أخبار لبنان

رئاسة الحكومة في مهب التنازلات.. وميقاتي يقرع جرس الانذار!

تم النشر في 30 أيار 2020 | 00:00

المصدر: غسان ريفي - سفير الشمال


لم يكن الرئيس نجيب ميقاتي ليغرد عبر حسابه على تويتر مساء أمس بهذه القسوة على الحكومة ورئاستها، لو لم يستشعر خطرا حقيقيا على الدستور وعلى إتفاق الطائف، ولو لم يشعر بالحزن والألم على الاهانة التي تعرض لها مجلس الوزراء خلال جلسته التي عقدت في قصر بعبدا، بتراجعه عن قراره بإيقاف معمل الكهرباء في سلعاتا، والذي عُرض على التصويت في جلسة الحكومة في السرايا الاسبوع الفائت فعارضه 16 من بينهم رئيس الحكومة ونائبته وزيرة الدفاع، ووافق عليه أربعة وزراء فقط.

ولم تكن هذه التغريدة وليدة صدفة، بل جاءت نتيجة تراكمات من التخلي الحكومي عن الدور والحضور ومن التنازلات والاخفاقات ومحاولات الاستعاضة عن كل ذلك ببعض البطولات الوهمية التي ما تلبث أن تتكشف حقيقتها التي تزيد اللبنانيين يأسا، وتُشعر السنة بكثير من الضعف وصولا الى الاحباط.

يبدو واضحا أن الرئيس ميقاتي ينطلق من مسؤوليته الوطنية في حماية رئاسة الحكومة والحفاظ على التوازنات بين السلطات والتي تعتبر أساس الاستقرار السياسي في البلاد، من دون أن يكون في مواقفه أية حسابات شخصية، خصوصا أنه في كل الحكومات السابقة عندما كان يشعر بخطر الانقضاض على الكرسي الثالثة ومن خلالها على الدستور وإتفاق الطائف كان يسارع الى قرع جرس الانذار لاعادة الأمور الى نصابها وتصحيح مسار البوصلة، حتى بات يشكل خط الدفاع الأول عن هذه الثوابت والمسلمات.

يدرك كثيرون أننا بتنا اليوم نتجه نحو نظام رئاسي، وأن ما لم يتم تعديله في إتفاق الطائف بالنصوص يجري التحايل عليه بالأمر الواقع والأعراف، والنماذج على ذلك كثيرة، بدءا من زيارات الوزراء المتكررة أو شبه اليومية الى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ووضعه في تفاصيل التفاصيل وهو أمر من المفترض أن يكون منوطا برئيس الحكومة الذي تقضي صلاحياته أن يكون على إطلاع كامل بعمل الوزارات، مرورا باللقاء الذي عقده رئيس الجمهورية لمناقشة الورقة الاصلاحية بعد أن ناقشها مجلس الوزراء وأقرها، وصولا الى العرقلة التي ترخي بثقلها على التشكيلات القضائية والتعيينات المالية والادارية التي تخضع لتسويات ملتبسة تنفي عن الحكومة صفة الاستقلالية، وتضرب مبدأ الشفافية وإعتماد الكفاءة، كما تنفي عن العهد صفة الاصلاح ومحاربة الفساد، وتؤدي بشكل أو بآخر الى إنهاء رئيس الحكومة الذي بات (بحسب مطلعين) “يسيء الى موقعه ولا يحافظ على حضوره، ما يتطلب إسقاطه، بعدما تأكد للجميع أن الحكومة رئيسا ووزراء غير قادرين على مواجهة الأزمات التي تعصف بلبنان، والمئة يوم من التخبط ومن ثم الحديث عن 97 بالمئة من الانجازات أكبر دليل على أن السراي برمتها تعيش في كوكب آخر”.

بالأمس كان تراجع مجلس الوزراء عن موقفه تجاه معمل سلعاتا بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، حيث بدا أن رئيس الحكومة ووزرائه ينقادون الى رئيس الجمهورية الذي أعاد إحياء المعمل بالرغم من معارضته دوليا، خصوصا أن اللقاء الذي عقد في السراي حول مؤتمر سيدر سجل إنزعاجا كبيرا من قبل السفراء الأجانب من مداخلة وزير الطاقة ريمون غجر الذي خرج عن موضوع اللقاء وسعى الى تسويق معمل سلعاتا بالرغم من عدم جدواه.

من هذا المنطلق جاءت التغريدة القاسية للرئيس ميقاتي الذي لم يعبر فيها عن رأيه الشخصي بقدر ما حاكى هواجس طائفة بكاملها بدأت تشعر بفقدان دورها، وتطلعات لبنانية وطنية للحفاظ على توازنات وصلاحيات يضرب العهد بها عرض الحائط.