أخبار لبنان

حبل العقوبات يضيق.."وصل الموس للدقن‎"!

تم النشر في 9 أيلول 2020 | 00:00



المصدر: نداء الوطن



بينما كان اللبنانيون يتندّرون على ما وصل إليه عُسر الحال في البلاد من خلال التداول بخبر ‏الرسالة التي خطّها رئيس الجمهورية ميشال عون لنظيره السريلانكي مثمناً معونة "الشاي ‏السيلاني" التي تولت دوائر قصر بعبدا توزيعها على عائلات الحرس الجمهوري، سرعان ما ‏انقلبت الصورة من هزلية إلى جدّية على الساحة الداخلية مع نزول خبر فرض عقوبات على ‏إثنين من "صقور" 8 آذار كالصاعقة على رؤوس السلطة. فإدراج الخزانة الأميركية إسمين ‏من الصف القيادي الثاني ضمن فريق حلفاء "حزب الله" زلزل أرضية قوى الثامن من آذار ‏و"خلخل" على وجه الأخص أحد مفاصل "الخليلين" المعاونين لرأس الهرم في هذه القوى، ‏حتى أتت معاقبة علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، بما ومن يمثلان، لتكون بمثابة مؤشر ‏على أنّ حبل الخناق بدأ يضيق حول عنق الطبقة الحاكمة بعدما "وصل الموس للذقن" ‏بالأمس، لتبدأ عملياً الرؤوس الكبيرة على ضفة أعوان "حزب الله" وحلفائه حبس الأنفاس ‏وتحسّس الرقاب بانتظار اتضاح من ستشمله مقصلة العقوبات في جولاتها وصولاتها التالية‎.

عملياً، وعلى فداحة الخسائر المعنوية التي ألحقتها بمحور 8 آذار، أصبحت الأنظار متجهة لما ‏بعد بعد العقوبات على فنيانوس وخليل باعتبارها ليست سوى فاتحة الأسماء الوازنة في كفة ‏حلفاء "حزب الله"، ليليها في الأسابيع المقبلة إدراج أسماء أخرى من "أكبر رموز الفساد في ‏لبنان من حلفاء الحزب" وفق التأكيدات الأميركية التي توالت ليلاً على أكثر من مستوى في ‏واشنطن مواكبةً للحدث الجلل الذي أصاب صميم قوى 8 آذار أمس، وسط تعمّد الخزانة ‏الأميركية التشهير بوزيري المالية والأشغال السابقين باعتبارهما "متورطين بعمليات فساد". ‏وأوضحت "الخزانة" أنّ فنيانوس كوزير للنقل والأشغال العامة ساعد "حزب الله" لسحب ‏الأموال من الميزانيات الحكومية لضمان فوز شركات مملوكة من قبل الحزب بمناقصات ‏لعقود حكومية لبنانية تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، وتلقى في المقابل من "حزب الله" مئات ‏آلاف الدولارات مقابل خدمات سياسية، فضلاً عن مساعدته الحزب في الوصول إلى وثائق ‏قانونية حساسة تتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان". أما خليل فعمل كوزير للمالية على "نقل ‏أموال من الوزارات الحكومية إلى المؤسسات المرتبطة بـ"حزب الله" بطريقة يتجنب من ‏خلالها العقوبات الأميركية، وأعفى أحد المنتسبين للحزب من دفع ضرائب ورفض في المقابل ‏توقيع شيكات مستحقة لموردين حكوميين طالباً الحصول على عمولات ونسب من العقود‎".

وبناءً عليه، وضع كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية عقوبات الأمس في إطار كشف ‏النقاب عن كيفية "تورط السياسيين اللبنانيين في الفساد والتآمر مع حزب الله". ورأى وزير ‏الخارجية الأميركية مايك بومبيو أنّ فنيانوس وخليل "فاسدان أساءا استخدام مناصبهما لتقديم ‏دعم مادي للحزب"، في وقت سارع مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ‏ديفيد شينكر إلى التشديد على وجوب اعتبار سلة العقوبات الجديدة بمثابة "رسالة إلى كل من ‏يتعامل مع حزب الله"، مفادها أنّ "العقوبات ستتواصل على كل من يوفر دعماً ومساعدة ‏للحزب، وعلى حلفائه أن يعرفوا أننا سنلاحقهم في المستقبل والضغوط ستزيد‎".

