أخبار لبنان

فرنسا تُحذّر لبنان: خطر الموت داهم، أًوقِفُوا المراوغة!

تم النشر في 10 آب 2020 | 00:00

باريس ـ بشارة غانم البون



"لبنان ليس مجرد صديق، إنه أخ لنا ومن الطبيعي عندما تحل مصيبة ما بالعائلة أن يتعاطف أفرادها ويتضامنوا مع بعضهم البعض". هذه كانت ردة فعل وزير الخارجية الفرنسي جان- ايف لودريان على اتصال من شخصية لبنانية بادرت الى شكر فرنسا على مواقفها بعد "انفجار بيروت المأساوي "، كما وصفه مصدر فرنسي في باريس

وقد وضع هذا المصدر مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون المزدوجة بزيارة العاصمة اللبنانية، ومن ثم الدعوة الى مؤتمر دولي عاجل لتنسيق “الدعم للشعب اللبناني المتضرر والمنكوب في بيروت”، في هذا الاطار التضامني الفرنسي ـ اللبناني.

فنّد المصدر الفرنسي الانتقادات التي وجهت الى التحرك الفرنسي الرئاسي أكان من قبل بعض الجهات اللبنانية ام الفرنسية. أولاً، الى المشككين في لبنان يقول المصدرإن الرئيس ماكرون “ليس ساذجاً فهو يعرف انه لا يملك عصا سحرية لكنه على يقين بأن فرنسا تملك أكثر من ورقة ضغط فاعلة بإمكانها استعمالها كلما دعت الحاجة اليها”. ثانياً، بالنسبة للانتقادات داخل فرنسا بـ”التدخل في شؤون لبنان الداخلية”، يضيف المصدر الفرنسي ان ماكرون “لا يرغب في العودة الى زمن الانتداب ولا الى اقامة وصاية جديدة. بل انه يتجاوب مع نداء استغاثة من شعب تربطه بفرنسا علاقات تاريخية مميزة، وهو عازم على اتخاذ موقف حازم وضاغط تجاه السلطات الرسمية المعنية في لبنان من اجل الالتزام بالخطوات الاصلاحية العملية والسريعة المطلوبة منها”.

أبعد من رسالة “التضامن الانساني والعاطفي” التي حملها التحرك الرئاسي الفرنسي، يبدو ان تحرك قصر الاليزيه العاجل إتخذ أبعاداً اضافية نظراً للاعتبارات الآتية:

أولاً، التقارير الديبلوماسية والسياسية التي وصلت الى دوائر الرئاسة الفرنسية إثر زيارة لودريان الى بيروت وحتى قبل حصول الانفجار، أشارت الى أن لبنان يواجه “خطر الموت” وهو “لا يزال يعيش في كذبة”. من هنا تكوَّن الشعور بضرورة القيام بـ”تحرك عاجل يقدم المعونة الطارئة للمريض الموجود في العناية الفائقة مع مخاطبة أهل المريض ومصارحته بشكل شفاف بما هو مطلوب منهم لإنقاذ المريض قبل فوات الأوان”.

ثانياً، حرص فرنسا خصوصاً بعد حصول انفجار بيروت على تأمين تغطية مزدوجة أميركية ـ أوروبية لأية خطوة تتخذها حيال لبنان. لذلك عملت باريس منذ الأربعاء الماضي على خط واشنطن وبروكسيل بهدف التشاور والتنسيق. ولم يخفِ المصدر إرتياح ماكرون لتجاوب الرئيس الاميركي دونالد ترامب وترجمة ذلك من خلال خطوتين؛ الأولى إتصاله بالرئيس اللبناني ميشال عون، واثالثاً، همّان أساسيان ركّز عليهما التّحرك الديبلوماسي الفرنسي. الاول “همّ آني معيشي انساني”، والثاني “همّ سياسي أبعد وأعمق وأخطر”.

على الصعيد الإنساني، ركزت باريس على الأمن المتعدد الوجوه للمواطن اللبناني “الغذائي والصحي والتربوي والسكني”. وفي هذا الإطار، شددت على أن المساعدات، أجاءت على المستوى الثنائي او على المستوى الجماعي الدولي، يجب ان تذهب “مباشرة” الى الشعب اللبناني عموماً وسكان بيروت خصوصاً من خلال إشراف المنظمات الدولية وتوزيع الجمعيات المدنية الأهلية. ذلك أن غياب الثقة واضح وفاضح تجاه المؤسسات الحكومية الرسمية اللبنانية.

وقد شاركت 36 دولة ومنظمة دولية في مؤتمر باريس، وبلغت قيمة المساعدات للبنان حوالي الـ 300 مليون دولار.

على الصعيد السياسي، فان التحرك للمساعدة في ايجاد مخرج للأزمة المزدوجة السياسية والاقتصادية مرتبط بمجموعة “قيود وشروط”. واللافت للإنتباه انه قبل الانفجار كانت المطالبة الفرنسية هي اجراء اصلاحات مالية واقتصادية وادارية من اجل تفعيل المساعدات التي رسمها مؤتمر “سيدر”، ولكن بعد الانفجار جاءت مطالبة اضافية بضرورة القيام باصلاحات سياسية تتناول هيكلية النظام وخصوصا منهجية العمل السياسي بشكل يتناسب مع مطالب التحرك الشعبي وخصوصا تطلعات الشباب اللبناني المنتفض منذ عدة أشهر. والجديد اعتبار الاصلاح السياسي المدخل الضروري للتجاوب مع طلب المساعدة في اعادة الاعمار وانقاذ الاقتصاد.

رابعاً، دعوة فرنسية مقرونة بتحذير. دعوة إلى عدم تفويت الفرصة وتحويل “نقمة” المأساة الى “نعمة” الاصلاح. أما التحذير فهو من التخلي عن تفعيل الضغط الشعبي الناشط في اتجاه اللجوء الى اعمال عنف تدخُّل البلد في حالٍ من الفوضى تستغلها قوى خارجية بشكل يعرِّض أمن لبنان واستقراره وسلامه. ومن هنا كلام عن مخاطر تحول انفجار بيروت من انفجار أمني محلي على مستوى مدينة الى انفجار أهلي على مستوى وطن وصولا الى انفجار اقليمي على مستوى المنطقة!

خامساً، تشدد باريس على عامل الوقت الداهم وتسارع الأحداث، من هنا ضرورة العجلة والفاعلية وعدم تردّد الجانب اللبناني باتخاذ الخطوات المطلوبة منه وان كانت موجعة ذلك ان الظرف تاريخي لا يتحمل المماطلة والمكابرة والانانية.لثانية بمشاركته في مؤتمر باريس برغم عطلة يوم الأحد واختلاف التوقيت بين باريس وواشنطن.