أخبار لبنان

إشهار إفلاس معلن

تم النشر في 6 آب 2020 | 00:00

قفا نحك ‏


يقول كتاب استقالة وزير الخارجية الدكتور ناصيف حتي أكثر مما في نصه. إنه يعلن إفلاس ‏العهد، والصِغر (بكسر الصاد) الذي يكتنف ممارساته. يقول: "لبنان اليوم ليس لبنان الذي أحببناه ‏وأردناه منارة ونموذجاً وهو "ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة"، والطبقة السياسية تلكأت في "حماية ‏هذا الوطن وصيانة أمنه المجتمعي" ويقر "بغياب رؤية لبنان وطنا حراً مستقلا فاعلا، مشعا في ‏بيئته العربية والعالم"، ويدين في وضوح " غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي ‏الشامل المطلوب، وإيلاء المواطن والوطن الأولوية على كافة الإعتبارات، والتباينات ‏والإتقسامات، والخصوصيات".‏

ماعدّده الوزير المستقيل، هو ما يفتقده عهد "الإصلاح والتغيير"، وفي الطليعة "عقول خلّاقة، ‏ورؤية واضحة، ونيّات صادقة، وثقافة مؤسسات، وسيادة دولة القانون والمساءلة والشفافية... ‏ومنطق العمل عند رب عمل واحد اسمه لبنان" وليس "أرباب عمل ومصالح متناقضة".‏

يعرّي كتاب استقالة حتّي العهد، ويقدم عناوين استراتيجية لإنقاذ لبنان المشتت بين الأزمة المالية ‏وجائحة "كورونا"، وخنوع الدولة للتعايش مع هيمنة اللاشرعية، وإمرتها الإيرانية. وهو يرسم، ‏خطاً عند عتبة السنة الخامسة من الولاية الرئاسية، خلفه كل الآمال الزائفة، والوعود العرقوبية، ‏وقدّامه تفاؤل بالآتي، مع رئاسة جديدة وجدية، يرسمها سمو الدستور والدولة.‏

لكن يسجّل للعهد العوني، لاسيما مع الحكومة الحالية، أنه أعطى اللبنانيين دروسا وعبرا لا تنسى، ‏أولها أن من يصلح لقيادة معارضة، شعبوية غوغائية، لا يصلح لإدارة الشأن العام من موقع ‏صاحب القرار في بناء الدولة. ثانيا، أن منقذ لبنان، في أي ظرف، ليس رئيس الجمهورية، ‏واستطرادا، ليس رئيسا مجلسي النواب والوزراء، بل الدستور وتطبيق القوانين، لأنها ملجأ كل ‏حق وصواب. الثالث أن عهود الأباطرة ولّت، وأن لا أحد يستطيع أن ينسب الزمن إلى شخصه، ‏ولو روج زبانيته ومعاونوه صفات له لم يرها فيه غيرهم، كما تنسب أم إلى طفلها كل صفات ‏الذكاء والجمال و"الهضامة"، فيما هو منها براء. الرابع والأهم، أن ما أتت به "حكومة ‏التكنوقراط" من "معجزات" يجعل العودة إلى "نسلها" كريها،. الخامس والأهم أن ما أضفاه ‏الرئيس العماد فؤاد شهاب من جدية في تجديد الدولة، وانتظام أعمالها أعطى، سلفا، لمن يأتي من ‏اليرزة إلى بعبدا، هالة تقدير وإعجاب، لم يستحقها، بالقدر نفسه، ثلاثة أتوا من مدرسته، أولهم ‏فرضته دمشق، مؤيّدة إقليميا ودوليا، فكان "يمشي على العجين وما يلخبطه"، فيما الثاني، وقد ‏أتت به التوازنات ذاتها، ساير "8آذار" بداية حكمه، وماشى "14 آذار"، في ثلثه الأخير، أما ‏الثالث فأتى به قول مكيافيلي "الغاية تبرر الوسيلة" إذ حالف خصمه المعلن "حزب الله"، وداس ‏معه الدستور والأعراف، كي يدخل بعبدا كلويس الرابع عشر صاحب الشعار الشهير أنا الدولة، ‏وأنكر كل ما ساقه ضده في كل بقاع الأرض، بلا رفة جفن.‏

كتاب ناصيف حتي تعرية عهد وإشهار إفلاس معلن.‏



النهار - راشد فايد