أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ما نشرته قناة "العربية" منذ ساعات لجهة إعادة نظر الولايات المتحدة في موقفها من مهمة قوات حفظ السلام في جنوب لبنان، وقال في تصريحات رسمية: "نحن نعيد النظر في موقفنا من قوة حفظ السلام في لبنان، اليونيفيل، ونحن قلقون جداً من منع اليونيفيل من الدخول إلى مواقع مثيرة للشكوك في منطقة مسؤولياتها بما يمنع القوة الدولية من تطبيق انتدابها".
تصويت قريب
من المنتظر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة للتصويت على مهمة قوة السلام في جنوب لبنان بعد ستة أسابيع في حين تنظر الولايات المتحدة إلى حقيقة ما يجري في منطقة عمليات هذه القوات، وأكد المتحدث باسم الخارجية أن "الولايات المتحدة منخرطة في مناقشات مع الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن حول التجديد لقوة حفظ السلام في لبنان"، وشدّد على أن الولايات المتحدة تدعم "بقوة مهمات حفظ السلام الفعّالة والفاعلة، ولديها أهداف واقعية وانتداب ممكن تنفيذه، وتدعم أيضاً الحلول السياسية وتستطيع التأقلم مع النجاح والفشل". أضاف المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة "تريد من اليونيفيل أن تنفّذ مهمتها كاملة وأن تعيد النظر في أدائها وتؤكد على نجاحاتها وتأخذ بعين الاعتبار التقصير وأن تساهم في الحلول السياسية".
فشل اليونيفيل
يأتي هذا الكلام تأكيداً على موقف الولايات المتحدة من مهمات حفظ السلام لكنه يبدو واضحاً أن واشنطن تريد أن تكون أكثر واقعية وأن لا تكون متفرّجاً على فشل اليونيفيل في تنفيذ مهمتها، وقال المتحدث لـ"العربية" إن الولايات المتحدة قلقة جداً "من التجاهل الواضح للقرار 1701 من قبل حزب الله، فحزب الله يعرض أسلحته ويعيق تحركات قوة اليونيفيل." وتابع: "نحن متأكدون أن قوة حفظ السلام في لبنان ممنوعة من تنفيذ أجزاء أساسية من مهمتها، وهذا يتكرر في وجه ظل الوضع القائم الذي يفرضه حزب الله المسلح بشكل أفضل، وهذا يزيده حزب الله جسارة وهذا غير مقبول".
كان تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أشار خلال الربيع الماضي إلى أن القوة الدولية فشلت في الدخول إلى بعض المناطق والتفتيش عن مخابئ أسلحة. وذكر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في 10 مارس/آذار 2020 أنه تمّ منع دوريات القوة الدولية من إتمام مهمتها في بعض القرى، وفشلت القوة الدولية في دخول بلدة برعشيت وتعرضت لاعتداء على يد أهالي البلدة عندما حاولت الدخول إليها. كما أن الجيش اللبناني لم يلب طلبين تقدّمت بهما القوة الدولية للتحقيق في إنشاءات تابعة لجمعية "أخضر بلا حدود" وهي مؤسسة تابعة لـ"حزب الله" كما لم تتمّ تلبية كل الطلبات المتعلقة بالتفتيش عن الأنفاق التي اكتشفها الجيش الإسرائيلي، وكان حزب الله حفرها تحت الحدود الدولية إلى داخل أراضي إسرائيل.
تهريب السلاح من سوريا
بالإضافة إلى ذلك، فشلت القوة الدولية في منع تدفق الأسلحة إلى لبنان عبر الحدود مع سوريا، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي أقرّ في ختام حرب تموز/يوليو 2006 بين إسرائيل و"حزب الله".
يطرح الأميركيون الآن مقاربة جديدة لقضية تطبيق القرار الدولي وتصرفات حزب الله، وقال المتحدث باسم الخارجية إن واشنطن تتطلع إلى "مناقشة صريحة في مجلس الأمن الدولي حول مهمة قوة حفظ السلام في لبنان اليونيفيل بناء على هذه المبادئ وإطار التزامنا باستقرار حقيقي في لبنان"، وأضاف: "معاً يجب أن نعالج التهديد الذي تشكله إعادة تسليح حزب الله".
