المصدر: نداء الوطن
لم يصمد قرار مجلس الوزراء باستثناء معمل سلعاتا من خطة الكهرباء أكثر من خمسة عشر يوماً. ففي الجلسة الأخيرة المنعقدة في قصر بعبدا بتاريخ 29 أيار، أعيد ضم المعمل الاشكالي، بطلب خاص من رئيس الجمهورية، وبموافقة من رئيس الحكومة والوزراء. الإخراج الضعيف لادخال المعمل المستثنى من السيناريو الكهربائي، أضعف مسلسل الكهرباء. تطور جديد غير محسوب، سيضيف العلامات السلبية على مسيرة الاصلاح اللبنانية، ويفقد الممولين العالميين شهيتهم بمد لبنان بالقروض.
فالخطة بشكل عام غير شفافة وتعتمد التلزيم بالتراضي من خلال تكليف وزير الطاقة التفاوض من "دولة إلى شركة"، لبناء معامل تصل قيمتها إلى 5 مليارات دولار، بعيداً عن الهيئات الرقابية وادارة المناقصات. أما معمل سلعاتا بشكل خاص فيفتقد الى الجدوى الاقتصادية الايجابية، وذلك نظراً لارتفاع كلفة الاستملاكات إلى أكثر من 200 مليون دولار، وانعدام البنى التحتية في المكان المنوي الانشاء فيه، وارتفاع كلفة البناء إلى 500 مليون دولار والصيانة لأكثر من 15 مليار دولار في الاعوام القادمة.
هذه العوامل ستجعل من كلفة كل كيلوات/ساعة منتجة للسنوات العشرين القادمة باهظة وغير منطقية، وهي تقدر بحوالى 16 سنتاً. الامر الذي سيثقل كاهل المواطنين ويحد من الاستثمار في الطاقة البديلة التي من الممكن ان توفر 40 في المئة من حاجات لبنان الكهربائية. النقطة الثانية والتي لا تقل أهمية عن الجدوى الاقتصادية، هي مكان انشاء المعمل في سلعاتا. فبعدما كانت الشركة العالمية Mott Macdonald قد حددته في منطقة مستملكة من شركة كهرباء لبنان في حامات بحسب بيان صادر عن بلدية سلعاتا، أعادت وزارة الطاقة في العام 2014 نقله إلى سلعاتا بعد استشارة شركة "Fichtner". المكان الجديد للمعمل يقع بالقرب من الأحياء السكنية وعلى بُعد أمتار قليلة من تجمع صناعي يعمل فيه نحو 600 عامل. بالاضافة الى الكلفة الآنية للاستملاكات، فان للمشروع كلفة مستقبلية على ابناء المنطقة خاصة ولبنان عامة لا تقدر بثمن. فالمعمل سيقتل الواجهة البحرية ويحرم ابناء المنطقة من متنفسهم، خصوصاً اذا ترافق مع محطة تغويز خاصة به في البحر قبالته، كما يخططون.
بالاضافة إلى تعزيز فوضى التلزيمات وضرب الجدوى الاقتصادية بعرض الحائط وارتفاع كلفة الانتاج والبيع ومحاصرة الواجهة البحرية في سلعاتا.. فان تلزيم المعمل للصينين كما ينوي القيمون على الملف وتأمين مرفأ بحري لهم على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، سيكون بحسب الخبراء خطأ جيوسياسياً سيدفع ثمنه لبنان غالياً.
أمام كل التحديات والعراقيل لهذا المعمل، يبقى السؤال هل يستأهل هذا المعمل هذا الكم من التضحية؟ وهل المنفعة الشخصية من الاستملاكات، التي أظهرت المسوحات أنها تعود لمقربين من "التيار الوطني الحر" واغراق البلد في صراعات دولية جديدة أغلى من منفعة اللبنانيين وحقهم بالعيش الكريم. أجوبة يجزم الكثيرون بأنها لن تلقى آذاناً صاغية.