الإرباك سيّد الموقف في تصريحات منظّمة الصحّة العالمية بخصوص فايروس كورونا (كوفيد 19) من حيث تحديث الإرشادات بما يتناقض مع المعلومات التي سبق للمنظمة أن أعلنت عنها، ما خلق جواً من الإرباك حول كم التناقضات في المعلومات المتاحة من المصدر نفسه، وأخرها إعلان أحد مسؤوليها أنّ انتقال المرض من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض أمر نادر الحدوث، ما أثار التساؤلات حول فائدة الحجر الصحّي الذي نادت به المنظّمة، وأدّى إلى توقّف عجلة الاقتصاد وما نجم عن هذا التوقف من خسائر فادحة.
-منظمة الصحّة تتراجع
وبعد الضجّة المثارة، حاول مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، تصحيح سوء الفهم الذي وقع به كثيرون بشأن إمكانية انتقال عدوى فيروس كورونا المستجد من شخص مصاب به لكن لا تظهر عليه الأعراض.
وقال مساء الأربعاء خلال مؤتمر صحفي "منذ أوائل شباط الماضي، قلنا إن العدوى يمكن أن تنتقل عبر المرضى الذين لا تظهر عليهم الأعراض، لكننا بحاجة إلى مزيد من البحث لتحديد مدى انتقال العدوى دون أعراض".
وتابع: "نحن نتعلم طوال الوقت"، مشيرا إلى أن توصيل المعلومات بشأن الفيروس مهمة ليست سهلة "لكنها من واجباتنا. نحن نرحب بالنقاش البنّاء".
-أطباء يعترضون
كبير الأطباء الأميركيين المتخصصين بالأمراض المعدية، الدكتور أنتوني فاوتشي، اعترض على تصريح مسؤول منظمة الصحة العالمية، وأكّد أنّ النظرية "غير صحيحة"، وتخالف توجيهات الصحّة العامة للسيطرة على الأمراض المعدية والوقاية منها.
وقال فاوتشي إن المنظمة عادت و"تراجعت عن النظرية لغياب الدليل على صحتها"، وأضاف أن الأدلة تثبت أن 25% إلى 45% من المصابين بالفيروس لا تظهر عليهم أعراض.
وأضاف كبير الأطباء الأميركيين قائلاً: "نحن نعلم من الدراسات التي أجراها خبراء الجوائح أن المصابين ينقلون المرض لغيرهم حتى لو لم تظهر عليهم الأعراض، لذلك لنكون واضحين، فالقول إن ذلك أمر نادر لم يكن صحيحا".
بدورها أكدت الطبيبة والباحثة اللبنانية المقيمة في باريس د. أصالة لمع، في توضيح لها أنّ تصريح منظمة الصحة العالمية يتحدّث عن الأشخاص الذين يطوّرون نوعا صامتا من المرض، "إنما يبقى الأشخاص الذين هم في مرحلة الحضانة، أي أربعة أو خمسة أيام قبل ظهور الأعراض، قادرون على العدوى" وخلصت د. لمع إلى أنّ التباعد الاجتماعي والكمامة أساس الوقاية.
ولمزيد من التوضيح أضافت "بعض الأشخاص هم مرضى إنما ليس لديهم أعراضاً، هؤلاء المقصودون بتصريح المنظمة. وهم مختلفون عن الأشخاص الذين هم في فترة الحضانة والذين ستكون لديهم أعراضاً بعدها والذين يمكن طبعاً أن ينقلوا العدوى. ويستحيل التمييز بين المجموعتين وبالتالي يجب أن نستمر بالإجراءات الحالية".
-الكمامات... معلومات متناقضة
ليست المرّة الأولى التي تعطي فيها منظّمة العمل الدّوليّة معلومات متناقضة عن إجراءات الوقاية من الفايروس، فقد أعلنت يوم الجمعة الماضي أن المعلومات الجديدة أظهرت أنّ أقنعة الوجه يمكن أن توفر حاجزاً أمام الرذاذ الذي يحتمل أن يكون معدياً.
وكانت المنظمة في وقت سابق، قد أكّدت أنّ لا أدلة كافية تشير إلى أنه يجب على الأشخاص غير المصابين ارتداء الكمامات.
وعلى موقعها الإلكتروني، وضعت توجيهات بخصوص ارتداء الكمامات، جاء فيها "إذا كنت بصحة جيدة، فليس عليك أن ترتدي كمامة إلا إذا كنت تسهر على رعاية شخص تُشتبه إصابته بعدوى فيروس كورونا المستجد".
-كورونا والفصول... منظمة الصحّة لا تعرف
أما في جديد علاقة فيروس كورونا بدرجة الحرارة، وما إذا كانت حرارة الصيف ستؤثر في انحسار الوباء، قال مايك ريان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، أمس الأربعاء، إنه من غير الواضح كيف سيؤثر حلول فصل الشتاء في نصف الكرة الأرضية الجنوبي على فيروس كورونا المستجد.
وخلال مؤتمر صحفي، عبر الإنترنت، قال ريان "لا نعرف ما سيكون عليه فيروس كورونا. في الوقت الراهن ليس لدينا بيانات تشير إلى أن الفيروس سيكون أشد خطورة أو سينتقل بصورة أكبر أم لا"، مشيرا إلى أن أثر حلول فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي غير واضح أيضاً.
يذكر أن عدد الإصابات في العالم بالفايروس شارف على 7 ملايين ونصف وتخطّى عدد الوفيات الـ419 ألفاً، وتسجل الولايات المتحدة الأميركية أعلى نسبة إصابات بـ 2,066,860 إصابة، تليها البرازيل التي تعتبر أحدث بؤرة للفيروس بـ 775,581 حيث سجلت في الساعات الأخيرة أكثر من 38 ألف إصابة في يوم واحد، ثم روسيا بـ 502,436 إصابة حيث تتجاوز الإصابات اليومية العشرة آلاف إصابة.