أخبار لبنان

‏ الراعي: لا يمكن القبول بعد الآن بهدر المال العام في عمليَّات التَّهريب

تم النشر في 7 حزيران 2020 | 00:00

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس عيد العنصرة في كنيسة ‏السيدة في الصرح البطريركي، في بكركي، بمشاركة لفيف من المطارنة والكهنة‎.‎

وشدد في عظة قداس الأحد على أن "ما أحوج مجتمعنا اللُّبنانيّ ودولتنا إلى ثقافةٍ تعكس وجه الله ‏في العمل السِّياسيّ بكلِّ أبعاده، التَّشريعيَّة والإجرائيَّة والإداريَّة والقضائيَّة، وبكلِّ مآله الاقتصاديَّة ‏والماليَّة والمعيشيَّة والإجتماعيَّة‎"‎

وقال: "ما أحوج مجتمعنا اللُّبنانيّ ودولتنا إلى ثقافةٍ تعكس وجه الله في العمل السِّياسيّ بكلِّ ‏أبعاده، التَّشريعيَّة والإجرائيَّة والإداريَّة والقضائيَّة، وبكلِّ مآله الاقتصاديَّة والماليَّة والمعيشيَّة ‏والإجتماعيَّة. لا يمكن القبول بعد الآن بدولةٍ مجزَّأةٍ بين أطرافٍ سياسيَّةٍ وطائفيَّةٍ تحتمي وراء ‏مجموعةٍ من الأنظمة الخاصَّة بكلِّ واحدةٍ منها، بهدف حماية مصالحها المشروعة وغير ‏المشروعة، التي تفرغ الخزينة، وتملأ جيوب أربابها والنَّافذين. فكيف يمكن أن تعيش الدَّولة ‏وتلبِّي حاجات مواطنيها الذين أصبَحوا بنصفهم في حالة الفقر والجوع والبطالة والهجرة، فيما ‏المال العامّ يُهدَر في عمليَّات التَّهريب عبر المطار والمرافئ والمعابر العديدة غير الشَّرعيَّة بين ‏لبنان وسوريا؟ وكيف نطالب دولةً جعلوها أفقر من شعبها بنهبهم أموالها، من دون حسيبٍ أو ‏رقيب، واليوم من دون أيَّة محاسبة من أجل استرجاع المال المنهوب؟

أضاف: "أنتم على حقّ، أيُّها الشَّباب والشَّابَّات، في ثورتكم، التي نريدها صوتًا واحدًا، مستقلاًّ ‏وغير مسيَّس، محصَّنةً بوجه المندسِّين، حضاريَّةً ورفيعةً في أهدافها ومطالبها الواعية والمحقَّة. ‏نطلقُها معكم صرخةً ضدَّ الفساد والهدر المتناميين، وضدَّ الغلاء الفاحش، وانهيار النَّقد الوطنيّ، ‏وحجز رؤوس الأموال في المصارف. ونطلقُها معكم صرخةً بوجه كسل أجهزة الرَّقابة وتلكُّؤ ‏القضاء، تحت تأثير التَّدخُّل السِّياسيّ، عن محاسبة الرُّؤوس الكبيرة والمسؤولة مباشرةً عن ‏عمليَّات الفساد. معكم نطالِبُ بالإسراع في إجراء التَّعيينات الإداريَّة والقضائيَّة والمصرفيَّة، ‏واتِّباع معايير الكفاءة والنَّزاهة، رافضين المماطلة مهما كانت أسبابها. ومعكم نطالِبُ الحكم ‏والحكومة بوضع خطَّةٍ إصلاحيَّةٍ تنهض عمليًّا بالاقتصاد وتحسين معيشة المواطنين"‏‎. ‎

وسأل: "ألَيسَت هذه المطالب مشترَكة بين الشَّباب اللُّبنانيّ، من دون أيِّ ارتباطٍ بدِينِه أو طائفته أو ‏حزبه أو منطقته؟ لقد أسِفنا لما جرى بالأمس بوضع هذه المطالب المشترَكة جانبًا، وتحويل ‏التَّعبير عن الرَّأي بالشَّكل الدِّيمقراطيّ إلى مواجهةٍ بالحجارة وتحطيم المؤسَّسات والمحلَّات ‏واستباحة ممتلكات النَّاس وجنى عمرهم، وتشويه وجه العاصمة، والاعتداء على الجيش والقوى ‏الأمنيَّة التي من واجبها حماية التَّظاهرات السِّلميَّة. هذا كلُّه يعني، وبكلِّ أسف، أنَّ ما زالت ‏تعشعش في القلوب مشاعر الضَّغينة والحقد والبغض. وهذا لا يتآلف وميثاق العيش المشترك"‏‎. ‎

وتابع الراعي: "وأسِفنا بالأكثر لإدخال المعتقد الدِّينيّ في الانقسام السِّياسيِّ وجعل هذا المعتقد ‏وسيلةً للنِّزاع بالأسلحة. لماذا نعطي الأسرة العربيَّة والدَّوليَّة هذه الصُّورة المشوَّهة عن لبنان؟ ‏وهل بهذه الممارسات النِّزاعية نساند الحكم والحكومة في توطيد الاستقرار الضَّروري للنُّهوض ‏من حضيضنا"؟

ومضى قائلا: "أمَّا من جهة المسؤولين السِّياسيِّين عندنا فلا يحقُّ لهم أن يحكموا بذات الذِّهنيَّة ‏والأسلوب، بعيدًا عن الخطِّ الذي يرسمه الدُّستور والميثاق الوطنيّ ووثيقة اتِّفاق الطَّائف نصًّا ‏وروحًا. فكيف يمكن أن تأتينا المساعدات العربيَّة والدَّوليَّة من دون تأمين الاستقرار السِّياسيّ، ‏وتصحيح الحوكمة، واعتماد سياسة الحياد، وشبك الأيادي وتوحيد الجهود"؟

وختم الراعي: "إنَّ الكنيسة، من جهتها ماضيةٌ في تنفيذ خطَّتها الإنقاذيَّة، الغذائيَّة والزِّراعيَّة ‏والصِّحِّيَّة، وقد نسَّقت نشاطها بين الأبرشيَّات والرَّهبانيَّات والرَّعايا والأديار، ومع كاريتاس ‏لبنان، والبعثة البابويَّة، والصَّليب الأحمر، وجمعيَّة مار منصور دي بول، والمؤسَّسة المارونيَّة ‏للانتشار، والمؤسَّسة البطريركيَّة للإنماء الشَّامل، وسواها من المؤسَّسات والجمعيَّات الإنسانيَّة. ‏والكلّ بهدف خلق شبكة تشمل كلَّ المناطق اللُّبنانيَّة". ‏



المركزية ‏