أخبار لبنان

شهر بعد 4 آب أي حكومة بحجم الزلزال؟

تم النشر في 4 أيلول 2020 | 00:00

كتبت صحيفة "النهار" تقول: شهر كامل اليوم على الانفجار المزلزل الذي ضرب بيروت من ‏مرفأ بيروت في الرابع من آب وأحدث دمارا هائلا فيها لا يقاس بحجمه المخيف الدمار الذي ‏خلفته جولات الحروب والاجتياحات كما تسبب بحصيلة بشرية مأسوية فاقت الـ 190 شهيدا ‏و5600 جريح الى اكبر حصيلة من المتضررين من الانفجار تجاوزت الـ300 الف متضرر في ‏منازلهم ومؤسساتهم ومتاجرهم وممتلكاتهم على أنواعها . لم يقف الامر عند حصيلة الضحايا ‏والخسائر البشرية والمادية والاقتصادية المخيفة بل تمدد بقوة الى مجمل المشهد اللبناني بحيث ‏استعاد لبنان صورة البلد المنكوب والمشارف الانهيار الكبير النهائي اذ جاءت كارثة انفجار ‏المرفأ الذي لا يزال التحقيق القضائي والجنائي الجاري فيه بمساعدة من أجهزة غربية جاريا من ‏دون الجزم بعد بالاتجاهات الحاسمة لأسبابه وظروفه الملتبسة لتفاقم بقوة مخيفة الأحوال البائسة ‏والكارثية للبنان واللبنانيين. ‏

ولم يكن أدل على الانقلاب الصاعق الذي حفره انفجار المرفأ مع ضحاياه وأضراره ودماره من ‏انقلاب مماثل في تعامل العالم مع البلد المنكوب، اذ بعد شهر من الانفجار، بات يمكن القول ان ‏الرابع من آب صار تاريخا مفصليا لم يعد ما بعده كما كان ما قبله في الكثير من وجوه المشهد ‏اللبناني الداخلي والخارجي. واذا كان لا حاجة للبنانيين لاعادة تذكيرهم بحدث كارثي لا يزال ‏يجرجر ذيوله حتى الان، ولا يزال غبار الركام والحطام وآثار الدمار يعلو مجمل الصورة، فلا ‏بد من التوقف عند حصيلة مجريات المبادرة الفرنسية التي غطت على معظم التحركات ‏الدبلوماسية والإغاثية الدولية التي تدفقت ولا تزال تتدفق على لبنان باعتبار ان زيارتين متعاقبتين ‏للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت في اقل من شهر رسمتا معالم واقع سياسي يفترض ‏ان يحمل تطورات جديدة بدءا من استعجال تشكيل الحكومة الجديدة وانطلاقا نحو برمجة ‏إصلاحية حقيقية وجادة هذه المرة والا انزلقت البلاد نحو عزلة لعلها لم تشهد اقسى منها حتى ‏الان‎.‎

والواقع ان مجريات استحقاق تشكيل الحكومة بدت بعد يومين من الزيارة الثانية للرئيس الفرنسي ‏للبنان كأنها أدخلت مبكرا جدا الى غرفة العمليات السياسية العاجلة ولا نقول العناية الفائقة لان ‏جميع المعنيين بطبخة التأليف من القوى التي محضت رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب ‏موافقاتها على تكليفه واستعداداتها لترجمة التزاماتها بالتعاون لتسهيل ولادة سريعة لحكومته ‏يؤكدون انه لن تكون هناك تعقيدات وصعوبات من النوع الذي يؤخر اندفاعة الرئيس المكلف ‏نحو استعجال تأليف الحكومة ولو ان الخوض في التفاصيل الإجرائية لمسودة التأليف سيبدأ في ‏الساعات والأيام القليلة المقبلة. ‏

وتبين بعد اللقاء الأول العملي الذي عقده امس الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية ميشال عون ‏لتقويم نتائج الاستشارات التي اجراها أديب مع الكتل النيابية والنواب في عين التينة اول من امس ‏انه لم يتم التوافق بينهما بعد على حجم الحكومة، كما لم يتوغل البحث بعد الى الإطار الأولي ‏لتوزيع الحقائب باعتبار ان الغوص في التفاصيل يقتضي بت نقطة الانطلاق الأساسية في عملية ‏تشكيل الحكومة وهي تسليم جميع القوى باطلاق يد الرئيس المكلف بتأليف حكومة اختصاصيين ‏مستقلين ولا حزبيين، وهو الامر الذي لم يبت بعد. وأفادت المعلومات ان أديب ابلغ الى عون ان ‏الكتل النيابية أبدت رغبتها في التعاون من دون طرح مطالب محددة، وان عون وأديب لم يدخلا ‏في موضوع الأسماء المرشحة او المقترحة للتوزير في الحكومة او توزيع الحقائب ولكن جرى ‏التركيز على توزير اختصاصيين. كما توافق عون وأديب وفق المعلومات على أولوية ‏الإصلاحات ومكافحة الفساد. ‏

