سيلبي الدعوة، لن ينطلق من خلفيات تقنية أو لها علاقة بالخطة الاقتصادية حتماً. إنما من ‏حسابات سياسية، إما لأنه محرج وغير قادر على المقاطعة، لأنها ستؤدي إلى تكريس انقسام ‏سينعكس توتراً سياسياً وشعبياً. وإما لأنه طامح لتحقيق تهدئة أو غاية أو للحصول على "عطف ‏رئاسي". والجميع يعلم أن ما بعد الدعوة سيتبدد تبادل السلام فيها، لتعود الجبهات السياسية إلى ‏الاشتعال. ومن سيخرج من القصر بعد الجلسة، سيصل إلى دارته ويستمع إلى تصريحات ‏محسوبة على الفريق الرئاسي تحمّله مسؤولية الانهيار وتبعات الأزمة، وكأن شيئاً لم يكن.‏

منذ تلقي الكتل النيابية للدعوة، يدور نقاش في الكواليس، حول الجدوى من عقدها. من يرفضها ‏يحيلها إلى ضرب الدستور وتكريس مفهوم النظام الرئاسي، وضرب صلاحيات مجلس النواب ‏بعد قضم صلاحيات مجلس الوزراء. رؤساء الكتل السنّية لن يحضروا، هذا على الأقل بحد أدنى ‏من الاتفاق بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي. وحتى إذا ما أرسلت الكتلتان من ينوب ‏عنهما، فربما لن يكون ممثلهما من الطائفة السنية. تيار المستقبل سيقاطع هذه الدعوة بالكامل. ‏فيما تستمر المفاوضات لأجل مقاطعات أكثر. كتلة ميقاتي لن تتمثل بنائب سنّي، وبذلك سيكون ‏السنّة في عداد المقاطعين، ما يعني فقدان الجلسة للغطاء الميثاقي.‏

خفض التمثيل

يبقى نائب واحد سيحضر، هو فيصل كرامي، والذي سيذهب كممثل للقاء التشاوري المتشظي. ‏فهو لا يحظى بدعم عبد الرحيم مراد، ولا بموافقة جهاد الصمد، بينما النائب قاسم هاشم أعلن ‏معارضته للخطة الاقتصادية. سيكون كرامي صورة معلّقة على طاولة الاجتماع بلا برواز. ‏جالساً على كرسي خشبها من أعواد حزب الله، وأحلامه أن يقول دوماً إنه حاضر لتلبية "أمر ‏اليوم"، لعلّ ذلك يحمله ذات يوم إلى السراي الحكومي.‏

الكتل الأخرى قد تذهب إلى تخفيض تمثيلها. فمثلاً، الدعوة التي تلقاها اللقاء الديموقراطي لم تكن ‏باسم رئيس اللقاء بل باسم رئيس الحزب وليد جنبلاط، وكذلك بالنسبة إلى تيار المردة وتوجيه ‏الدعوة إلى سليمان فرنجية، والأرجح أن يكون التوجه خفض التمثيل، إذ تم الإعلان عن أن ممثل ‏فرنجية في اللقاء سيكون النائب فريد هيكل الخازن.‏



المدن – منير الربيع