تمنى رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع على "البعض تخفيف "عنترياته" وتهديداته"، مذكراً الجميع بأنه "عبر تاريخ لبنان لم يستطع أحد إخضاع الشعب اللبناني، فقد مرّت علينا إمبراطوريات وممالك كثيرة منذ ما قبل عصر المماليك وخلاله وبعده وصولاً إلى عهد الوصاية السوريّة، والجميع رأى ما كانت النتيجة. لذا من الأفضل أن نعتمد دائما لغة المنطق والهدوء و"الرواق" في التخاطب في ما بيننا، والاهم من ذلك هو أن نتشارك جميعاً في الحفاظ على الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي اللبناني باعتبار أنه المكسب الأساسي والوحيد الذي ما زال يتمتع به حاليا الشعب اللبناني".
كلام جعجع جاء في تصريح له عقب لقائه وعقيلته النائب ستريدا جعجع البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في المقر البطريركي الصيفي في الديمان أمس السبت، وقد حضر اللقاء الذي دام أكثر من ساعة، النائب البطريركي المشرف على دائرة الشؤون البطريركيّة المطران بيتر كرم والمسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض.
وتطرّق جعجع الى كارثة انفجار مرفأ بيروت، قائلاً: "إننا ما زلنا نعاني تداعيات هذا الإنفجار حتى اليوم وسنبقى كذلك لفترة طويلة إنطلاقاً من فداحة الكارثة التي حلّت بنا والتي لن تنتهي للأسف بأقل من 200 شهيد و6000 جريح وخسائر لا يمكن تقدير قيمتها في الوقت الراهن، فضلا عن عشرات آلاف المواطنين المشردين خارج منازلهم حتى اللحظة. أما الذين تمكنوا من العودة إلى منازلهم فقد قاموا بذلك بعدما عمدوا إلى اقفال الفجوات في جدران منازلهم وإغلاق النوافذ بالنايلون وليس بعد إعادة ترميم هذه المنازل كما يجب، وبالتالي هذه الكارثة هي أفظع من أي حدث مرّ علينا خلال الخمسين أو المئة عام المنصرمة من تاريخنا".
واعتبر جعجع أن "التحقيق المحلي لن يؤدي إلى نتيجة حقيقيّة لسبب بسيط وهو أن السلطة هي المتهمة وعلى مستويات مختلفة منها، فكيف تكون هي من يحقق في هذه الجريمة؟ وحتى للأسف الإدارات المختلفة من أمنيّة وعسكريّة وقضائيّة وإداريّة وسياسيّة بالدرجة الأولى متّهمة، وبالتالي لن تتمكن هذه الإدارات من إيصالنا إلى النتيجة الحقيقيّة".
وقال: "ليس لدينا نتائج مسبقة لذلك لم نتّهم أحدا حتى هذه اللحظة ولن نقوم بذلك، فنحن بانتظار تحقيق جديّ لا يمكن أن يتم سوى عبر لجنة تحقيق دوليّة، لذلك سنبدأ انطلاقاً من يوم الإثنين المقبل جمع التواقيع على عريضة نيابيّة للطلب من الحكومة اللبنانيّة اعتماد لجنة تحقيق دوليّة في هذه الجريمة وسنعمد إلى إرسال هذه العريضة في الوقت نفسه إلى الأمم المتحدة باعتبار أن هذه هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحقيقة التي هي مطلبنا جميعاً، وبذلك يرتاح شهداؤنا حيث هم وأهاليهم يرتاحون أيضاً والجميع يرتاحون ولا يبقى لدى أي شخص شكوك، وتنتفي مختلف الأسباب التي تسمح لأي كان ان يسوق اتهاما لشخص آخر ، زوراً او حقيقةً".
ووجّه جعجع تحيّة إكبار وإجلال "لجميع الشهداء الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت باعتبار أنهم سقطوا في سبيل الوطن ولو لم يكن ذلك في المكان المناسب، كما وجّه تحيّة كبيرة جداً للشهيد رالف ملاحي من فوج إطفاء بيروت الذي استشهد وهو يحاول إطفاء الحريق، ومن خلاله لجميع أهالي عين الرمانة الموجودين في المناسبات والمواقع كلها لمحاولة الدفاع عن هذا الوطن، وهم كما كانوا دائماً وقفوا في هذه المناسبة برأس مرفوع وعلى استعداد دائم للتضحية في سبيل لبنان".
وتطرّق جعجع الى مسألة تأليف الحكومة العتيدة، لافتاً إلى "أننا لا نعتقد أن أي حكومة يمكن أن تكون هي الحل في الوقت الراهن بوجود المجموعة الحاكمة على ما هي عليه، وطالما أنه يتم السعي الى تشكيل حكومة جديدة، وإذا كان هناك من أمل لأي حكومة أن تنجز أي شيء يذكر، فهي حتماً حكومة مستقلين تماماً، ونحن ضد حكومة أقطاب أو حكومة وحدة وطنيّة بشكل كليّ وكامل على الرغم من تمسكنا بالوحدة الوطنيّة، ولكن موقفنا هذا يأتي انطلاقاً من أننا عاينا ورأينا ماذا أنجز هذا النوع من الحكومات في الأعوام الـ30 المنصرمة، وما نشهده اليوم هو نتاج هكذا حكومات أو ما شابه، وبالتالي لن نعود بعد هذه التجارب كلها لتكرار التجربة نفسها والعودة إلى نقطة الصفر".
وأعاد جعجع التشديد على أن "ما ينبغي القيام به هو تشكيل حكومة مستقلين ولكن بالفعل مستقلين لا أن تكون كالحكومة المستقيلة التي كانت مستقلة في الظاهر فحسب، في حين أن كل حزب من أحزاب السلطة يدير مجموعة من الوزراء فيها، ما أدى إلى عجزها عن تحقيق النتيجة المطلوبة".
ورأى جعجع أن "الحل الفعلي يكمن في تقصير ولاية مجلس النواب الحالي باعتبار "أننا بوجود الأكثريّة النيابيّة الحاليّة فنحن لن نصل إلى أي مكان، لذلك سنعمل على تقصير ولاية هذا المجلس وسنقدّم نهار الإثنين باسم تكتل "الجمهوريّة القويّة" اقتراح قانون لتقصير ولاية المجلس".
وتطرّق جعجع إلى مسألة حياد لبنان "المشروع الذي طرحه البطريرك الراعي"، وقال: "في هذه المناسبة أريد أن أوجه لغبطته تحيّة كبيرة على كل الجهود التي يبذلها من اجل إيجاد حل فعلي متوسط وطويل الأمد وليس مجرّد حل آني للمشاكل اللبنانيّة، وعلى هذا الصعيد سيقوم غبطته بإرسال مذكّرة الإثنين المقبل لجميع الفرقاء المعنيين يوضح فيها ما هو الحياد الذي يطرحه وبعدها سيكون لنا في تكتل "الجمهوريّة القويّة" عريضة نيابيّة أخرى، ومن الممكن أن يكون لدينا في وقت لاحق عرائض شعبيّة من أجل مطالبة الحكومة اللبنانيّة ومجلس الأمن الدولي بالتأكيد على حياد لبنان وكي تقوم الحكومة اللبنانيّة بكل الخطوات المطلوبة لوضع هذا الحياد موضع التنفيذ".
وختم موجهاً معايدة لجميع اللبنانيّين في مناسبة حلول عيد انتقال السيّدة العذراء "بظروف أفضل على أمل أن نتخلّص بشفاعتها من المشاكل والمآسي كالتي أصابتنا بانفجار المرفأ".