قفا نحك
لم يكذب السيد حسن نصرالله حين خاطبنا أن إبنوا دولتكم لنر. فكان ان رأينا كيف يبني دولته، و"يرسم" مساحتها ويوسع هيمنتها. فبينما دفع الضابط الطيار سامر حنا حياته حين حلق بطائرته العسكرية فوق بلدة سجد، نجد اليوم طائرات الحزب التجسسية تمشط خط الساحل اللبناني لتراقب المواطنين المتجمعين اعتراضا على الخراب الاقتصادي والمعيشي. ربما تتبُعهم جزء مخفي من مواجهة اسرائيل التي نحتمي بالقرار 1701 منها، ليتفرغ الحزب للداخل والمنطقة. وفيما يحرص رئيس "العهد القوي" على ألا يخلو بيان "لقاء بعبدا" من تأنيب شاتمي ولايته، لا نجد قولا أو اشارة عتب على خرق الحزب هيبة الدولة جواً بعدما مسح فيها الأرض براً، وربما بحراً. فالسيد يعلن بطائرته المسيّرة، في الداخل، انه استكمل بناء دولته، بينما لا تزال دولة اللبنانيين تحت وصايته، كيفما اتجهت، ولم يعد ينقصه سوى تنظيم محاضر ضبط السير، لتأكيد دقة الهيمنة.
ما لا نعرفه، ما اذا كانت طائرة الحزب عَبَرت في نقاشات "اللقاء الوطني"، لا سيما دورها في "حماية الاستقرار والسلم الأهلي"، ومساهمتها في "الوحدة حول الخيارات المصيرية" التي ذكرها البيان الختامي للقاءٍ بدا كمسعى من الثنائي الشيعي (ولو من دون حماسة رئيس مجلس النواب بدليل صمته في الجلسة) الى تقديم دعم معنوي لعهد رئاسي يقترب من نهايته، من دون ان نعرف متى بدأ.
دعم آخر قدمه "اللقاء الأبتر" ليس للعهد، بل لحزب الأمين العام، حين نسب رئيس الجمهورية في كلمته الى فاعل مجهول، كل المخاطر التي تهدد السلم الأهلي، من "شحن النفوس والعودة الى لغة الحرب..." وتجييش الطائفية والمذهبية" وفي ذلك جميعا تجهيل للفاعل الذي تعرّف به شعارات الغوغاء، ممن ليسوا من جماعة هاري كريشنا، أو المورمون.
لم يكن للقاء مبرر غير تلميع الرئاسة وتبرئة من تشير الاصابع الى رغبته الدفينة في وأد الانتفاضة. واللافت في البيان ان ما يعادل الخوف على الاستقرار، كان القلق من "شتائم" الثوار، التي لحظ البيان "خطرها" على السلم الأهلي، فذكّر بالقانون لقمعها، مع ان الأجهزة المختصة لم تنتظر، لتنفيذ عمليات تأديب لأصحاب "الألسن الطويلة"، ممن لديهم أوهام مبالغ بها عن الديموقراطية اللبنانية.
للمناسبة، كتب المواطن الفرنسي الكسي دو رو في 21 أيار 2019 في موقع ويكيسترايك انه امضى ليلة مجون سادية سنة 2013 مع رئيس بلاده ايمانويل ماكرون، في ناد للاثارة الجنسية. لم يستفز الامر ماكرون، وقد يكون قاضى صديقه المزعوم، لكن لم يعقد "لقاء وطنيا" ولا أصدر بيانا يذكر باللجوء الى القانون، بينما سلفه ساركوزي قرأ خلال رئاسته يافطة رفعها المتظاهرون ضده تقول لزوجته: دعيه يضاجعك ويحل عن "مؤخراتنا".
يسمح القانون الفرنسي بمقاضاة من يسيء الى الرئيس، لكن الرؤساء، عادة، يعرفون انهم حين انتخبوا ضمرت الأنا لديهم، أو هذا ما يجب.
النهار - راشد فايد