أخبار لبنان

إسرائيل تعزز قواتها على الحدود مع لبنان ..وتتوقع ‏محاولة أخرى لـ"حزب الله‎"

تم النشر في 29 تموز 2020 | 00:00


المصدر: الشرق الأوسط



‎تتجه الحكومة اللبنانية لمعالجة تبعات التطور الأمني الذي شهده الجنوب أول من أمس (الاثنين) دبلوماسياً عبر ‏تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ضد إسرائيل، وربطت ذلك بمحاولة إسرائيل تعديل مهام قوات حفظ السلام الدولية ‏العاملة في الجنوب (يونيفيل) وتعديل قواعد الاشتباك مع لبنان، محذرة من "انزلاق الأمور نحو الأسوأ"، في ‏وقت انتقدت قوى سياسية معارضة للحكومة "الغياب غير المفهوم" لها وللوزراء المعنيين، بحسب ما أكدت كتلة ‏‏"المستقبل" النيابية‎.‎

‎ ‎

وسيطر هدوء حذر على المنطقة الجنوبية أمس، غداة إطلاق نار في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة من قبل ‏إسرائيل، وتضاربت المعلومات بشأن ما حصل، بين إعلان تل أبيب عن إحباط هجوم لـ"حزب الله"، وتأكيد ‏الحزب أنه إطلاق نار من جانب واحد. وخرق الهدوء تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي في أجواء الجنوب والمتن ‏في جبل لبنان على علو متوسط، بحسب ما أفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية اللبنانية، في حين أفاد سكان ‏بيروت بسماع صوت طائرة استطلاع طوال ليل الاثنين - الثلاثاء في الأجواء، بموازاة تحليق متواصل منذ ‏ثلاثة أيام لطائرة استطلاع إسرائيلية في الجنوب. وأفاد الجيش اللبناني في بيان عن تسجيل 29 خرقاً جوياً معادياً ‏تخللها تنفيذ طيران دائري فوق مناطق الجنوب يوم الاثنين الماضي، لافتاً إلى أنه تتم متابعة موضوع الخروقات ‏بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان‎.‎

‎ ‎

وعلى الرغم من انتهاء التوتر في مزارع شبعا، يواصل "حزب الله" والجيش الإسرائيلي حالة التأهب القصوى ‏على طرفي الحدود، وإسماع تصريحات التهديد‎.‎

‎ ‎

ويصر الإسرائيليون على روايتهم، أن خلية من أفراد "حزب الله" اخترقت الحدود وحاولت الوصول إلى موقع ‏عسكري إسرائيلي في منطقة مزارع شبعا المحتلة، وأن قواته أطلقت عليها زخاً من الرصاص والقنابل ‏والصواريخ الخفيفة والقذائف، فاضطر أفرادها إلى الهرب. وقال مسؤول إسرائيلي، إن قواته تعمدت ألا تقتل أفراد ‏الخلية الأربعة؛ حتى يستطيع "حزب الله" أن يسجل لنفسه مكسباً ويكتفي بهذه العملية للانتقام من مقتل قائده ‏الميداني، علي كامل محسن، الذي قتل بغارة إسرائيلية على موقع قرب دمشق قبل عشرة أيام‎.‎

‎ ‎

ويصر "حزب الله" من جهته، على نفي النبأ ويدعي أن "هذه كانت حادثة مفتعلة، حاولت فيها إسرائيل التظاهر ‏بأنها (صاحية وصامدة)". ويؤكد أن الرد على مقتل محسن سيأتي، وأن "الحدث لم ينتهِ بعد". ولهذا؛ فإن "حزب ‏الله" قرر الاستمرار في حالة التأهب، وهو ما اعتبرته إسرائيل استعداداً لتنفيذ عملية أخرى‎.‎

‎ ‎

وتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صباح أمس (الثلاثاء)، إلى مقر قيادة المنطقة العسكرية ‏الشمالية، وأجرى مشاورات بمشاركة رئيس هيئة الأركان العامة للجيش، الفريق أفيف كوخافي، وقائد المنطقة ‏العسكرية الشمالية، أمير برعام، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية تمير هايمن، وغيرهم. وقال نتنياهو "كانت ‏عمليتنا أمس مهمة، أحبطنا فيها اختراقاً لأراضينا. كل ما يحدث حالياً هو نتيجة محاولة إيران ووكلائها في لبنان ‏التموضع عسكرياً في منطقتنا. نصر الله يخدم هذه المصلحة الإيرانية على حساب الدولة اللبنانية. لا أقترح على ‏أحد اختبار جيش الدفاع أو دولة إسرائيل. نحن مصممون على الدفاع عن أنفسنا‎".‎

‎ ‎

وأردف نتنياهو قائلاً "أخرج من هنا بانطباع واضح أن جيش الدفاع الإسرائيلي مستعد بشكل جيد للتعامل مع أي ‏سيناريو محتمل. وأنصح (حزب الله) بأخذ هذه الحقيقة البسيطة بعين الاعتبار. إسرائيل مستعدة لجميع ‏السيناريوهات‎".‎

‎ ‎

وبالمقابل، قام وزير الدفاع، بيني غانتس، بجولة على حدود الشمال والتقى قائد سلاح الجو، عميكام نوركين. ‏وأعلن عن تعزيز إضافي لقواته على الحدود مع لبنان، تشمل قوات خاصة ووسائل تكنولوجية جديدة. وأمر ‏بالاستمرار في الحفاظ على اليقظة في جميع أنحاء الحدود الشمالية، "حيث يستعد الجيش لأيام متوترة جديدة ‏بالشمال‎".‎

