أخبار لبنان

ماكرون يشهد على "اللامسؤولية اللبنانية"!

تم النشر في 6 آب 2020 | 00:00


المصدر: "النهار"


اختصر وزير الداخلية محمد فهمي المسار بثقة غير واضحة المعالم اذ قال "إذا ما فينا نحاسب خلّينا نفلّ عالبيت" ولم يقرن تصريحه بتعهد الذهاب الى البيت، اذ ان النتائج الاولية التي تسبق موعد انتهاء التحقيق الرسمي في انفجار نيترات الامونيوم في مرفأ بيروت، افضت الى عدم وجود اي مسؤول. الوزراء المعنيون اطل كل واحد منهم عبر احدى الشاشات ليعلن براءته، وفريق وزارته، والاجهزة الامنية بما فيها الجمارك رمت الطابة في ملعب القضاء، والقضاء يتوقف امام شكليات المراسلة معه، ويبدو انه لم يتنبأ او لم يع خطورة المادة المتفجرة. واذا كان مجلس الوزراء قرر التحقيق، فانه اتخذ اجراءا احتياطيا بالاقامة الجبرية للمسؤولين عن هذا الملف من دون ان يحدد هويتهم، وترك لقيادة الجيش ان ترسم مسار القضاء وتسمي الذين ينطبق عليهم القرار. لكن القيادة لن تعلن حكما عن الاسماء قبل انتهاء التحقيق، ما يعني افراغ القرار من مضمونه، وتحويله مرضاة للراي العام الداخلي والخارجي، خصوصا مع وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ظهر اليوم الى بيروت للقاء المسؤولين وتقديم المساعدات الى لبنان متجاوزا الاساءات التي ارتكبها لبنان الرسمي بحق وزير خارجية بلاده جان ايف لودريان، الذي اهين من رئيس الوزراء حسان دياب ووزير الداخلية محمد فهمي، وهو ما دفع وزير الخارجية ناصيف حتي الى الاسراع في استقالته. وقد اعلن لودريان امس ان الوقت حاليا للمساعدات ويأتي وقت المصارحة لاحقا.

وكان مجلس الوزراء قرّر وضع جميع من لهم صلة بملف النيترات في مرفأ بيروت في الإقامة الجبريّة، وسيطلب من قيادة الجيش تنفيذ هذا القرار. وعلى صعيدٍ موازٍ، لفت وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، الذي كان زار بلديّة برج حمود ثمّ بلديّة بيروت، الى أن التحقيق بانفجار المرفأ سيكون شفافا وسيستغرق 5 أيام والمسؤول سيحاسب. وأنّه "إذا ما فينا نحاسب خلّينا نفلّ عالبيت" فهذه نكبة ويجب أن نكون أقوياء لذلك لا بدّ من التحرّك والقتال إذا أردنا الحفاظ على لبنان".

واكد ان 2750 طن من المادة السامة كانت موجودة مما ادى الى ما حصل مشددا على ان قيادة الجيش ستستلم زمام الامور والاقامة الجبرية هي منع سفر اي شخص يتعلّق بهذا الموضوع و"الحكومة قادرة على المحاسبة وانا أؤكد ذلك". وأضاف "فلنترك مسار التحقيق يحدد حقيقة ما جرى والمادة الموجودة لا تنفجر وحدها من دون اي مادة مساعدة على الاشتعال" مشيرا الى اننا لن نلتجئ الى خبراء دوليين من اجل التحقيق رغم ان هناك طلاقا بين الشعب والحكومة.

وأعلن ان المعلومات الأولية أنّ "نيترات الأمونيوم" لا تنفجر لوحدها وقد تكون مفرقعات نارية أدت إلى انفجارها وقال: "لم تصلني أي تقارير عن المواد الموجودة في مرفأ بيروت".

ورداً على سؤال، أوضح فهمي أنّ "التقارير لم تصل إليّ ولم أكن على علم بملفّ مرفأ بيروت وأنا لا أغضّ النظر عن أيّ ملفّ".

وتبنى مجلس الوزراء القرارات الاتية:

- تخصيص اعتمادات للمستشفيات لتغطية النفقات الاستشفائية للجرحى.

- دفع التعويضات اللازمة لعائلات الشهداء على ان تحدد قيمتها لاحقا.

