عقد "المجلس الشرعي الإسلامي" الأعلى جلسة، في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في حضور الرئيس سعد الحريري. وتدارس المجلس في الشؤون الإسلامية والوطنية وآخر المستجدات على الساحة اللبنانية، وأصدر بيانا تلاه عضو المجلس محمد المراد، ونص على ما يلي:
"توقف المجتمعون عند ما جرى في شوارع بيروت من اعتداء صارخ من بعض المندسين على المتظاهرين الذين كانوا ينتفضون بشكل سلمي وحضاري، ولكن يبدو ان هناك بعض الأيدي الخفية الحاقدة أرادت أن تفشل اطلاق صرختهم برمي الحجارة على القوى الأمنية التي كانت تحافظ على سلامة وأمن المتظاهرين السلميين، ما جعل الحابل يختلط بالنابل، وانطلاقا من ذلك يطالب المجلس الشرعي بفتح تحقيق عادل وشفاف لمحاسبة ومعاقبة كل من قام بعملية تخريب وتكسير للمحلات التجارية والأملاك العامة والخاصة والإسراع في كشف حقيقة ما جرى ومن هو المحرض والمتسبب عن الفلتان في شوارع بيروت.
وأعلن المجلس الشرعي أن هناك من استغل التظاهر لإطلاق شعارات تسيء الى أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها لإشعال نار الفتنة المذهبية التي لن يسمح المسلمون في لبنان أن تحصل مهما كلف الأمر ما دام هناك عقلاء وحكماء سياسيون ودينيون، ودار الفتوى أثبتت مرة جديدة انها استوعبت الهتافات المنافية للقيم الإسلامية وتعاملت مع هذا الموضوع بكل رقي وسمو وخلق إسلامي رفيع، تيمنا بنبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم الذي تربى على عرش الأخلاق والرحمة والعدل والتعامل مع الآخر بكل احترام وتقدير مهما اختلفت الآراء وتباينت وجهات النظر. أما من تعرض للإساءة للسيدة عائشة يجب أن يحاسب لأنه أساء الى عرض خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم والى المسلمين في العالم، والقانون يعاقب كل من تطاول أو مس بأي رمز ديني فكيف اذا كان هذا الرمز من المبشرين بالجنة.
واكد المجلس أن الكراهية لا تتناقض فقط مع القيم الدينية السمحة، ولكنها تتناقض أيضا مع العيش الوطني المشترك حيث ندرك جيدا إننا أحوج ما نكون الى التضامن والتعاون والتآخي، لمعالجة التحديات الصعبة التي نواجهها في الداخل، والمخاطر العدوانية التي تتربص بنا من الخارج. ذلك ان الفتنة الداخلية هي الوجه الآخر للعدوان الخارجي الذي يستهدف في الدرجة الأولى وحدتنا الوطنية وعيشنا المشترك.
كما حذر المجلس من أن مشاعر الكراهية والتطرف والإلغائية التي لا تبني وطنا، ولا تحفظ حقا، ولكنها على العكس من ذلك، تدمر الوطن الذي أردناه وطنا نهائيا لنا جميعا، كما نصت على ذلك الثوابت الإسلامية المشتركة التي صدرت عن دار الفتوى قبل أكثر من ثلاثين عاما. وأكد المجلس أيضا أن دار الفتوى المؤتمنة على هذه الثوابت الجامعة إسلاميا ووطنيا، تدعو المسلمين خاصة، واللبنانيين عامة إلى التعالي فوق خطاب الكراهية الفتنوي، وإلى التمسك بالقيم الروحية والوطنية التي تجعل من لبنان وطن رسالة العيش المشترك.
وطالب المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الحكومة اللبنانية بفرض سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية بما في ذلك توقيف التهريب على الحدود اللبنانية وضبط سعر صرف الدولار ومعالجة ارتفاع الأسعار العشوائية التي ترهق كاهل المواطن الذي يئن في معيشته وهذا من ادنى واجبات الحكومة، والا فالشعب لن يرحم أحدا من المسؤولين ونخشى أن تستفحل الأمور إلى الأسوأ وعندها لا ينفع الندم ويصبح الجميع في موقع المساءلة ولن يرحمهم التاريخ.
الى ذلك، رفض المجلس الشرعي ان تكون التعيينات في مؤسسات الدولة بناء على المحاصصة والمحسوبيات والتسويات، كما ان تكون تحت حكم القوي على المواطن الضعيف وتمر التعيينات والتشكيلات على هذا الأساس، وهذا ما لا يرضى به احد من المواطنين فلا يجوز أن يصل الى موقع التعيين إلا صاحب الكفاءة من دون أي تدخل سياسي أو وساطة منفعية من أحد، عندها نقول إن بناء الوطن بدأ يسير في الطريق الصحيح.
كما حذر من الكيدية السياسية التي تطل برأسها في كل حين عبر فتح الملفات الاستنسابية، فالصيف والشتاء فوق سقف واحد لن يستقيما والكيدية لم تؤد يوما سوى الى المزيد من فقدان الشرعية والشك بها.
ورأى أن لبنان على مفترق طريق خطر ولا ينبغي إلقاء التهم جزافا لأن هذا يدل عن عجز سياسي عن الإصلاح وتهرب من المسؤولية فالكل مسؤول، إما أن نسير في الطريق الصحيح البعيد عن المزايدات وتوزيع الغنائم أو نسير في طريق مظلم يودي بنا الى المجهول".