أخبار لبنان

ماكرون في الجميزة: "الرئيس القوي"..."حبيب الشعب‎"‎

تم النشر في 6 آب 2020 | 00:00

في لحظات الوحدة الوطنية وانفجار الغضب الشعبي، تعجز الكلمات عن الوصف. في لحظات ‏كهذه، الصورة قد تكون أفضل تعبيرا ... بعد اقل من 36 ساعة على فاجعة المرفأ، سارع ‏الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى نجدة لبنان. لم يكتف بإرسال المساعدات العينية، بل ‏حضر شخصيا ليقدم إلى الشعب اللبناني "رسالة أخوة وتضامن"، كما قال على حسابه على ‏تويتر. بربطة عنق سوداء تحترم مشاعر الحزن والأسى والحداد التي تعصف بلبنان وناسه، حط ‏ماكرون في بيروت، واحترم البروتوكول القاضي بلقاء رئيس الجمهورية في صالون الشرف في ‏المطار، وتفقد بيروت المنكوبة في المرفأ‎..‎

لكن هذا كله في مكان وما جرى في الجميزة ومار مخايل في مكان آخر. كان من المفترض أن ‏يجول الضيف الفرنسي الكبير على المنطقتين على اعتبار أنهما من الأكثر تضررا من الانفجار ‏الذي أطاح مبانيهما التراثية، التي لم تقو الحرب المقيتة على تهديمها فسقطت أمام الاهمال. لكن ‏ماكرون، الرئيس المتفهم لتطلعات الشعب اللبناني الثائر في الساحات منذ 17 تشرين، تجرأ حيث ‏تخاذل كثيرون ممن يعتبرون أنفسهم مسؤولين عن حياتنا وأقدارنا وأرزاقنا. ففي وقت تتمادى ‏السلطة وأطرافها في إدارة الأذن الصماء إلى المطالب الشعبية المحقة، اختار ماكرون الطريق ‏الأقرب إلى قلب الناس. نزل على الأرض في الجميزة... تحدث بصراحة وفرح وكثير من ‏الاصغاء والتفهم إلى الشعب الثائر الذي أجهزت عليه سياسات رعناء وفساد متجذر وتمسك ‏أعمى بالمناصب والكراسي. بابتسامته المحببة الخجولة، استمع ماكرون إلى مطالب الناس، ‏وأهمها: "لا تعطوا المساعدات إلى حكامنا الفاسدين، على ما يظهر في الفيديوهات المتناقلة عبر ‏منصات التواصل الاجتماعي. حاول الرئيس الفرنسي بهدوء طمأنة المتألمين إلى أن فرنسا ‏تؤيدهم وتسمع أنين وجعهم. وقد يكون التعبير بالفرنسية كثير الدلالات في هذا السياق‎. « Ne ‎vous inquiétez pas. Je ferai de mon mieux. Notre aide est à vous, le ‎peuple Libanais ». ‎عبارات مقتضبة قالها الرئيس الفرنسي داعيا الشعب اللبناني إلى ايلائه ‏الثقة، على اعتبار أن هذه الثقة هي التي ستتيح لبلاده المضي في رفد لبنان بسترات النجاة من ‏دون أن يغيب عن باله حمل مبادرة سياسية تستجيب لصرخات الناس. على أن الأهم يكمن في ‏أن الحشود الغفيرة في الجميزة لم تتأخر في الاستجابة إلى نداء ماكرون، فكان التصفيق الحار ‏والهتاف باسم فرنسا خير دليل إلى أن الرئيس الشاب كسب في لحظات ثقة أناس فقدوا الأمل في ‏حكامهم فبات هو خشبة خلاصهم الوحيدة‎.‎

تجاوز ماكرون كل البروتوكولات وأبعد عن طريقه رجال الأمن، لا لشيء إلا ليسمع شعبا ‏صديقا يستحق الحياة اختنق بنار الأزمة الاقتصادية والخطوات القمعية، حتى أنه لم ير ضيرا في ‏تأخير موعد لقائه مع الرئيس عون. فالأهم في مكان آخر.. في الشارع مع الناس.. اليوم كان ‏ماكرون بحق "الرئيس القوي"... حبيب الشعب‎.‎



المركزبة