يخوض برشلونة و ريال مدريد، الناديان الأغنى في العالم، ما تبقى من الدوري الإسباني لكرة القدم في صمت مطبق خلف أبواب موصدة، بعد أن اعتادا على صخب مدرجات ملعبي "كامب نو" و"سانتياغو برنابيو"، وذلك في ظل الظرف الاستثنائي الذي فرضه فيروس كورونا.
حين يستأنف الدوري الإسباني نشاطه الخميس بـ"دربي" الأندلس بين إشبيلية وريال بيتيس بعد توقف منذ آذار الماضي بسبب فيروس "كوفيد-19"، يتحضر "كامب نو" الذي يعتبر الملعب الأكبر في أوروبا (99354 مقعداً)، لصدى الفراغ في وقت سيهجر ريال مدريد معقله "سانتياغو برنابيو" (81 ألف معقد) للانتقال إلى الملعب الريفي الصغير "ألفريدو دي ستيفانو" ومقاعده البالغ عددها 6 آلاف في ضواحي مدريد.
"إنه واجبنا"
وخلافاً للأجواء الحماسية الصاخبة التي ترافق مباريات برشلونة في "كامب نو"، سيتعين على "بلاوغرانا" التأقلم على لعب مبارياته في معقله أمام مدرجات مهجورة.
لكنها ليست المرة الأولى التي يضطر فيها برشلونة الى اختبار اللعب من دون جمهوره العريض، إذ مر بهذه التجربة في الأول من تشرين الأول 2017 حين فاز ميسي ورفاقه على لاس بالماس 3-0 خلف أبواب موصدة بقرار من إدارة النادي احتجاجا منها على العنف، الذي تزامن مع استفتاء مثير للجدل حول تقرير المصير في كاتالونيا.
ووصف قلب دفاع الفريق جيرارد بيكيه شعور اللعب من دون جمهور بـ"أسوأ تجربة في مسيرتي"، مع تأثر واضح في تلك الأمسية.
ويتحضر بيكيه وزملاؤه اليوم للعيش في وضع خاص من دون مشجعين الذين هم من "يسمح لنا أن نعيش لحظات من السعادة، وأن نتجاوز أنفسنا"، بحسب ما أفاد السبت لاعب الوسط التشيلي أرتورو فيدال، مستطرداً "لكن علينا أن نتكيف من أجل تحقيق أهدافنا".
أما بالنسبة إلى زميله المدافع الفرنسي كليمان لانغليه، فاللعب من دون جمهور: "لا يناسب أحد. كل اللاعبين يفضلون اللعب أمام مدرجات ممتلئة. لكن من واجبنا (في الظرف الحالي) اللعب في ملاعب خالية. علينا أن نتقبل ذلك، لأنها القاعدة الآن".
وأضاف لبرنامج "ال بارتيداسو" على شبكة "موفيستار بلاس" الإسبانية "لكننا نأمل بعودة الجمهور في أسرع وقت ممكن".
في مدريد، يتحضر ريال أيضاً لعودته الى الملاعب، لكن ليس في معقله التقليدي "سانتياغو برنابيو" بسبب ورشة عمل هناك من أجل تركيب سقف وتغليف معدني.
العودة إلى الجذور
ومنذ مباراة إياب الـ"كلاسيكو" التي فاز بها برشلونة على عملاق العاصمة 2-0 خارج قواعده في الأول من آذار، أغلق "سانتياغو برنابيو" أمام الجمهور، حيث حلت آلات البناء محل النجوم فوق العشب المحروث.
وتسببت أزمة فيروس "كوفيد-19" بتوقف الأعمال لفترة من الوقت، لكنها استؤنفت، مستفيدة من التعليق المطول لموسم كرة القدم.
وفي ظل امتداد الدوري بروزنامته المعدلة حتى النصف الثاني من تموز، كان من الضروري إيجاد حل بديل، فوقع الخيار على ملعب "ألفريد دي ستيفانو" في مركز "فالديبيباس" الخاص بتمارين النادي الملكي، والذي شيد على مساحات قاحلة في الضاحية الشمالية الشرقية للعاصمة.
وسيخوض ريال مبارياته البيتية الست المتبقية له في الدوري المحلي (من أصل 11 بالمجمل) على هذا الملعب الصغير الذي يتسع لستة آلاف متفرج، والذي يستخدمه عادة فريق تاكون النسائي التابع للنادي الملكي، وفريق الرجال الرديف.
بالنسبة إلى المدرب الفرنسي لريال زين الدين زيدان، فاللعب على ملعب "ألفريدو دي ستيفانو" يشكل عودة إلى الجذور، إذ بدأ مسيرته التدريبية هناك حين أشرف على فريق الشباب ريال مدريد كاستيا (درجة ثالثة) لمدة موسمين، قبل الانضمام الى الفريق الأول.
لكن اللعب على هذا الملعب سيشكل على الأرجح صدمة ثقافية ضخمة لنجوم النادي الملكي الذين اعتادوا على أكبر الملاعب في العالم.
ومن أجل تخفيف شعور الارتباك عند اللاعبين، قرر ريال تركيب إضاءة إضافية لجعل البث التلفزيوني طبيعيا قدر الإمكان، كما وزع اللوحات الإعلانية على جوانب الملعب، فيما عمل الإنكليزي بول بيرغيس، المدير المتمرس في أعمال صيانة العشب في النادي، بجهد كبير لكي يحسن الوضع على اللاعبين.
وقام ريال بحصة تمرينية واحدة أسبوعيا منذ نهاية أيار الماضي على ملعب "ألفريد دي ستيفانو"، من أجل أن يحصل اللاعبون على الوقت الكافي للتأقلم مع منزلهم الجديد، بانتظار العودة الى معقلهم واللعب في كنف الأجواء الصاخبة لـ "سانتياغو برنابيو".