وذكر ان عون ابلغ أديب انه يفضل حكومة بين 20 و24 وزيرا لكي تسند حقيبة واحدة لكل ‏وزير ويتفرغ لها الوزير فيما يفضّل أديب حكومة مصغرة من 14 وزيرا. ويرفض أديب التقيد ‏علناً بأي مهلة لتأليف الحكومة لكنه يؤكد انه يعمل لتأليفها بسرعة. ورجحت معلومات ان ينجز ‏تصوره للحكومة في نهاية الأسبوع الحالي. وهو اكد بعد لقائه وعون امس "اقتناعه ورغبته في ‏ان يتشكل فريق عمل متجانسا" مشددا على حكومة اختصاصيين تسعى للعمل بسرعة وبشكل ‏عاجل من اجل وضع الإصلاحات موضع التنفيذ". وأفادت معلومات ان ثمة اتصالات اجريت ‏بين الثنائي الشيعي والرئيس سعد الحريري في اطار البحث في ملف تشكيل الحكومة‎.‎

شينكر بلا أضواء

وسط هذه الأجواء بدا لافتا ان مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ‏شينكر عقد لقاءات في يومه الثاني في بيروت بعيدا من الأضواء علما انه لم يلتق أي شخصية ‏رسمية باستثناء قائد الجيش العماد جوزف عون الذي زاره شينكر في مكتبه في اليرزة وبحث ‏معه في الدعم الأميركي للجيش وبرامج التعاون بين الجيشين الأميركي واللبناني. وابرز لقاءات ‏شينكر كان ليل امس في زيارة قام بها لبكفيا ملبيا دعوة رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الى ‏عشاء مع عدد من النواب المستقيلين. وعلمت "النهار" ان شينكر سيعود الى لبنان بعد أسابيع قليلة ‏علما انه حتى ليل امس لم يطلب أي لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري تبعا لما كان يتوقعه ‏البعض في اطار تولي شينكر التفاوض مع بري حول ملف ترسيم الحدود اللبنانية البرية والبحرية ‏مع إسرائيل‎.‎

ومن التحركات البارزة نحو لبنان أيضا بدأ امس امين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو ‏بارولين موفدا من البابا فرنسيس "زيارة تضامن مع بيروت وعائلاتها المسيحية وجميع ‏اللبنانيين" وذلك عشية يوم الصلاة العالمي من اجل لبنان الذي دعا اليه البابا فرنسيس الأربعاء ‏الماضي. وقام الكاردينال بارولين فور وصوله بزيارة لكاتدرائية القديس جرجس المارونية في ‏وسط بيروت حيث عقد لقاء جامعا لرجال دين مسيحيين ومسلمين ثم جال على مسجد محمد الأمين ‏في وسط بيروت وكاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس وكاتدرائية مار الياس للروم ‏الملكيين الكاثوليك. وقال الكاردينال بارولين "ان لبنان ليس وحده ونحن نقف الى جانبكم بصمت ‏وبتضامن لنعبر عن محبتنا لكم". وشدد على ان رسالة الفاتيكان هي "عدم ترك لبنان وحيدا ‏فلبنان في حاجة الى العالم ولكن العالم يحتاج الى خبرة لبنان الفريدة والتضامن والحريّة التي ‏يمثلها لبنان ومعا سنعيد بناء بيروت‎".‎

بين المطار ومار مخايل

اما المفارقة اللافتة التي برزت عشية مرور شهر على انفجار مرفأ بيروت فبرزت مع الضجة ‏الواسعة التي نشأت عن تسريب مراسلات تتصل بوضع خطير محتمل في مطار رفيق الحريري ‏الدولي جراء عدم اجراء اعمال الصيانة على مباني قديمة تستعمل لتخزين الفيول وتزويد ‏الطائرات الوقود. وعلى جاري ما حصل في ملف انفجار المرفأ بدأت الردود والردود على ‏الردود في المراسلات والكتب بين وزارة الاشغال ورئاسة الجمهورية وديوان المحاسبة ودوائر ‏المطار والشركات المتعهدة والنيابة العامة وصولا الى وزارة المال التي حولت مساء المبالغ ‏المطلوبة للصيانة‎.‎

اما الواقعة الثانية فكانت في ضجة من نوع مختلف اثارتها معلومات مفاجئة عن تلقي فريق ‏تشيكي كان يعمل في البحث والتنقيب في ركام منزل مدمر في حي مار مخايل إشارات الى ‏امكان وجود جثتين تحت الركام وان إشارات تلقاها الفريق من كاميرات حرارية وكلب مدرب ‏حيال امكان وجود احد الأحياء بين الأنقاض . ومع الاستبعاد الكامل لهذا الاحتمال بعد شهر من ‏الانفجار تكثفت عمليات البحث في الأنقاض بحذر وبطء على ان تستؤنف اليوم بعدما اثارت ‏المعلومات عنه امالا واسعة على رغم الاستحالة الواقعية للعثور على احياء بعد‎.‎



النهار