أخبار لبنان

حكمت المحكمة...

تم النشر في 18 آب 2020 | 00:00

المصدر: " نداء الوطن " 


‎منذ 186 شهراً ولبنان ينتظر يد الحقيقة لتنتشله من "حفرة السان جورج"… أيادٍ كثيرة امتدت ‏للعبث بساحة الجريمة لكنها بقيت قاصرة عن طمس معالمها. مسار دم ودمار مستمرّ منذ ‏‏15 عاماً لم يترك خلاله قتلة رفيق الحريري قنبلة دموية أو دخانية إلا واستخدموها لوأد ‏الحقائق وتفخيخها والتعمية عنها، لكنّ قنابل العدالة المضيئة ظلت متوهجة في الأفق تخطّ ‏خطى اللبنانيين على طريق الأمل بالوصول إلى خاتمة تروي دماء الشهداء وتفضح ‏المجرمين. ساعة الحقيقة دقّت واليوم موعدها. الشك سيقطعه اليقين والقاتل "سيُحكم" ‏ولو بعد حين… ولا شيء يوازي دوي انفجار 14 شباط 2005 سوى دويّ مطرقة "حكمت ‏المحكمة" التي ستدل بالإصبع والأدلة والوقائع على من خطط وموّل ونفّذ الجريمة… أحياءً ‏كانوا أم أمواتا‎.‎

‎ ‎

إذاً، عيون بيروت والعالم ستكون شاخصة اليوم إلى لاهاي، حيث ستنطق المحكمة الخاصة ‏بلبنان بحكمها في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه على امتداد ثلاث ‏جلسات تعقدها هيئة المحكمة ابتداءً من الساعة 12 ظهراً بتوقيت بيروت لتنتهي إلى إصدار ‏الحكم عند الرابعة والتصف عصراً. وتلقائياً بعدها ستتجه الأنظار إلى رصد مضامين ‏الموقف الذي سيطلقه الرئيس سعد الحريري من أمام مقر المحكمة الدولية ربطاً بما ‏أظهرته الحقيقة ووثقته العدالة الدولية في قضية استشهاد والده، بينما البوصلة السياسية ‏والأمنية ستكون متمحورة حول تطويق مفاعيل الحكم في الشارع اللبناني لا سيما على ‏محوريه السني والشيعي، إذا ما ثبتت إدانة عناصر من "حزب الله" في اغتيال الحريري‎.‎

‎ ‎

ومن هذا المنطلق، كشف مصدر أمني رفيع لـ"نداء الوطن" أنّ أوامر أعطيت لكافة الأجهزة ‏الأمنية بالاستنفار في بيروت وفي المناطق ذات الغالبية السنية كطرابلس وعكار وصيدا ‏والبقاع تحسباً لأي تداعيات ميدانية تعقب النطق بحكم المحكمة الدولية، موضحاً أنّ ‏‏"وحدات من كافة الأجهزة الأمنية تم استنفارها ليس بهدف قمع حرية التعبير وإنما بسبب ‏وجود معلومات تفيد بأنّ بعض الجهات ستعمل على استغلال مشاعر الناس في الشارع ‏السني عبر زج بعض المندسين بين صفوفهم لحضهم على إحداث أعمال شغب قد تؤدي ‏في مناطق تقع على تماس مع الجمهور الشيعي، كبيروت مثلاً، إلى إشكالات يُخشى أن ‏تتطوّر وتتحوّل في مرحلة لاحقة إلى اشتباكات‎".‎


أما على المقلب الآخر، فتؤكد مصادر مطلعة على موقف "حزب الله" لـ"نداء الوطن" أنّ ‏‏"قيادة الحزب أوعزت إلى كوادرها الميدانية بالعمل على ضبط الشارع في مختلف مناطق ‏نفوذ "حزب الله" انضباطاً تاماً ومنع الانجرار إلى أي ردات فعل شعبية قد تؤدي إلى ‏الصدام مع الشوارع الأخرى"، لافتةً إلى أنّ "الحزب يعلم أنّ الحملة ستكون ضده شرسة بعد ‏صدور حكم المحكمة الدولية وهناك محاولات حثيثة ستبذل لزج جمهوره في إشكالات ‏وصدامات ميدانية، لكنه مصمم في المقابل على منع حدوث ذلك، وهو سيكون خلال ‏الساعات المقبلة في أعلى مستويات التأهب ولو بشكل غير مرئي وعلني على الأرض ‏لمحاولة تطويق أي إشكال ومنع تطوره"، مع إشارة المصادر في الوقت نفسه إلى أنّ "أحداً ‏لا يمكنه في نهاية المطاف تقدير الحجم الذي سيبلغه الاستفزاز في الشارع، ولذلك فإنّ ‏خطر وقوع الإشكالات سيبقى قائماً ولا يستطيع أي طرف التكهن مسبقاً بما ستؤول إليه ‏الأمور.‎