- تحقيق كميات من القمح بعدما تلفت تلك المخزّنة في الاهراءات.

-الطلب من وزارة الاشغال العامة والنقل اتخاذ ما يلزم في سبيل تأمين عمليات الاستيراد والتصدير عبر المرافئ الاخرى غير مرفأ بيروت لا سيما طرابلس وصيدا.

- تشكيل خلية ازمة لمتابعة تداعيات هذه الكارثة على الصعد كافة مؤلفة من دولة رئيس مجلس الوزراء، نائبة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع الوطني، ووزراء الاقتصاد الوطني، والصحة العامة، والاشغال والنقل، والداخلية والبلديات، والخارجية والمغتربين، والشؤون الاجتماعية وقائد الجيش.

- حصر بيع الطحين للافران.

-التواصل مع جميع الدول وسفاراتها لتأمين المساعدات والهبات اللازمة وانشاء صندوق خاص لهذه الغاية.

- تكليف الهيئة العليا للاغاثة تأمين ايواء العائلات التي لم تعد منازلها صالحة للسكن، والتواصل مع وزارة التربية لفتح المدارس لاستقبال هذه العائلات ومع وزير السياحة لاستعمال الفنادق لهذه الغاية او لاي غاية مرتبطة بعمليات الإغاثة.

- وضع آلية لاستيراد الزجاج وضبط اسعار المواد التي تستعمل في ترميم الاضرار.

والتزم مجلس الوزراء باتخاذ جميع ما يلزم من اجراءات وتدابير في سبيل إعادة اعمار بيروت كما كانت. وقررالطلب من الاجهزة الامنية الحرص على عدم العبث بمسرح الجريمة منعاً لضياع معالمها.

وفي اخر الارقام، خلف الانفجار أكثر من 150 شهيدا و 5000 جريح وترك ما يصل إلى 250 ألفا بلا منازل تصلح للسكن بعد أن حطمت الموجة التفجيرية واجهات المباني وأطاحت الأثاث وحطمت النوافذ على بعد أميال من موقع الانفجار.

من جهة ثانية، وفيما التحقيقات تسير ببطء وسط حال من الذهول والارباك لدى المواطنين، وهي انعكاس لحال الارباك الحكومي، اجتمع رؤساء الحكومات السابقين سعد الحريري ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، ودعوا الى لجنة تحقيق دولية. واصدروا بيانا مما فيه: ان بيروت المدينة الصابرة والصامدة مازالت تعاني منذ أكثر من أربعة عقود من سلاسل لا تنتهي من العسف والتدمير والتنكيل، لتنكب اليوم من جديد بنكبة ما بعدها نكبة، وهي التي كان بالإمكان تفاديها وعدم الوقوع فيها لولا فقدان القيادة والتبصر والإرادة وهو الحال الذي كان قد أدّى قبل هذه النكبة إلى انهيارٍ كبيرٍ في ثقة اللبنانيين في الحكومة والعهد، وكذلك ثقة المجتمعَين العربي والدولي بهما.

إنّ وجود الأجهزة الرسمية الأمنية والمدنية في حرم المرفأ دون أن تتنبّه لتلك المخاطر الرهيبة، إنّ الواجب يقتضي محاسبة كل من يثبت تقاعسه أو تورطه في عدم إتخاذ الإجراءات الإدارية والقضائية والتي كان يمكن أن تحول دون حصول هذه الكارثة المزلزلة.

من هنا، يرى الرؤساء السابقون ضرورة الطلب من الأمم المتحدة أو من الجامعة العربية تشكيل لجنة تحقيق دولية أو عربية من قضاة ومحققين يتمتعون بالنزاهة والحرفية والحيادية لمباشرة مهماتهم في كشف ملابسات وأسباب ما جرى من كارثة حلّت بلبنان واللبنانيين في مدينة بيروت."

وفي شأن غير متصل فان الانفجار اشاح النظر عن وباء الكورونا اذ تجاوز عدد المصابين في لبنان في اليومين الاخيرين الـ 356 وفق رصد اولي اذ تراجع الاهتمام واقفل العديد من المستشفيات في العاصمة او اعتذر البعض الاخر عن عدم اجراء فحوص الـ pcr بسبب الظروف الضاغطة في المختبرات.