وإذا كانت الساعات المقبلة ستعكس في طياتها كيفية تلقف قوى 8 آذار لهزّة العقوبات ‏وارتداداتها على الملفات الداخلية، فإنّ أغلب الظن يجنح نحو استبعاد أن يكون للمعطى ‏المستجد انعكاسات سلبية على ملف تأليف الحكومة، لا بل قد يشكل بحسب ما أعربت مصادر ‏متابعة لـ"نداء الوطن" قوة دفع حاسمة نحو الالتزام بسقف المبادرة الفرنسية لعدة أسباب ‏أبرزها "الخشية من أن يلاقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأميركيين في فرض ‏عقوبات أوروبية موازية للعقوبات الأميركية على حزب الله وحلفائه في حال تعطيل مبادرته ‏الحكومية، وعدم رغبة رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في الإقدام ‏على أي "دعسة ناقصة" تسبق صدور سلة العقوبات الأميركية المقبلة، ربطاً بما شكلته ‏عقوبات الأمس من مؤشر حاسم يؤكد ألا "خيمة" فوق رأس أي طرف أو جهة أو حزب أو ‏تيار من حلفاء حزب الله‎".

وفي الغضون، يواصل الرئيس المكلف مصطفى أديب شق طريقه بخطوات ثابتة على سكة ‏التأليف ملتزماً أصول الدستور والمشاورات في عملية تشكيل الحكومة بعيداً عن أعراف ‏و"خزعبلات" الطبقة السياسية الحاكمة، وهو في هذا السياق بدا بالأمس حريصاً على ‏بروتوكول التشاور مع رئيس الجمهورية من خلال زيارته قصر بعبدا لوضع عون في أجواء ‏الجهود التي يبذلها لولادة الحكومة العتيدة لكن "من دون أن يحمل معه أي مسودة حكومية أو ‏تشكيلة أولية إلى القصر الجمهوري" وفق ما أكدت مصادر مطلعة على أجواء الزيارة لـ"نداء ‏الوطن"، مشيرةً إلى أنّ أديب تداول مع عون "بأفكار وعناوين معينة ينوي جوجلة الآراء ‏إزاءها تباعاً مع الكتل النيابية خلال الأسبوع الجاري ليعود إلى عقد لقاء آخر مع رئيس ‏الجمهورية نهاية الأسبوع لإطلاعه على حصيلة المشاورات". ونقلت المصادر عن الرئيس ‏المكلف أنه "متفائل ليس لأنّ طريقه مفروش بالورد بل لأنّه يعول على التزام الأفرقاء ‏السياسيين بالوعود التي قطعوها للرئيس الفرنسي"، مؤكدةً أنّ "البحث لم يصل بعد إلى مرحلة ‏توزيع الحقائب إنما يتمحور حالياً حول المعايير الواجب اعتمادها في تشكيل الحكومة‎".

وفي المقابل، لا تخفي أوساط مواكبة لأجواء الرئاسة الأولى "توجس" عون من مقاربة أديب ‏لملف تشكيل الحكومة بشكل أحادي لا يلتزم أصول الشراكة الدستورية في التأليف بين ‏الجانبين، ونقلت لـ"نداء الوطن" أنّ رئيس الجمهورية لن يقبل بأن يكون "آخر من يعلم" ‏بتشكيلة الحكومة التي سيوقع على مرسوم تأليفها ولا يمكن الرهان على إمكانية وضعه أمام ‏‏"تشكيلة أمر واقع"، وعليه لا بد من عقد لقاء آخر نهاية الأسبوع بينه وبين الرئيس المكلف يتم ‏خلاله التباحث في "مسودة الأسماء والحقائب" قبل تبنيها نهائياً في زيارة لاحقة لتقديم التشكيلة ‏النهائية إلى رئيس الجمهورية، موضحةً في هذا السياق أنّ عون لا يزال عند رأيه "بضرورة ‏توسيع التشكيلة الوزارية لتبلغ أقله 20 وزيراً على شاكلة التركيبة العددية لحكومة حسان ‏دياب، من دون استثناء إمكانية اعتماد المداورة في الحقائب وتطعيم الحكومة بأبعاد سياسية لا ‏تتعارض مع طبيعتها الاختصاصية إنما تهدف إلى تأمين مظلة سياسية داعمة لمهمتها ‏الإصلاحية‎