أخبار لبنان

طوابير بشرية ورغيف من .. ورق !

تم النشر في 17 حزيران 2020 | 00:00

في مشهد يختصر كل الأزمات التي تحاصر الشعب اللبناني في لقمة عيشه وحاجاته الأساسية ، بدا تهافت المواطنين على “ التزود” بالدولار بسعره الذي حددته النقابة لدى محال الصيرفة من الفئة ( أ ) واصطفافهم بطوابير او بتجمعات كبيرة امامها اشبه بمن يقف في طوابير امام فرن للتزود بالخبز ، كيف لا والأزمة المالية والمعيشية حولت الدولار بالنسبة للمواطن الى رغيف ، لكن رغيف من ورق ، يصعب الحصول عليه واذا حصل عليه بالسعر الرسمي فبشق الأنفس وبعد طول انتظار وتعب وجهد ، او بأغلى سعر في السوق السوداء!.

يتكرر مشهد الازدحام والتزاحم امام بعض محال الصيرفة في غير منطقة ليكرس تفاقم الوضع واتخاذه شكلاً اكثر تأزماً يوماً بعد يوم ، ومسجلاً المزيد من المفارقات ومنها :

ان الحصول على الـ200 دولار في اليوم من صراف شرعي فئة (أ) يحتاج الى ساعات من الانتظار ومعاملات ورقية ، عدا عن انه كمبلغ لا يكفي المواطن لتأمين حاجته او تسيير اشغاله .

بينما يتحدث آخرون عن حصولهم على مبلغ يفوق الـ200 دولار من صرافين في سوق سوداء ومع تسهيلات في المعاملات او حتى من دونها ، ومن غير ان يضطر صاحب العلاقة للإنتظار - وربما احياناً كانت الخدمة ديلفري ! ؟؟ لكن بتسعيرة تتجاوز الخمسة آلاف ليرة لسعر صرف الدولار !.

والمفارقة الثانية ان المواطنين الذين لديهم ودائع بالدولار في البنوك غير قادرين على التصرف بها ، ويجبرون على ان “ يذلوا ” لصراف او محل صيرفة لـ”تسول” 200 دولار مقابل 3910 ليرة لبنانية يدفعونها من لحمهم الحي !.

وثالث المفارقات ان كثيرين ممن يتهافتون على شراء الدولار بهذا السعر هم اساساً تجار عملة او ممن قرروا الاستفادة من هذه الفرصة لبيعه بسعر أعلى في السوق السوداء والاستفادة من فرق السعرين !. وبموازاة ذلك ، تقدمت الى الواجهة ايضاً سوق سوداء رديفة تتمثل في تداول بعض اصحاب المصالح والمؤسسات والمهن العاملة في العديد من القطاعات فيما بينهم -عبر الواتس اب - سعراً لصرف الدولار يوازي سعره بالسوق السوداء او يزيد عنه احياناً، كل ضمن قطاعه وحسب السلعة او البضاعة التي يبيعها من دون رقيب او حسيب !.

ولليوم الثاني على التوالي خطف شارعا البولفار الشرقي وحسام الدين الحريري في صيدا الوهج من شارع رياض الصلح الذي اصطلح على تسميته شارع المصارف لتركز معظم المصارف والصرافين فيه ، الا ان حصر بيع الـ200 دولار بمحال الصيرفة من الفئة (أ) جعل الاقبال يتركز على محلي “ حلاوي “ في الأول و”القطب “ في الثاني حيث شهدا زحمة مواطنين تهافتوا على شراء الدولار بالسعر الذي حددته النقابة اي 3910 ليرات بعد ابراز هوياتهم او المستندات المطلوبة لتحديد وجهة استخدامهم للدولار . فيما بقيت الحركة امام محال الصيرفة في شارع رياض الصلح خفيفة بعد تمنع معظمها عن بيع الدولار بالسعر المحدد بحجة عدم توافره !.

وامام محل حلاوي للصيرفة - البولفار الشرقي ، عبر عدد من المواطنين عن استيائهم وغضبهم مما وصفوه بـ” الإذلال” الذي يتعرضون له للحصول على الـ200 دولار . وقال عماد البخور” اكثر من هكذا اذلال لا يوجد .. لا اعتبار لا لكبير ولا لصغير .. ولا احد يسأل عن كورونا.. لكن ماذا نفعل ونحن مضطرون .. انا اشتريت شقة واريد تجهيزها بالاثاث ، ورغم ان “ العفش” الذي ساشتريه كان موجود اساساً بالمستودعات منذ ان كان الدولار بـ1500 وهو صناعة لبنانية ، ، يريدون بيعه لنا بسعر الدولار اليوم .. ! وانا لا استطيع تحمل شرائه بسعر السوق السوداء اي 5500 ليرة ، لذا جئت الى هنا ولا ازال انتظر منذ الساعة 6 صباحاً .. طلبوا تصوير هوية ثم قالوا “ما بدنا صورة “ فلينظموها او يفتحوا اكثر من محل صيرفة تعطي الـ200 دولار بالسعر اذلي حددته النقابة !.

وقال مروان نسب “ اريد ان اتقدم باقتراح لرياض سلامة ( حاكم مصرف لبنان) وهو ان يعطي المودعين بالدولار حتى سقف معين ، ويسمح لهم بأن يسحبوا من ودائعهم هكذا ينخفض سعر الدولار ويصبح متوافرا ..بدلا من ان يذلوا الناس ، واصبح المواطن وكأنه يتسول ويشحذ .. كانوا ينتقدون الأجانب الذين يتقاضون اموالا من منظمات دولية كيف يقفون لساعات امام الصراف الآلية وشركات تحويل الأموال ، اصبحنا نحن ولاد البلد نذل اكثر منهم !”..

وقال خضر فياض “ فليعطونا مصرياتنا بالبنك .. مش عايزين الـ200 دولار .. ليش حاجزينا ودائعنا .. انا صرلي 7 اشهر قاعد لا شغلة ولا عملة .. بدي افتح محل صغير.. شو بيعملوا الـ200 دولار .. عندي مصاري بالبنك .. وحسابي دولار .. ليش ما بيعطوني حقي“!. 

رأفت نعيم