‎ ‎

وقالت مصادر عسكرية، إن إسرائيل تتوقع أن يقوم "حزب الله" بمحاولة أخرى لتنفيذ عملية انتقامية، وحددت ‏لذلك موعداً في هذا الأسبوع وحتى يوم غد (الخميس)، قبيل عيد الأضحى. وهي لا تستبعد أن تأتي هجمة "حزب ‏الله"، ليس من لبنان وحسب، بل من الأراضي السورية حيث يعمل الحزب هناك أيضاً. وقدرت مصادر أمنية أنه ‏على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي منع التدهور الأمني في المنطقة، غير أن حسن نصر الله حقق نجاحاً في ‏ممارسة الضغط على إسرائيل‎.‎

‎ ‎

وكتب المحرر العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أمس "الحادث الأمني الذي وقع أمس انتهى ‏بالتعادل، لكن هناك شكاً فيما إذا كان (حزب الله) راضياً عن هذه النتيجة". وقال المحلل العسكري في صحيفة ‏‏"معاريف"، طال ليف رام، إن هذه العملية كانت ستؤدي إلى مواجهة عسكرية واسعة في الشمال، وإن الجيش ‏يعتبر أن الحساب ما زال مفتوحاً مع "حزب الله"، ويتوقع الرد مجدداً‎.‎

‎ ‎

وتتجه السلطات اللبنانية لمعالجة التطور الأمني دبلوماسياً، حيث دان وزير الخارجية ناصيف حتى بعد جلسة ‏مجلس الوزراء أمس "العدوان الإسرائيلي على لبنان"، معلناً "أننا سنتقدم بشكوى غداً (اليوم الأربعاء) إلى مجلس ‏الأمن، ونتمسك بوجود وتمديد مهام (يونيفيل) من دون تعديل‎".‎

‎ ‎

ودان الرئيس اللبناني ميشال عون في مستهل الاجتماع، "اعتداء العدو الإسرائيلي الاثنين على جنوب لبنان"، ‏معتبراً ذلك "تهديداً لمناخ الاستقرار فيه، لا سيما أن مجلس الأمن الدولي سيبحث قريباً بتجديد مهام قوات ‏‏(يونيفيل) العاملة في الجنوب". ثم تحدث رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، لافتاً إلى أن ما حصل في الجنوب، ‏‏"هو اعتداء إسرائيلي كامل الأوصاف على السيادة اللبنانية. وقد انكشف سريعاً كذب الحجج التي قدمها العدو ‏لتبرير عدوانه، وبالتالي ما حصل في الجنوب هو تصعيد عسكري خطير وتهديد للقرار 1701". وأضاف دياب ‏‏"يبدو أن العدو يحاول تعديل مهمات (يونيفيل) بالجنوب، وتعديل قواعد الاشتباك مع لبنان. لذلك؛ يجب أن نكون ‏حذرين جداً في الأيام المقبلة؛ لأن العدو يكرر اعتداءاته، والخوف من أن تنزلق الأمور نحو الأسوأ في ظل التوتر ‏الشديد على حدودنا مع فلسطين المحتلة‎".‎

‎ ‎

وتحول غياب الحكومة عن التطور الأمني الاثنين، إلى مادة انتقاد جديدة لها؛ إذ أعلنت "كتلة المستقبل" النيابية، ‏أنها "تراقب بقلق تداعيات ما شهدته الحدود الجنوبية والتهديدات الإسرائيلية التي أطلقتها القيادة الإسرائيلية ضد ‏لبنان". وشددت الكتلة إزاء ما حصل من تطورات عسكرية وقصف إسرائيلي استهدف قرى حدودية وأصاب ‏منزلاً لأحد المواطنين في بلدة الهبارية، على "وجوب التزام القرار 1701 والتنسيق مع قوات الطوارئ الدولية في ‏هذا الشأن، وقيام الدولة ومؤسساتها العسكرية والسياسية والدبلوماسية بمسؤولياتها، في ضوء الغياب غير المفهوم ‏للحكومة والوزارات المختصة، التي قررت النأي بنفسها عن تحديات على هذا المستوى من الخطورة والأهمية، ‏وتسليم زمام الأمور بالكامل للجهات الحزبية" في إشارة إلى "حزب الله‎".‎

‎ ‎

ورأت الكتلة "أن الدفاع عن لبنان ليس اختصاصاً عسكرياً وسياسياً لفئة من اللبنانيين، والغياب المريب للحكومة ‏عن المشهد الجنوبي يضيف إلى سجل الإنجازات رصيداً جديداً لحالة الاهتراء، قبل أن تستفيق على وجود حدث ‏أمني بعد 24 ساعة من حصوله وتنبري للإدانة في جلسة مجلس الوزراء‎".‎

‎ ‎

وفي السياق، قال النائب نديم الجميل عبر حسابه على "تويتر"، "ساعات مرت على أحداث الجنوب، وأي بيان لم ‏يصدر لا عن الدولة اللبنانية ولا عن الجيش اللبناني، علماً بأنهما الجهة الوحيدة المخولة حماية حدودنا والحفاظ ‏على أرضنا، وهذا أمر مريب وينتقص من سيادتنا. نحن بانتظار بيان رسمي يوضح لنا حقيقة ما حصل".‎