أخبار لبنان

دياب يلتحق سياسياً بـ"محور الممانعة"‏

تم النشر في 4 تموز 2020 | 00:00

لم يكن رئيس الحكومة حسان دياب، مضطراً للخروج عن القواعد التي ‏تحكم علاقات لبنان بعدد من الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة، وشن ‏حملة على سفرائها في لبنان، حتى لو لم يسمّها، بذريعة قيامهم بممارسات ‏دبلوماسية تنمّ عن خرق الأعراف الدولية، لأن ما قام به، كما تقول ‏مصادر في المعارضة والموالاة لـ"الشرق الأوسط"، غير مألوف، ويهدد ‏علاقاته، في الوقت الذي هو بأمسّ الحاجة إلى تنقية الأجواء لتصحيح هذه ‏العلاقات.‏

وتقول هذه المصادر إن دياب ذهب بعيداً في حملاته التي غمز فيها من ‏قناة دولاً عربية شقيقة وأخرى صديقة، ظنّاً منه أن لا بديل من هذه ‏الحملات لتوفير حد أدنى من الحماية له في وجه تصاعد الدعوات إلى ‏استقالته، خصوصاً أن من قادها وانضم إليها لاحقاً هم من "أهل البيت"، ‏أكانوا من داخل الحكومة، أو من المنتمين إلى القوى السياسية التي ‏تشكّلت منها. وتلفت إلى أن دياب بحملاته هذه أوصد الأبواب في وجه ‏إمكانية تصويب العلاقات العربية – اللبنانية، ولم يبق معه سوى ‏الأطراف الإقليمية التي يتشكّل منها "محور الممانعة" بقيادة إيران ‏والنظام في سوريا و"حزب الله"، الذي تلقى من دياب "هدية سياسية" ‏مجانية بهجومه بطريقة غير مباشرة على الولايات المتحدة ودول عربية.‏

وترى المصادر نفسها أن دياب يتوخى منها تسليف "حزب الله" فاتورة ‏سياسية لعله يسترد ثمنها لاحقاً ببقائه على رأس الحكومة التي تتخبّط في ‏حالة من الإرباك، ولم تنجح حتى الساعة في تحقيق ما وعدت به، وما ‏زالت تراوح مكانها في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، بسبب ‏تردّدها في الاستجابة للإصلاحات المطلوبة منها.‏

وتؤكد هذه المصادر أن دياب أوقع حكومته في اشتباك سياسي، وكأنه ‏أراد لها أن تتموضع في محور إقليمي محظور عليه عربياً ودولياً، ‏وتقول بأنها تستغرب لجوءه إلى استخدام تعابير من صنع استخباراتي من ‏دون أن يعني بالضرورة أنه استعان بتقارير أمنية رُفعت إليه، رغم أن ‏معظم الأجهزة الأمنية لا تعلم بها. وتعتبر أن دياب أراد أن يرمي ‏مسؤولية إخفاق حكومته على المعارضة، متهماً إياها بارتباطها بالخارج، ‏وتؤكد بأن ما قاله يبقى في حدود تبرئة ذمّته هروباً منه إلى الأمام.‏

وتتهم المعارضة، حسب مصادرها، دياب، بأن ما صدر عنه لجهة ‏توزيعه الاتهامات على الداخل والخارج جاء بمثابة من يرغب بأن يتقدّم ‏بطلب الالتحاق بـ"محور الممانعة"، لعل الأخير يؤمّن له خطوط الدفاع ‏التي تحميه من شبح تغيير حكومته، في ظل الشعور الذي يسيطر على ‏‏"أهل البيت" بعدم قدرتهم على الدفاع عن حكومة تتعامل مع البلد على ‏أنه حقل تجارب، ويفتقد معظم وزرائها إلى الخبرة.‏

وتقول هذه المصادر إن اندفاع أطراف في الموالاة، من بينهم نائب ‏رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، باتجاه الرئيس سعد الحريري ‏باعتبار أنه الأقدر على لمّ الشمل أقلق دياب، ومن يتناغم معه من ‏الوزراء، وتكشف أن رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ‏أبلغ رئيس البرلمان نبيه بري، عندما التقاه أخيراً أن الحكومة ما زالت ‏تقل في إنتاجيتها، وتؤكد أن بري نصحه بضرورة الإسراع في تحقيق ‏الإصلاحات كمدخل للتفاوض مع صندوق النقد.‏

لذلك فإن الحريري، كما تقول المصادر نفسها، لا يريد العودة إلى رئاسة ‏الحكومة بأي ثمن، وإن كانت مستبعدة حتى إشعار آخر، رغم أن ‏الشائعات التي أُطلقت استفزّت دياب، واضطرته إلى توزيع اتهاماته ‏محلياً وخارجياً. وتعزو السبب إلى أن المعطيات التي أملت على ‏الحريري العزوف عن تولّي رئاسة الحكومة ما زالت قائمة، وعودته ‏ليست مطروحة إلا بشروط تقع في شقين؛ الأول مبادرة باسيل إلى ‏التخلّي عن امتيازاته، والثاني استعداد "حزب الله" لتلبية ما هو مطلوب ‏منه لتحقيق فك اشتباك بين لبنان والخارج.‏

وتؤكد أن الكرة الآن في مرمى "حزب الله" وباسيل الذي ينوب عن ‏رئيس الجمهورية ميشال عون في اتخاذ المواقف، وأيضاً عن دياب، ‏باعتبار أن لديه سلطة المدبّر الوحيد للشؤون الرئاسية والحكومية.‏

لكن عزوف الحريري عن تكرار تجربته المرة في موقع رئاسة الحكومة ‏لا يعني أن حكومة دياب مرتاحة لوضعها، فالدعوات لاستقالتها لن ‏تتوقف، ومصيرها يتوقف على مطالبة داعميها بأثمان سياسية ليست ‏متوافرة.‏




محمد شقير - الشرق الاوسط