إقتصاد

المستشفيات مهدّدة… أطباء لبنان على طريق الهجرة!‏

تم النشر في 6 أيلول 2020 | 00:00

فاقم انفجار مرفأ بيروت الأزمات التي يعاني منها القطاع الاستشفائي في لبنان، بعد خروج عدد ‏من المستشفيات عن العمل نتيجة دمارها بشكل جزئي أو كامل، وبالتالي فقدان المئات من ‏الأطباء والممرضين وظائفهم، علماً بأنهم قبل الانفجار كانوا يئنون من خفض رواتبهم، بسبب ‏الأزمة المالية التي ترزح تحتها البلاد، كما عدم تسديد مستحقاتهم، هذا عدا احتجاز أموالهم في ‏المصارف، كما باقي المودعين، مع شح الدولار في السوق اللبنانية.‏

ولعل ما زاد الطين بلة هو اضطرار الطاقم الطبي للعمل لساعات متواصلة، وتعريض نفسه ‏وعائلاته للخطر، مع تفشي وباء “كورونا”، وتسجيل نحو 500 حالة يومياً منذ أسابيع. فبدل أن ‏يتلقى هؤلاء حوافز ومكافآت، كما هو حاصل في كل دول العالم لحضهم على مواصلة الوجود ‏في الصفوف الأمامية لمواجهة الفيروس وتفشيه، شملت الإجراءات التقشفية التي اتخذتها ‏المؤسسات الخاصة للصمود في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية المتعاظمة، القطاع الطبي، ما ‏دفع المئات من العاملين فيه لتقديم طلبات للهجرة والاستجابة لطلبات توظيف سابقة وصلت عبر ‏وزارة الخارجية من دول كإنجلترا وكندا.‏

ويكشف نقيب الأطباء البروفسور شرف أبو شرف، عن تقدم مئات الأطباء من النقابة لطلب ‏ملفاتهم وإفادات استعداداً لمغادرة البلاد، منبهاً لكارثة حقيقية في حال استمر النزيف الحاصل في ‏القطاع الطبي. ويشير أبو شرف إلى تهافت دول أوروبا وأميركا، كما الدول العربية المجاورة، ‏على توظيف الأطباء والممرضين اللبنانيين، وكل العاملين في القطاع الاستشفائي، نظراً ‏لمستوياتهم العلمية وخبراتهم الكبيرة، إضافة للاندفاع في العمل، لافتاً في تصريح لـ”الشرق ‏الأوسط”، إلى أن الأزمات المتشابكة المالية والاقتصادية والمصرفية انعكست على العاملين في ‏هذا القطاع، وعلى عوائلهم، كما أن الشركات التي كانت تساهم بسفر الأطباء للمشاركة في ‏مؤتمرات طبية في الخارج أحجمت عن ذلك في الفترة الماضية بسبب الأزمة، كل ذلك دفع ‏الأطباء للبحث عن فرص عمل خارج لبنان لتأمين مستوى معيشة أفضل، والأهم الأمان ‏والاستقرار لعائلاتهم.‏

ويوضح أبو شرف أن أعداداً كبيرة من الأطباء العاملين في المستشفيات الجامعية في بيروت من ‏بين من بدأوا إجراءات الهجرة، مشدداً على “انكباب النقابة للتصدي لهذه الظاهرة، وتحسين ‏ظروف العمل، لكن الوضع صعب جداً بغياب الحد الأدنى من الحقوق والحماية، وتقاضي بدل ‏الأتعاب بعد سنوات، إضافة لغياب الضمان بعد التقاعد”. ويضيف: “تقدمنا مؤخراً باقتراح قانون ‏لتأمين الحصانة للطبيب وحمايته أثناء أداء مهنته، كما نعمل على جوانب أخرى، لكن التطورات ‏الكثيرة والمتلاحقة، آخرها انفجار المرفأ، وما ألحقه من أضرار كبيرة بمستشفيات في العاصمة ‏فاقم المشكلة”.‏

ويخطط إلياس نقولا، رئيس قسم غسيل الكلى في مستشفى “المشرق”، للهجرة للانضمام إلى ‏المئات من زملائه الآخرين. ويؤكد لـ”الشرق الأوسط”، أن هناك نحو 5 آلاف طبيب تركوا لبنان ‏منهم ما بين 500 و600 خلال الأشهر القليلة الماضية. ويشير نقولا الذي يحمل إلى جانب ‏جنسيته اللبنانية الجنسية الفرنسية، ما يسهّل هجرته إلى فرنسا، إلى أن الأسباب الرئيسية التي ‏تؤدي لهجرة العاملين في هذا المجال، التأخير الكبير الحاصل في قبض المستحقات، “فمثلاً نحن ‏نتقاضى في عام 2020 مستحقات 2018 بعد أن فقدت العملة قيمتها مقابل الدولار، هذا إضافة ‏إلى احتجاز أموالنا في المصارف، وبحثنا عن مستقبل آمن لعائلاتنا”.‏

وينتسب لنقابة الأطباء في بيروت 12 ألفاً و500 طبيب مسجلون يزاولون المهنة، إضافة لألفين ‏و500 طبيب في مناطق الشمال. ويبلغ عدد الممرضين والممرضات المسجلين في النقابة 16 ‏ألفاً يواجهون التحديات نفسها التي يواجهها الأطباء. وتتحدث نقيبة الممرضين والممرضات ‏الدكتورة ميرنا أبي عبد الله ضومط، عن عشرات الطلبات التي تصلها من المنضوين في النقابة ‏للحصول على إفادة انتساب تطلبها المؤسسات الصحية والمستشفيات في الخارج، لافتة إلى أن ‏هجرة العاملين في القطاع بلغت مستويات غير مسبوقة نتيجة الرواتب المنخفضة، أو عدم ‏تقاضي الرواتب، والإجازات غير المدفوعة، إضافة لظروف العمل غير الآمنة والسليمة.‏

وتشير ضومط، في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، إلى استقطاب دول مثل بلجيكا وإنجلترا وكندا ‏وقطر العدد الأكبر من العاملين في القطاع، مرجحة أن يزداد عدد المهاجرين من الممرضين مع ‏فتح بلدان أخرى مطاراتها قريباً، مضيفة: “هناك طلبات رسمية وصلتنا عبر وزارة الخارجية ‏من إنجلترا وكندا لتوظيف ممرضين وممرضات لبنانيين. فالعالم بحاجة حتى عام 2030 لـ9 ‏ملايين ممرضة وممرض، فبدل أن نحافظ عليهم هنا في لبنان لا نقوم بأي شيء لتحسين ظروف ‏عيشهم للبقاء في بلدهم”.‏

وأصدرت نقابة الممرضات والممرضين في لبنان، الجمعة، بياناً دقت من خلاله ناقوس الخطر، ‏ونبهت فيه لـ”تكاثر هجرة اليد العاملة التمريضية ذات الكفاءة العلمية والخبرات بحثاً عن ظروف ‏عمل خارج لبنان، وهذا أمر يدعو إلى القلق على مستقبل الصحة في لبنان ومستقبل المهنة”.‏‎ ‎



الشرق الأوسط