من اللافت أن الأميركيين يريدون الآن نقل مهمات اليونيفيل إلى الجيش اللبناني، وأكد المتحدث باسم الخارجية بالقول إن "علينا العمل على نقل مهمة حماية لبنان وسيادته إلى مؤسسات الدولة اللبناني التي لديها مصداقية وقدرات".
اليونيفيل ليست الحلّ
وفي تصريح أكثر أهمية تعتبر الآن الولايات المتحدة أنه يجب الاعتراف "أن قوات اليونيفيل لن تكون هي الحل الأمثل لنشاطات حزب الله المسلحة والمزعزعة للاستقرار في جنوب لبنان". ولفت المتحدث الى أن "تطبيق القرارات الدولية والاتفاقيات التي تنص على نزع سلاح المجموعات الناشطة خارج سيطرة الحكومة (اللبنانية) بمن فيها "حزب الله" تتطلب التزام السلطات المدنية اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية لفرض سيادتها على كل أراضي لبنان"، وشدد على أن الأسرة الدولية والولايات المتحدة تستطيع أن تساعد لكن "لا تستطيع الأمم المتحدة أن تقوم بذلك بدلاً عن الحكومة اللبنانية".
غضب وإحباط أميركي
تبدو الإدارة الأميركية وشخصياتها المفصلية، من الرئيس إلى مجلس الأمن القومي إلى وزارة الخارجية، وكأنها ترفض الأمر الواقع الذي يستغلّه "حزب الله"، وتريد أن تعبّر عن غضبها من ما وصلت إليه الأمور في لبنان، وما يزيد أعضاء الإدارة غضباً هو أن دعواتهم للإصلاح لم تلقَ صدى.
متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية قال لـ"العربية" في تصريح رسمي "إن على الزعماء اللبنانيين أن يلتزموا بالإصلاحات الضرورية وأن يطبّقوها تلبيةً لمطالب الشعب اللبناني بالقضاء على الفساد المستشري وبحكم أفضل وبفرص اقتصادية"، وأضاف أن "صندوق النقد الدولي لديه الخبراء التقنيين لمساعدة الدول في مواجهة التحديات لكن لبنان مسؤول عن وضع برنامج ذي مصداقية وأن يطبّقه". وشدّد المتحدث باسم الخارجية الأميركية بالقول إن "التطبيق يتطلب التزاماً من الأطراف السياسية".
هذا الكلام الأميركي يبدو تكراراً للموقف الأميركي من الإصلاحات، لكنه في الحقيقة يختلف عن ما قاله الأميركيون قبل أشهر وينمّ عن إحباط شديد لدى الأميركيين.
فشل دياب
لقد تمسكت وزارة الخارجية الأميركية بالقول خلال أشهر الربيع بضرورة إعطاء فرصة للحكومة اللبنانية برئاسة حسّان دياب، وأصرّت على أنها لا تتمسك بشخص محدّد لرئاسة الحكومة. الآن يشعر الأميركيون أن حكومة حسّان دياب بدّدت الآمال بها، والحكومة اللبنانية ربما لا تصل مع صندوق النقد الدولي إلى أي برنامج إصلاحات، مع أن المتحدّث باسم الخارجية قال في تصريحاته لـ"العربية" إن الولايات المتحدة مستعدة "للعمل مع الأسرة الدولية في تطبيق هذه الإصلاحات".
المساعدات الأميركية
من الضروري الإشارة هنا إلى أن الأميركيين لا يتحدثون عن مساعدة اقتصادية مباشرة للبنان الذي أفلست حكومته ومصارفه، وتخطّت البطالة فيه حدود الـ40% بالإضافة إلى تدهور عنيف في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي. بل يحرص الأميركيون على القول إن مشروع المساعدة لإخراج الحكومة اللبنانية من أزمتها أمر يتعلّق بالمجموعة الدولية.
لكن حكومة الولايات المتحدة تهتم ببعض المساعدات المباشرة حيث ترى أهمية خاصة في ذلك، وأشار المتحدّث باسم الخارجية تحديداً إلى أن الولايات المتحدة "ساهمت بـ3 مليارات دولار منذ العام 2006 في برامج المساعدات الأمنية والتطوير في لبنان وأن الولايات المتحدة كانت في العام 2019 أكبر دولة مانحة للبنان، ووصلت المساعدات الاقتصادية والإنسانية والأمنية إلى 750 مليون دولار".
العربية.نت