"المصدر:"نداء الوطن"
وداعاً حسان دياب، أهلاً مصطفى أديب… خسرت منظومة 8 آذار الأول بالضربة القاضية وربحت الثاني بالنقاط، لتكون خلاصة الجولتين على حلبة السراي: انتقال دفة الحكومة من يد إلى يد وبقاء دفة الحكم بين أصابع اليد الواحدة. في الشكل، صحيح أنّ أديب يبدو نسخة منقحة عن دياب، لكن في الجوهر ثمة علامات ومفارقات فارقة في عملية تكليف كل منهما، لعلّ أبرزها داخلياً التغطية السنية التي حظي بها الرئيس المكلف الجديد، وخارجياً الغطاء الفرنسي الذي مُنح لتكليفه، إلى حد اعتبار تسميته "حصلت في قصر الإليزيه وما حصل في قصر بعبدا كان مجرد "بصم" على هذه التسمية" وفق تعبير مصادر سياسية مواكبة لـ"نداء الوطن"، واصفةً الحكومة العتيدة التي كُلف أديب بتشكيلها بأنها "حكومة إيمانويل ماكرون التي أرادها بمثابة حكومة "تنفيذ مهمات" مطلوبة دولياً في المرحلة اللبنانية الراهنة لتقطيع الوقت و"القطوع" الذي بدأ يُنذر بزوال لبنان كما كان قد حذر حرفياً رئيس الوزراء الفرنسي جان إيف لودريان" عشية وصول الرئيس الفرنسي إلى بيروت لرعاية احتفالية المئوية الأولى للبنان الكبير.
وعلى وقع توجّهه من مدرّج مطار رفيق الحريري الدولي إلى اللبنانيين "إخوة الفرنسيين" بتغريدة قال لهم فيها بالعربية: كما وعدتكم ها أنا أعود لاستعراض المستجدّات بشأن المساعدات الطارئة وللعمل سوياً على تهيئة الظروف اللازمة لإعادة الإعمار والاستقرار"، دشّن الرئيس الفرنسي برنامج عودته ليلاً بزيارة بعيدة عن الإعلام إلى منزل فيروز، حيث لوحظ تجمهر عدد من الناشطين والثوار عند مدخل المنزل مرددين هتافات "NO ADIB" على مسامع ماكرون أثناء دخوله المبنى، بينما كان أديب قد سمع بنفسه اعتراض بعض المواطنين على تكليفه خلال الجولة الميدانية التي قام بها عصراً في شوارع الجميزة المنكوبة لتفقد أضرار انفجار 4 آب، معتبرين أنه مجرد واجهة جديدة للمنظومة الحاكمة الفاسدة التي أوصلت البلد إلى ما وصل إليه من انهيار مالي واقتصادي واجتماعي ناهزت كلفته العشرين مليار دولار، ومؤخراً أضافت إليها منظومة الفساد والإفساد خسائر قدّرها البنك الدولي أمس بحوالى 8 مليارات دولار نتيجة انفجار المرفأ، مع التشديد على حاجة لبنان "في مرحلة أولى إلى مبلغ مليارين و200 مليون دولار من أجل النهوض وإعادة الإعمار".
ومن على متن الطائرة الفرنسية التي أقلت ماكرون والوفد المرافق إلى بيروت، نقلت الزميلة رندة تقي الدين عن مصادر الرئاسة الفرنسية تأكيدها لـ"نداء الوطن" أنّ الرئيس الفرنسي على اطلاع بما يجري في لبنان من مشاورات على الصعيد السياسي "ومتطلباته تشكيل "حكومة مهمة" تكون فعالة ونزيهة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات التي تمكّن لبنان من الحصول على دعم قوي"، مضيفةً: "الرئيس ماكرون ليس ذاهباً إلى بيروت للتوصل إلى اتفاق بين الأحزاب بل للحصول على التزام واضح وفعّال في إطار العقد الجديد الذي عرضه خلال زيارته السابقة، وهو سيكون حريصاً على أن تأخذ الالتزامات التي ستنفذ بعين الاعتبار متطلبات الشعب اللبناني". وختمت مصادر الرئاسة الفرنسية: "رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سمى شخصية لا تنتمي إلى حزب سياسي ما يعني أنه أدى دوره من هذا العقد، وبعد ذلك سنرى. الوضع (اللبناني) بالغ الصعوبة والرئيس الفرنسي لن يكتفي بتعيين رئيس للوزراء إنما ينتظر تشكيل حكومة فاعلة تنفّذ الاصلاحات".
وفي الشق المتعلق بشرط الإصلاح باعتباره المدخل الوحيد المتاح أمام اللبنانيين للخروج من أزمتهم عبر بوابة صندوق النقد الدولي، لفت ترحيب المتحدث باسم الصندوق أمس بتسمية رئيس وزراء جديد في لبنان، معرباً عن أمله في أن يتم "تشكيل حكومة جديدة قريباً بتفويض لتنفيذ السياسات والإصلاحات التي يحتاجها لبنان لمعالجة الأزمة الحالية واستعادة النمو المستدام ".
في الغضون، وعلى نقيض الرئيس ميشال عون الذي أقفل أبواب قصر بعبدا أمام قناة الـ"mtv"، فتح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي "قلبه" للقناة معبّراً في مقابلة خاصة معها عن هواجس "المثالثة" وآمال "الحياد". فالراعي الذي رأى أن لبنان يمر بمخاض "ولادة جديدة"، تساءل "ما هو العقد السياسي الجديد" الذي يُحكى عنه؟ إذا كان المقصود به "المثالثة ويُعمل عليها تحت الطاولة، فسنرفضها فوق الطاولة وسنقوم بحرب معنوية ضدها لأن هذا موت للبنان"، مشدّداً في مقابل الدعوات إلى قيامة الدولة المدنية على أنّ "لبنان هو دولة مدنية حيث نحن نفصل الدين عن الدولة ولكن هم حوّلوها إلى دولة الطوائف".
وكشف الراعي أنّ "العلاقة مقطوعة مع حزب الله" منذ يوم زيارته القدس لاستقبال البابا، لافتاً إلى أنه كان ينتظر جواباً وتوضيحاً من الحزب حيال مسألة الحياد "بدلاً من اتهامي بالعمالة"، وختم بالإشارة إلى أنه حين يلتقي الرئيس الفرنسي سيعبّر له "عن شكرنا وتقديرنا للزيارتين الأخيرتين له، وسنتحدث بالهموم المشتركة وبأننا لا نستطيع الاستمرار بالوضع كما هو، وسأثير معه موضوع الحياد وما نسمعه أخيراً عن المثالثة".